كشف مشروع القانون المالي برسم العام المقبل، الذي قدمته الحكومة مؤخرا أمام البرلمان للمصادقة عليه، أن سنة 2016 ستكون سنة بناء السجون بامتياز، حيث يتضمن الجدول التفصيلي للاستثمارات الكبرى التي ستنجز من الميزانية العامة للدولة، برمجة استثنائية لبناء سجون جديدة باعتمادات غير مسبوقة. المشروع يكشف أن مندوبية محمد صالح التامك، مقبلة على بناء 14 سجنا جديدا خلال السنة المقبلة، و5 بنايات للسكن الإداري ومركز واحد لتكوين الأطر سينجز بمدينة مراكش. مشاريع تبلغ كلفتها الإجمالية، حسب المعطيات التي يتضمنها جدول توزيع المشاريع حسب الجهات، قرابة المليار و400 مليون درهم. حصة الأسد منها ستؤول إلى مدينة الدارالبيضاء، حيث تعتزم مندوبية التامك بناء أربع مؤسسات سجنية، يتبيّن من خلال الاعتمادات المالية المخصصة لها، أنها ستكون عبارة عن مركبات سجنية كبرى، حيث رُصد لكل سجن مبلغ 16 مليار سنتيم. الخطوة تأتي لتفعيل ما سبق أن أعلن عنه المندوب العام لإدارة السجون، محمد صالح التامك، من اعتزامه بناء ما لا يقل عن 37 مؤسسة سجنية جديدة في أفق العام 2018، والتي تقدر طاقتها الاستيعابية الإجمالية حوالي 45 ألف سجين. التامك الذي كان قد كشف عن استراتيجيته هذه في ندوة احتضنتها الجامعة الدولية بالرباط، برّر هذا الاستثمار الضخم في البنايات السجنية بسعيه إلى أنسنة ظروف الاعتقال وتقريب هذه المؤسسات من كل الجهات، ومطاقبة الخريطة السجنية مع الخريطة الجهوية الجديدة للمملكة. وفي هذا الإطار، قام التامك بطلب الترخيص لسلوك مسطرة تفاوضية مباشرة بدل مسطرة الصفقات العمومية لإنجاز هذه السجون، وذلك ضمانا للحد الأدنى من السرية والحماية الأمنية لهذا المجال. التامك قال في معرض تقديمه ميزانية مندوبيته أمام البرلمان العام الماضي، إن المغرب يسجل عجزا يقدر ب22 ألف سرير داخل السجون، حيث يصل عدد السجناء إلى 70 ألفا، بينما لا تتعدى الطاقة الاستيعابية للسجون الحالية 48 ألف نزيل. وفي الوقت الذي يشكل فيه السجناء الاحتياطيون نصف نزلاء السجون المغربية، وانتظر البعض تغيير السياسة الجنائية للمغرب في اتجاه التقليل من استعمال الاعتقال الاحتياطي قبل صدور الأحكام، يبدو أن التامك يحضّر سجونه لكي تستمر في استقبال العدد نفسه من السجناء أو أكثر. بعد الدارالبيضاء، ستنجز ثاني أهم المؤسسات السجنية المبرمجة ضمن استثمارات العام المقبل، بمدينة الجديدة، حيث خصصت لها ميزانية 2016 غلافين ماليين كل منهما يتضمن 120 مليون درهم، فيما نالت مدينة القنيطرة، برمجة بناء سجنين، واحد محلي بكلفة 48 مليون درهم، وآخر مركزي رصد له مبلغ 88 مليون درهم. باقي المؤسسات السجنية الجديدة التي تنوي مندوبية التامك بناءها، تتوزع على مدن الحسيمة وفاس وصفرو، كما ينتظر أن تشهد مدن الصحراء بناء مؤسسات سجنية جديدة تنهي الصورة السلبية التي ألصقت بها من طرف بعض الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية، حيث ستشهد كل من مدن العيون وبوجدور وطان طان بناء مؤسسة سجنية جديدة وسكن إداري في كل منها. المجهود الاستثماري الاستثنائي وغير المسبوق في تاريخ المغرب، جاء ليواكب سنة ينتظر أن تتسم بتنزيل مقتضيات إصلاح منظومة العدالة، والتخفيف من سوداوية صورة السجون المغربية في التقارير الوطنية والدولية، حيث تتسم مؤسسات الاعتقال في المغرب بشدة الاكتظاظ ومأساوية أوضاع السجناء. استثمارات أخرى خصصها مشروع القانون المالي لبناء مؤسسات قضائية جديدة، على رأسها قصر للعدالة ومقر للمعهد العالي للقضاء بالرباط، إلى جانب توسيع بناية محكمة النقض، أعلى محكمة في النظام القضائي للمغرب. كما يتضمن برنامج الاستثمارات العمومية في العام المقبل، بناء عدد من المحاكم الابتدائية، تتوزع بين مدن ورزازات وتنغير والسمارة والداخلة، علاوة على تهيئة المحكمة المدنية أنفا بالدارالبيضاء، وبناء المحكمة المدنية والاجتماعية بمراكش.