لازالت الدعوى التي رفعها فوزي لقجع، مدير الميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية ورئيس الجامعة الملكة لكرة القدم، ضد توفيق بوعشرين، مدير "أخبار اليوم"، والتي يطالب فيها بمنعه من الكتابة عشر سنوات وتغريمه مليون درهم، تثير الاستنكار والاستغراب، بحيث انتقد عدد من الصحفيين والحقوقيين والسياسيين، على شبكات التواصل الاجتماعي، تضمين شكوى قضائية المطالبة بالمنع من الكتابة في حق صحفي، معتبرين ذلك مسا صريحا بحرية التعبير واستدعاء لسنوات التضييق، وترهيبا مرفوضا، قبل أن يعلنوا تضامنهم مع مدير "أخبار اليوم". وفي هذا السياق، تساءلت أمنة ماء العينين، البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية: "كيف يطلب مسؤول من القضاء منع صحفي من النشر 10 سنوات؟ ألم نتعظ من واقعة علي المرابط والحكم القضائي الذي أضحك علينا العالم؟ متى يفهم المسؤولون في هذا البلد أن الزمن غير الزمن والوعي غير الوعي؟ متى يفهمون أن مواقع التواصل الاجتماعي وحدها قادرة على تعبئة رأي عام جديد و مؤثر". وأضافت: "دعوا عنكم بوعشرين وانظروا إلى بقعة السواد وليس للأصبع الذي أشار إليها.. نتمنى أن يكون قضاؤنا في مستوى اللحظة وأن يمارس استقلاليته في اللحظات الحقيقية التي توضع هذه الاستقلالية على المحك". وعبرت المتحدثة عن تضمنه مع الصحفي والجريدة بقولها: "كل التضامن مع "أخبار اليوم" وتوفيق بوعشرين والصحافة الحرة المهنية مهما كان اختلافنا معها ومع خطها التحريري… دعم حرية الصحافة كما دعم الديمقراطية يجب أن يظل اختيارا مبدئيا بغض النظر عن توجهاتها ومخرجاتها". وذكرت ماء العينين أنه ب"دون حرية صحافة لا يمكن تعبئة الرأي العام لانتزاع المكاسب الديمقراطية، وبدون صحافة حرة تغيب المعلومة وينخفض مستوى الوعي العام، وبدون حرية الصحافة يخفت نفس النضال". وأوضحت المتحدثة أن خنق الصحافة والانتقام منها والاتجاه إلى إعدامها دليل على عدم الحسم في اختيار دولة الحقوق والحريات، مبرزة أن "كثيرين يرهنون حرية الصحافة بالمسؤولية، دافعنا عن هذا التوجه واعتبرنا أن الاختلاق والتضليل والسب والقذف والخوض في أعراض الناس والسماح باستئجار الأقلام بالمقابل للتصفية السياسية والقتل الرمزي كلها أبعد ما تكون عن الحرية، بل تصير هيمنة جديدة للاستبداد والاستكبار باسم حرية الصحافة، لكن الانتقام من الصحافة بسبب التعبير المهني عن الرأي، أو بسبب التعليق على خبر صحيح أو بسبب انتقاد توجهات من هم في مراكز القرار، دون مس بأشخاصهم أو بحياتهم الشخصية خارج دائرة مسؤولياتهم، كل ذلك ينم عن التخلف و الحنين إلى أزمنة الرصاص، حيث الانتقام "المخدوم"والمعلن". من جهته، قال محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير-حاتم، إنه لا يمكن إلا أن يشجب مثل هذه المطالب التي يتقدم بها بعض المسؤولين، و"حتى إن كانت لهم ملاحظات أو انتقادات أو حتى شكايات قضائية فلا يجب أن يتجاوز ذلك حدود حماية الحق في التعبير". وأبرز العوني أن المسؤولية تقتضي، من ضمن ما تقتضيه، أن يكون هؤلاء المسؤولون، الذي يريد بعضهم بناء أمجاده بمحاكمة الرأي، مدافعين عن الحق في التعبير، لا أن يحاصروه بشكاوى ومطالبات مبالغ فيها، موضحا أن المطالبة بمنع بوعشرين من الكتابة لعشر سنوات مطلب غريب، "كيف يستدعي لقجع مثل الحكم الذي سبق وأن صدر في حق الصحفي علي لمرابط، وأثار إدانة وشجبا عالميا؟" (..) أن يطالب بمثل هذا المطلب المرفوض مسؤول وموظف كبير، عوض أن يكون تحت تصرف الرأي العام بمده بالمعلومات اللازمة، ففي ذلك محاكمة لحرية التعبير وتضييق عليها وعودة إلى العهود البائدة". وأكد رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير على أن "مطالب لقجع تظهر أمرا طالما ألححنا عليه في المنظمة، وهي أن يفهم المسؤولون داخل الدولة، بمختلف مسؤولياتهم، أن عليهم واجبات إعلامية كما لهم حقوق. ومن واجباتهم إزاء الإعلام ألا يعتدوا على حريته، بل هم مطالبون حين يمارسون مسؤولياتهم وأن يكونوا منفتحين إلى أقصى الحدود، لأن الإعلام وسيط بينهم وبين المواطنين". وتضامنت شبكة الصحفيين ووسائل الإعلام العربية بدورها مع بوعشرين في مواجهة مطالب مدير الميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية، حيث أكدت أنه "باسمها وباسم كل المنابر الإعلامية المنضوية تحت مجموعتها تتضامن مع الصحفي المغربي توفيق بوعشرين، ضد محاولات تكميم الأفواه وإخراس الأصوات الحرة، والمطالبة بمنعه من الكتابة بالمغرب لعشر سنوات".