في تطور جديد ومثير للقضية التي يتهم فيها أمنيون بالتعذيب، والتي خرجت، أخيرا، من مخافر شرطة فاس، علم "اليوم 24" من مصدر قريب من التحقيق أن الشاب، الذي تعرض للتعذيب، قدم تنازلا عن شكايته وحقه في متابعة ثلاثة رجال أمن متهمين بتعذيبه، وإدخال عصا في مؤخرته، وذلك بعد اتفاق صلح جرى بين الطرفين. وأضاف المصدر ذاته أن دفاع الأمنيين الثلاثة المتهمين سلم التنازل لقاضي التحقيق والنيابة العامة، خلال مثولهم أمام جلسة التحقيق التفصيلي، أمس الأربعاء، بالمحكمة الابتدائية، حيث سارع محامي مفتش الشرطة الممتاز، المتهم الرئيس المعتقل بسجن عين قادوس، إلى تقديم ملتمس السراح المؤقت أمام قاضي التحقيق، بناء على تنازل الشاب المشتكي، فيما أجل القاضي النظر في الملتمس إلى الأسبوع المقبل. وشهدت جلسة التحقيق التفصيلي أجواء ساخنة، أجرى فيها قاضي التحقيق مواجهة ما بين الأمنيين الثلاثة المتهمين، وسبعة شهود من مصرحي محاضر الشرطة، من بينهم ثلاثة أمنيين كانوا يوم الحادث في المداومة بالمنطقة الأمنية الرابعة بحي بنسودة، إضافة إلى أربعة شبان اعتقلوا معية الضحية بتهمة السكر العلني، حيث دافع الأمنيون عن براءة زملائهم من المنسوب إليهم، فيما اكتفى الشبان الموقوفون حينها بمخفر الشرطة، بالتصريح أمام قاضي التحقيق بأنهم سمعوا صراخ الضحية وعاينوا محاصرة الأمنيين الثلاثة له، وتصفيد يديه لشل حركته، وإرغامه على الصمت، لكنهم تراجعوا عن شهادتهم التي قدموها أمام وكيل الملك، حين كشفوا للنيابة العامة أن الأمنيين عذبوا الشاب وأنهوا طقس تعنيفه بإدخال عصا في مؤخرته. من جهتهم، نفى الأمنيون الثلاثة المتهمون واقعة تعذيبهم للشاب وهتك عرضه بواسطة عصا، حيث قدموا لقاضي التحقيق رواية مخالفة لما اتهمهم به الضحية، والتي جاء فيها أن "الشاب تم توقيفه في الشارع العام بتهمة السكر العلني وإحداث الضوضاء، واقتيد في حالة سكر بيّن إلى مقر المداومة بمخفر الشرطة بالمنطقة الأمنية الرابعة ببنسودة، غير أن الموقوف ظل يصرخ، وحاول لطم رأسه بطاولة المكتب، مما دفع الأمنيين الثلاثة، بحسب روايتهم، إلى تصفيد يديه وانتظار وصول رئيس الدائرة، الذي باشر عملية الاتصال بوكيل الملك، وإيداع المتهم زنزانة المحروسين نظريا بأمر من النيابة العامة"، وأضاف الأمنيون أنهم بعد انقضاء مدة مداومتهم، غادروا مكان عملهم، ليفاجأوا في صباح اليوم الموالي أن الشاب يتهمهم بتعذيبه وهتك عرضه بواسطة عصا. رواية الأمنيين الثلاثة تعاكس تصريحات الضحية أمام وكيل الملك وقاضي التحقيق قبل تنازله عن الشكاية، حيث كشف للمحققين أن المتهمين وبعد أن أوسعوه ضربا واستغلوا سكره، قام الشرطي من فرقة الدراجين «م- م» بإرغامه على الوقوف، حيث أمسكه بمساعدة زميله المفتش الممتاز «أ- ر» من كتفيه وطلبا منه الانحناء، مما مكن زميلهما المفتش الممتاز والمتهم الرئيسي، « م-ع»، من إحضار عصا «كراطة»، وإدخلها في مؤخرة الشاب، مما تسبب للضحية بآلام شديدة في الدبر، دفعته إلى الصراخ بشكل هستيري، حيث تدخل شبان كانوا معه بالزنزانة بعد أن اشتدت حالته الصحية، وأخبروا شرطي المداومة ليتم نقله إلى المستشفى. وفي نهاية جلسة التحقيق التفصيلي، أمس الأربعاء، قرر قاضي التحقيق إنهاء أبحاثه في هذه القضية، حيث ينتظر أن يحيل الملف على وكيل الملك لتقديم مستنتجاته وطلبات النيابة العامة، قبل إصدار قرار الإحالة وعرض الأمنيين الثلاثة على المحاكمة، أو إسقاط المتابعة عنهم جزئيا أو كليا، يقول مصدر قريب من التحقيق. ويشار إلى أن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بفاس كانت وراء إيداع المتهم الرئيس في هذا الملف، مفتش الشرطة الممتاز، سجن عين قادوس رهن الاعتقال الاحتياطي، بعد أن تابعه قاضي التحقيق في حالة سراح بكفالة 5 آلاف درهم، فيما رفعت الغرفة من قيمة مبلغ الكفالة المفروضة على شرطي فرقة الدراجين إلى مبلغ 20 ألف درهم، وفرض المراقبة القضائية على المتهم الثالث.