معطيات مثيرة تلك التي كشف عنها مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بخصوص المهن القضائية، إذ كشف أن الموثقين يأتون على رأس قائمة الأكثر تعرضا للعقوبات التأديبية. كشف المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بمناسبة تقديمه ميزانية وزارته برسم السنة المقبلة، عن معطيات جديدة متعلّقة بالمتابعات الزجرية والقرارات التأديبية الصادرة في حق محترفي المهن القضائية. وكشفت الأرقام الجديدة عن استمرار تصدّر الموثقين لائحة هذه المهن من حيث القرارات التأديبية، رغم أنهم أقل عددا من المحامين والعدول والخبراء... الوثائق التي قدّمها الرميد لمجلس النواب، تكشف عن صدور قرارات تأديبية في حق 49 موثِّقا وموثِّقة خلال العام 2013، مقابل 46 قرارا تأديبيا في حق المحامين و31 إجراءً ضد الخبراء و28 إجراءً ضد العدول. علما أن مجموع عدد المحامين في المغرب يضاعف عشر مرات عدد الموثقين. وضع علّق عليه الرميد خلال تقديمه مشروع ميزانيته، بالقول إنه يعترف بالتأخر في ضبط المعاملات المالية للموثقين كما وقع مع المحامين، حيث أصبح أصحاب البذلة السوداء مجبرين على إيداع تعويضات موكليهم التي يحصلون عليها بأحكام قضائية، لدى النقباء، واستخلاصهم أتعابهم المستحقة فقط، وتسليم الباقي للموكلين. الرميد تحدّث بنبرة حزينة عن هذه النقطة، مؤكدا أن إشكالا كبيرا مازال يطرح مع الموثقين، وموضحا أنه عندما يتعلّق الأمر بخلاف بين مواطن ومحام، فإن الأمر يكون متعلقا بمبالغ مالية صغيرة، بينما حين يتعلّق الأمر بإشكال مع موثّق، فإن الأمر يكون متعلقا بالملايير. «حين يتعلّق الأمر بالموثقين، فّإن المشكل يكون كبيرا، وقانون التوثيق الجديد للأسف لم يحصّن هذه الأموال»، يقول الرميد. هذا، وتابع الوزير حديثه مفصّلا كيف نجحت التجربة مع المحامين، وتعثّرت مع الموثقين، حيث كانت الوزارة قد توصّلت إلى صيغة يتولى من خلالها صندوق الإيداع والتدبير تسلّم الأموال التي يقدّمها المواطنون عادة للموثقين مقابل شراء عقارات، وتدبيرها عبر وكالات بريد المغرب، وعدم تسليمها إلا بعد انتهاء المعاملات القانونية والإدلاء بجميع الوثائق، لكن بنك المغرب اعترض على تلك الصيغة معتبرا أنها تتعارض مع الضوابط القانونية التي تحكم المعاملات البنكية والشيك على وجه الخصوص. واعترف الرميد في المقابل، بتأخر وزارته في إصدار النصوص التنظيمية الضرورية لتطبيق قانون التوثيق الجديد، موضحا أن ذلك يعود إلى نهجه الطريقة التشاركية، «وهذا الطريق صعب وفيه معاناة كبيرة ومتعب جدا ومكلف، وأحيانا يتنافى مع النجاعة، لكننا نواصل العمل على إعداد النصوص الضرورية لضبط ودائع الموثقين». معطيات كانت قد كشفتها ندوة نظّمت مؤخرا حول مهنة التوثيق قبيل دخول القانون الجديد حيّز التطبيق، كشفت عن أرقام خطيرة بخصوص المتابعات الجنائية ضد الموثيقن، ذلك أن العام 2011 وحده شهد صدور أحكام بالحبس على 67 موثقا، 46 منهم بالحبس النافذ. فيما لم يتجاوز عدد الموثقين المحكومين بالحبس عام 2009 أربع حالات. الارتفاع المهول نفسه، شهدته القرارات التأديبية، حيث انتقل عدد الموثقين الموقوفين من 10 في 2009، إلى 60 في 2011، كما شهدت هذه السنة الأخيرة، عزل ثلاثة موثقين. إحصائيات رقمية حول الشكايات والمتابعات التي تمت ضد موثقين في السنوات القليلة الماضية، تكشف عن وجود ارتفاع مهول في وتيرة المخالفات التأديبية المتعلقة بالاحتفاظ بمبالغ مالية التي تضاعفت خمس مرات ونصف سنة 2012، مقارنة بسنة 2007، وبالإخلال بالواجب المهني الذي تضاعف خمس مرات مقارنة بالسنة نفسها. كما سجّلت هذه المعطيات ارتفاعا كبيرا في وتيرة المتابعات الزجرية المتعلقة بجرائم التزوير في المحررات الرسمية التي ارتفعت بنسبة فاقت أربعة أضعاف سنة 2011، مقارنة بسنة 2007، وبجرائم النصب والاحتيال التي تضاعفت بنسبة فاقت خمس مرات سنة 2011، مقارنة بسنة 2007، ثم جرائم تقديم شيكات بدون مؤونة التي ارتفعت بنسبة بلغت نحو أربع مرات مقارنة بالفترة نفسها.