بسبب استقلاله المنقوص، عانى المغرب ويعاني بسبب عدم استكمال وحدته الترابية. في الجنوب هناك مشكل الصحراء التي هي موضوع نزاع مستمر مع جبهة البوليساريو وفي الشمال هناك ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة من قبل إسبانيا، إضافة إلى المصير الغامض لأجزاء من ترابه على الحدود الشرقية مع الجزائر رغم اتفاق 1972. بخصوص الصحراء، يواجه المغرب تهديدات موضوعية، وجهت سياسته الأمنية خاصة، والخارجية عامة، منذ اندلاع النزاع، حيث وقع تحول في طريقة تدبيره لهذا الملف بين المرحلة التي عرفت نزاعا مسلحا ومواجهات عسكرية على الأرض مع عناصر جبهة البوليساريو، والمرحلة التي تلتها وتميزت بالمواجهة الدبلوماسية والسياسية المستمرة بشكل يكاد يكون يوميا مع الجهة نفسها ومن ورائها الجزائر. أما في الشمال، فإن ملف سبتة ومليلية يبدو جامدا منذ آخر مرة (الثمانينات) دعا فيها الملك الراحل الحسن الثاني إلى تشكيل لجنة حوار استراتيجي بين البلدين من أجل إيجاد حل لمصير المدينتين، ورفضت إسبانيا ذلك، لكن يبدو أن المغرب لا يريد أن يفتح جبهة أخرى للمواجهة اليومية مع إسبانيا كما هو الحال مع الجزائر، ولذلك لم يتقدم نحو طرح المشكل على طاولة التفاوض أو عرضه على الأممالمتحدة بوصفه ملفا لتصفية الاستعمار. لماذا تشكل هذه القضية تهديدا؟ خطورة هذا السؤال لا تتضح كلها إلا حين يُطرح سؤال آخر وهو: «ماذا لو فقد المغرب صحراءه؟»، الإجابة الأولية أن مناطق أخرى ستلتحق بها ومن تم يتشتت المغرب، أما المسكوت عنه فهو أن النظام السياسي القائم سيفقد أساس شرعية وجوده. بالرغم من خطورة هذا التهديد المتعلق بالوحدة الترابية على الاستقرار والسيادة ووحدة التراب الوطني، فإن إبراهيم اسعيدي، مختص في الدراسات الأمنية والدفاعية، يرى أنه يفرض «تهديدات ذات طبيعة سياسية وليست عسكرية». ويضيف أن النزاع حول الصحراء بالأساس يُبقي باستمرار «الحدود متوترة» مع الجزائر، التي تفرض «حالة حرب» مستمرة. لكن هل يمكن أن يصل «التوتر الدائم» مع الجزائر إلى اشتعال حرب؟ يبدو هذا مستبعدا حاليا، من جهة، لأن النظام السياسي في المغرب ونظيره الجزائري ليس من مصلحتهما قيام حرب كلاسيكية مدمرة بينهما، ومن جهة ثانية لأن القوى الكبرى التي لها مصالح في المنطقة، وخاصة فرنسا وأمريكا، ستمنعان أية حرب ولن تسمحا بها. اسعيدي أثار مجددا النزاع الذي حدث حول «جزيرة ليلى» سنة 2002، حين تفرغ وزير الخارجية الأمريكي حينها، كولن باول، للملف على مدى 48 ساعة من أجل التوصل إلى حل، وعدم السماح بمزيد من التوتر «بين بلدين صديقين لأمريكا»، على حد قوله. رغم استبعاد الحرب إلا شبحها يظل قائما. ويفرض استمرار نزاع الصحراء بدون حل مواجهة دبلوماسية وسياسية وحقوقية مفتوحة ويومية بين المغرب والجزائر، تتطلب كثيرا من الجهد والضبط والمال، حيث ابتلعت الصحراء أزيد من 100 مليار دولار، وفق بعض التقديرات، كما تفرض سباق تسلح معلن سبق أن حذرت من عواقبه الوخيمة الأممالمتحدة سنة 2008 في بيان شهير، وهو وضع صعب يؤثر على أولويات التنمية والديمقراطية.