عاد ملف الغازات السامة ليطفو من جديد على ساحة النقاش بمنطقة الريف، فبعد فترة من "الهدنة" والصمت، كشف "مركز النكور من أجل الثقافة والحرية والديمقراطية"، عن مراسلة جديدة قال بأنه وجهها إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران. المراسلة التي توصلت "اليوم24" بنسخة منها ذكرت بأن سكان الريف يتساءلون عن "عدم اهتمام الحكومات السابقة بهاته الجرائم ضد الإنسانية"، وسكوتها عن موضوع "خطير مثل هذا". وأكدت نفس المراسلة أن الحكومة الحالية مطلوب منها إبداء "جرأتها السياسية"، من خلال فتح ملف "استعمال الغازات السامة "، و معالجته مع كل الأطراف المعنية سواء مع الدولة الإسبانية و الفرنسية أو ألمانيا التي مولت هذه الحرب، معتبرة أن إقدام بن كيران على هذه الخطوة "سيقطع الطريق على كل المزايدات السياسوية التي تحاول المتاجرة بهذا الملف". في هذا السياق قال أشرف بقاضي رئيس المركز أن المراسلة تأتي ك"تذكير بالجرائم التي ارتكبتها اسبانيا وشركائها في الريف والتي لا يشملها مبدأ التقادم"، قبل أن يؤكد في تصريح اليوم24" أن انعكاسات هاته الجرائم مازالت مستمرة في وقتنا الحالي، "نظرا للانتشار الكبير للأمراض السرطانية بالريف، والتي يرجح قيام علاقة سببية بين استعمال الغازات السامة، وانتشارها بسبب الانتقال الوراثي وبفعل التشوهات الجينية"، وفي هذا الجانب فإن هذه الفرضيات يقول بقاضي "تزكيها تقارير علمية صادرة عن المعاهد و المنظمات الدولية، كمعهد ليون بفرنسا و منظمة الصحة العالمية حيث أثبتت علميا بأن الأسلحة الكيماوية مسببة للسرطان". وكشف نفس المتحدث أن فتح هذا الملف بشكل رسمي من جانب الحكومة المغربية، سيمكن من "التأسيس لبناء علاقة قوية وإستراتيجية بين الدولتين التي حكم عليهما بالجوار الأبدي"، وكذلك لمعالجة كافة القضايا المتعلقة بالذاكرة المشتركة وتنقيتها من كل "ما من شانه أن يؤثر سلبا على تطورها". هذا وأعتبر بقاضي أن الذاكرة الجماعية والمشتركة المغربية الاسبانية لا تزال تحتفظ بسيناريوهات الأحداث المؤلمة عن الجرائم التي اقترفتها اسبانيا وفرنسا ومساندة وتعاون مشترك ألماني "بدون أية شرعية ولا موجب قانون الحرب"، ومن هذا اعتبر أن الدول القاصفة للغازات الكيماوية السامة "تتحمل مسؤولية أخلاقية جنائية مدنية في ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية والذي كان الريف مسرحا لهاته الجريمة الكيماوية ".