أزعج تدفق السياح الجزائريين على مختلف المدن المغربية الجهات العليا في البلاد، ولم تجد الجارة الشرقية من بد لتفسير تواصل أفواج مواطنيها على المغرب غير اللعب على إشعال الفتنة بينه وبين الجارة التونسية. فقد شنت وسائل إعلام جزائرية هجوما على المغرب، متهمة إياه بنهج أساليب دعائية للترويج لسياحته عن طريق استغلال الوضع الأمني بتونس لاستمالة 80 ألف سائح جزائري بزيارة المغرب الآمن، خاصة في العطلة الصيفية التي تلت شهر رمضان، حيث كتب موقع المحور اليومي الجزائري، أن «المغرب يستغل الأزمة في تونس من أجل جلب أكبر عدد من السياح الجزائريين، إذ تحاول وسائل إعلام مغربية التشويش على السياحة التونسية من خلال الترويج للتواجد الإرهابي والتدهور الأمني بالجارة الشرقية للجزائر، في محاولة منها لاستمالة السياح الجزائريين نحو الوجهات المغربية، وبأسعار جد تنافسية». هذا التدفق الكبير للسياح الجزائريين على المغرب أكده بشير جريبي، رئيس اتحاد الوكالات السياحية الجزائرية، الذي صرح للإعلام الجزائري، بأن عدد السياح الجزائريين الذين توافدوا على المغرب مباشرة بعد شهر رمضان ارتفع بشكل كبير، فاق كل التوقّعات، موضحا أن عدد السياح الجزائريين الذين يتوافدون نحو المدن المغربية ارتفع بنسبة 26 في المائة، حيث بلغ عددهم 80 ألف سائح جزائري. وذكرت تقارير الوكالات السياحية الجزائرية أن الوجهات السياحية المفضّلة لدى السياح الجزائريين هي: مدينة الدارالبيضاء التي سجلت لوحدها 54 ألف سائح، تليها مدن مراكش وأكادير ومدينة وجدة، وغيرها من مناطق المغرب. وأضافت المصادر نفسها، أن وزارة السياحة المغربية تعتزم إنشاء فرع للمكتب الوطني المغربي للسياحة بالجزائر العاصمة، وذلك تجاوبا مع الارتفاع المضطرد للسياح الجزائريين الوافدين على زيارة المغرب، وأيضا تشجيع السوق المحلية بالجزائر للاهتمام بالوجهة المغربية، مشيرة أن المجلس العالمي للأسفار والسياحة، صنّف المغرب أفضل وجهة سياحية في شمال إفريقيا لعام 2015، وبأنه سيحتل مركز الصدارة على مستوى ديناميكية نمو توافد السياح بنسبة 4.5 في المائة في منطقة شمال إفريقيا خلال هذا العقد. لكن محللين جزائريين أكثر مصداقية استطاعوا النبش في أسباب الأزمة السياحية الجزائرية، من بينهم سعيد بوخليفة، مستشار سابق بوزارة السياحة الجزائرية، الذي أكد أن الفنادق الجزائرية تعد الأغلى ثمنًا في المنطقة المغاربية، وكذا على صعيد منطقة البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي يشكّل عائقًا أمام تطوير السياحة بهذا البلد، ويدفع بالجزائريين إلى قضاء عطلهم بالخارج في أماكن أقلّ ثمنًا وأكثر جودة. وأضاف بوخليفة في حوار مطول مع جريدة «لوطومب داليجيري» الجزائرية الناطقة بالفرنسية، أن مشكل السياحة يعود إلى قلة الطاقة الاستيعابية في مؤسسات الاستقبال السياحية، إذ لا تتوفر الجزائر سوى على 93 ألف سرير، أزيد من نصفها في دور إيواء غير مصنفة، غير أنه أشار إلى أن هذا المشكل لن يستمر، بعد انتهاء مشروع بناء فنادق جديدة. كما تحدث الخبير عن أن مشروع تطوير السياحة بالجزائر في أفق عام 2030، يتوقف على مدى اقتناع الفاعلين من مسؤولين حكوميين ومهنيين في القطاع ورؤساء البلدات والولايات بأهمية السياحة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن الجزائر تعاني من قلة الكفاءات المكوّنة في المجال السياحي، والتي باستطاعتها العمل في كل المراكز، من الاستقبال حتى تسيير الفنادق.