سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تطورات مثيرة في قضية التعذيب ب«الكراطة» التي أسفرت عن اعتقال مفتش شرطة المحكمة الابتدائية بفاس تقرر عدم الاختصاص ومحكمة الاستئناف تعلن عن إجراء المواجهة
في تطور لافت، رفض قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، المكلف بالبحث في ملف «الكراطة»، الذي تفجر في الدائرة الأمنية لبنسودة، نهاية شهر أكتوبر الماضي، منح السراح للشرطي المتهم الرئيسي في القضية، رغم أن «الضحية» المعروف بلقب «حريرة» قد أقدم، في خطوة مثيرة، على توقيع تبرئة للمتهم، بحضور والدته، وشاهدين آخرين، وتحدث في شريط فيديو مصور على أن الشرطي المتهم «بريء» من تهمة إدخال «كراطة» في دبره ليلة اعتقاله في حالة تلبس بالسكر العلني، وإدخاله إلى زنزانة الدائرة الأمنية رهن تدابير الحراسة النظرية، بتعليمات من النيابة العامة، وقال «حريرة» إنه يعاني من «البواسر»، وأضاف أنه تعرض لأضرار نفسية جراء وفاة شقيق له على إثر مطاردته سابقا من قبل رجال الشرطة للقبض عليه، قبل أن يسقط من أعلى منزل، ويتوفى. لكن محكمة الاستئناف التي أحيل عليها ملف «الكراطة» من قبل المحكمة الابتدائية التي قضت بعدم الاختصاص، لم تأخذ بعين الاعتبار هذه التطورات، وقررت الإبقاء على الشرطي رهن الاعتقال في السجن المحلي عين قادوس، مع متابعة شرطيين آخرين في حالة سراح، أحدهما بكفالة مالية، وإغلاق الحدود في وجهيهما، وإجبارهما على الخضوع لإجراءات المراقبة القضائية. وأظهرت تحريات باشرها قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية، قبل أن يغلق الملف لعدم الاختصاص، تناقضات في تصريحات «الضحية». وأكد شاهدان كانا مع «حريرة» في الزنزانة، أثناء الاستماع إليهما، أنهما كانا في حالة سكر أثناء تواجدهما في مخفر الشرطة، ولم يتبين لهما ما إذا كان الشرطي المتهم هو نفسه الذي ارتكب الاعتداء في حق «الضحية» الذي سبق له أن أخضع لفحص سريري أظهر عليه آثار جروح على مستوى دبره. ونفى الشرطي المعتقل أثناء الاستماع إليه تهمة تعذيب «الضحية» في مخفر الشرطة، وقال إن الأخير كان في حالة هستيرية، حيث بدأ في توجيه اتهامات لجهاز الأمن كونه من تسبب في قتل شقيقه. وتدخلت عناصر للشرطة كانت في المداومة للسيطرة عليه وتصفيده، وأضاف أن «الضحية» كان يتوعد بالانتقام لشقيقه. وفي الوقت الذي أكد فيه تقرير ثلاثة أطباء تابعين للمستشفى الإقليمي الغساني ، بعد نقل «الضحية» إليه للعلاج، أن الفحوصات السريرية التي أجريت تؤكد أنه أصيب بكدمة زرقاء اللون بمؤخرته، ووجود ناسور شرجي خارجي لديه، فإن أحد المسؤولين الأمنيين في المنطقة، أكد في تقرير له أنه لم يلحظ أي شيء غير عادي على المشتكي، ولم يخبره بتعرضه لاعتداء من طرف عناصر المداومة أثناء اقتياده في اتجاه الزنزانة، قبل أن يتم إشعاره في اليوم الموالي بأن المشتكي يشعر بآلام في دبره وأنه يرغب في أن يعرض على الطبيب. وكشفت المصادر أن المواجهات التي أجراها قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية قد كشفت عن تناقضات في التصريحات، حيث تمسك رجال الأمن الثلاثة المتهمون بإنكار تورطهم في إساءة معاملة «ضيفهم» في مخفر الشرطة، ونفى جل الشهود الذين حلوا «ضيوفا» في الزنزانة أن يكون قد شاهدوا عناصر أمن وهم يدخلون العصا في دبر «الضحية»، واكتفى أحدهم بالقول إنه شاهد الدم في تبان المشتكي دون معرفة مصدره، في حين أكد «الضحية» تصريحاته السابقة، وقال إن الشرطي المعتقل هو الذي عرضه للاعتداء وقام بإدخال العصا في دبره، وقد ساعده شرطي لم يتعرف عليه في إنزال سرواله، وأضاف أن الأصفاد كانت تمسكه بشدة وأنه تم إيلاج العصا في دبره في وضعية وقوف ثم انبطاح، لكنه قرر التنازل لفائدة المتهمين، قبل أن يدلي بوثيقة «تبرئة من شكاية»، أكد فيها رفقة والدته، وبحضور شاهدين، أنه وهو في كامل وعيه وقواه العقلية والصحية، قد برأ الشرطي المتهم وتنازل تنازلا نهائيا لا رجعة فيه عن التهمة التي وجهها له، قبل أن يزيد في توابل الإثارة، موردا بأنه قد اتهم الشرطي عن باطل، لأنه كان في حالة سكر ونظرا لظروفه النفسية التي نجمت عن وفاة شقيقه على إثر مطاردته من طرف السلطة، الأمر الذي دفعه للقيام بهذا التصرف. ونفى «الضحية» أن يكون الشرطي المتهم قد ارتكب أي اعتداء في حقه. وقرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف، بعدما رفض السراح المؤقت للشرطي المعتقل، تأجيل النظر في القضية إلى 20 يناير الجاري، بغرض إجراء مواجهة مباشرة بين الشرطي المتهم في قضية «الكراطة» وبين الشاب الذي فجر القضية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته، وهي الجلسة التي يرتقب أن تكون حاسمة في ملف القضية.