أعادت تعليمات الملك محمد السادس لمراجعة مناهج وبرامج التربية الإسلامية، الجدل بين الإسلاميين والعلمانيين حول المضامين الدينية، التي ينبغي أن يتلقاها التلاميذ في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. الريسوني يصل إلى القطيعة مع السعودية ويتهم ملكها بدعم الإرهاب وفي هذا الصدد، نشر الصحافي، خالد الجامعي، مقالا على موقع "الأول" بعنوان "من يزرع الوهابية يحصد داعش"، هاجم فيه مضامين التربية الإسلامية، التي تلقن للتلاميذ في المدارس. وقال خالد الجامعي في مقاله: "أزيد من ألف ساعة من التعليم في مادة التربية الإسلامية، تلك التي يتلقاها، أو بالأحرى "يتعرض" لها التلميذ المغربي على امتداد فترات تمدرسه، منذ التعليم الأولي إلى غاية الباكالوريا. تعليم يضطلع في معظم الأحيان بتلقيه للتلاميذ، معلمون معظمهم متخلفون، ومحافظون متأثرون بالفكر الوهابي". واعتبر الجامعي أن مضامين التربية الإسلامية، التي يتلقاها التلاميذ تكرس إسلاما غير متسامح، واصفا إياه بالإسلام الذكوري المفتول العضلات، والمعادي للنساء والمتشبع بالكره، ويدعو إلى تطبيق صارم للشريعة، قبل أن يصف الشريعة بأنها صنيعة إنسانية في جلها، وأكل عليها الدهر وشرب، بحدودها الهمجية، التي تنتمي إلى عصر مضى. وكحل للتخلص مما وصفه بالشريعة الهمجية، دعا الجامعي إلى إصلاح أساسي وشامل للتعليم على غرار ذلك، الذي قاده محمد الشرفي في تونس، مبرزا أنه أسس لمشروعه الإصلاحي على مستوى مضامين البرامج التعليمية، والمقررات المدرسية، وتكوين المعلمين. مقال خالد الجامعي لم يرق أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الذي رد عليه بمقال ناري بعنوان "التربية الإسلامية.. حرقوها وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين"، نشره الموقع الإلكتروني لحركة التوحيد والإصلاح. واعتبر الريسوني أن مقال الجامعي "لم يذكر مثالا واحدا، ولا فكرة واحدة، ولا جملة واحدة، من المضامين والأوصاف، التي رمى بها مادة التربية الإسلامية، ولم يذكر أي نموذج من وهابيتها وداعشيتها المزعومة، ولم يبرهن ولو على واحد في المائة من هذيانه وهيجانه ضد التربية الإسلامية"، مضيفا أن مقاله "خصصه فقط للهجاء والسب واللعن في حق التربية الإسلامية وأصلها وفصلها وأهلها". وقال الريسوني إن الجامعي أورد ثلاثة "أحاديث نبوية"، اثنان منها مكذوبان على نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن معناهما لا إشكال فيه. والثالث حَرَّف مضمونه. وكشف الريسوني أن الحديث المكذوب الأول هو: "لا ترتموا على نسائكم كالبهائم، بل اجعلوا بينكم وبينهم رسولاً، فقيل: وما هو الرسول يا رسول الله، فأجاب: القبلة". والحديث المكذوب الثاني فهو: "اطلبوا العلم ولو في الصين". فليس أي منهما حديثا نبويا. أما الحديث الثالث المحرف، فيتعلق بما يعرف ب"حلف الفضول"، وهو حلف تداعى إليه وعقده عدد من نبلاء مكة قبيل البعثة المحمدية، وتحالفوا فيه على نصرة كل من يُظلم ويُعتدى عليه في بلدهم. قال كاتب المقال: "وقد نال هذا التعاقد إعجاب النبي محمد، الذي أقر بأنه ودّ لو كان قد شارك فيه". والحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان فعلا أحدَ المشاركين فيه قبل بعثته، ثم قال عنه بعد البعثة: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حُمْرَ النَّعم. ولو أُدْعَى به في الإسلام لأجبت». وحول دعوة الجامعي إلى نسخ تجربة محمد الشرفي، وزير التعليم في عهد زين العابدين بنعلي، وجه الريسوني أسئلة مباشرة للجامعي بقوله: "لماذا الأجيال التي تخرجت من المشروع السياسي والثقافي والتعليمي للشُّرفي، وتشَرَّبته من الروض إلى الجامعة، لماذا هم الأكثر إقبالا على داعش، وهم الأشد تطرفا وهمجية، سواء في العراق وسوريا، أو في تونس نفسها؟ لماذا تونس هي الأكثر إنتاجا للشباب العربي الداعشي؟ أين ذهب التنوير الحداثي اللاديني لصاحبك ونموذجك؟ أليس قد أنار للشباب التونسيين شيئا واحدا، هو الطريق إلى الداعشية"؟، يتساءل الريسوني. وختم الريسوني مقاله بتأكيد أن "الإرهابيين لا يأتون من الأزهر، أو شعب الدراسات الإسلامية، أو دار الحديث الحسنية، بقدر ما يأتون من الفيزياء والكيمياء والهندسة، وأكثر من هذا وقبله: يأتون من القهر، والبؤس، واليأس، ومن التطرف اللاديني، ومن سحق القيم والأخلاق، وإبطال مفعولها"، على حد تعبيره.