تعيش مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي وزارة النقل والتجهيز حاليا على صفيح ساخن في ظلّ ترقّب نتائج مهمة قضاة المجلس الأعلى للحسابات، ويعكف مسؤولوها على إعداد ما سموه مخطط عمل لتجاوز الاختلالات المالية والتدبيرية التي وقفت عليها التقارير الرسمية السابقة عملية الافتحاص التي باتت في مراحلها الأخيرة، حسب مصادر مقرّبة، أعادت إلى الواجهة ملف مؤسسة أحدثت لتقديم خدمات اجتماعية لموظفي واحد من القطاعات الحكومية، لتتحوّل في عهد الوزير السابق كريم غلاب إلى صندوق أسود لتفريخ المشاريع السكنية والسياحية، الطافحة بما كبرت قيمته وقلّ ثمنه وقُدّم على طبق من ذهب لكبار مسؤولي الوزارة والوزير والمحيطين به وكوكبة من رجال السلطة كتاب مفتوح عن الريع والاغتناء السريع وغير المبرّر ذلك الذي فتحه قضاة من المجلس الأعلى للحسابات، حين انتقلوا قبل أكثر من عام إلى مكاتب مؤسسة الأعمال الاجتماعية لوزارة النقل والتجهيز. عملية الافتحاص التي باتت في مراحلها الأخيرة، حسب مصادر مقرّبة منها، أعادت إلى الواجهة ملف مؤسسة أحدثت لتقديم خدمات اجتماعية لموظفي واحد من القطاعات الحكومية، لتتحوّل في عهد الوزير السابق كريم غلاب إلى صندوق أسود لتفريخ المشاريع السكنية والسياحية، الطافحة بما كبرت قيمته وقلّ ثمنه وقُدّم على طبق من ذهب لكبار مسؤولي الوزارة والوزير والمحيطين به وكوكبة من رجال السلطة، عوض أن توجّه خدمات المؤسسة لموظفي الوزارة وتُمنح الإمكانات المالية والعقارية الكافية لذلك. مصدر من داخل المؤسسة قال ل» اليوم24» إن قضاة المجلس الأعلى للحسابات وقفوا مجددا على خلاصات سبق أن تضمّنها تقرير مفصّل للمفتشية العامة للمالية، وهي الوثيقة التي اطّلعت عليها «اليوم24» بالكامل، ووقفت على ما دبّجه ثلاثة من مفتشي المالية من ملاحظات حول «اختلالات وتجاوزات» طالبوا بمعالجتها في تقريرهم النهائي الذي انتهوا من كتابته عام 2013، دون أن تسفر الإحالة التي قام بها الوزير الجديد، عزيز الرباح، على مصالح زميله وزير العدل والحريات، عن تحريك أي متابعة أو مساءلة حول مضامينه، ولا خرج مسؤولو المؤسسة الجدد لكشف ما ورثوه وتقديم وصفتهم لتجاوزه والحدّ من توظيف مؤسسة يموّلها موظفو الوزارة بانخراطاتهم، لتصبح قناة لتوزيع الشقق والبقع الأرضية المطلة على الشواطئ والتعويضات المالية الخيالية والمبالغ فيها. قضاة جطو يفحصون تركة غلاب تعيش المؤسسة حاليا على صفيح ساخن في ظلّ ترقّب نتائج مهمة قضاة المجلس الأعلى للحسابات، ويعكف مسؤولوها على إعداد ما سموه «مخطط عمل لتجاوز الاختلالات المالية والتدبيرية»، التي وقفت عليها التقارير الرسمية السابقة. «قضاة المجلس الأعلى للحسابات لم ينهوا بعد مهمّتهم لافتحاص وضعية المؤسسة المالية. وبخصوص الملاحظات التي جاءت في تقرير المفتشية العامة للمالية، فالتقرير أرسلته الوزارة للمصالح المختصة بوزارة العدل… هذا حديث طويل، ويجب انتظار مخطط عمل جديد يأخذ بعين الاعتبار كل هذه التقارير»، يقول مصطفى بروك، الرئيس الحالي لمؤسسة الأعمال الاجتماعية، مضيفا أنه «لم يكن هناك أي جديد بعد ذلك التقرير، الكل الآن في عطلة ولا يوجد أي مسؤول بالمؤسسة، وفي آخر شتنبر يمكنكم الاتصال كي نمدكم بكل المعطيات». مصدر آخر من داخل المؤسسة أوضح ل» اليوم24» أن مخطط العمل يتمحور حول تسريع وتيرة إنجاز بعض المشاريع السكنية الاجتماعية لفائدة الموظفين، وتصفية وضعية عقاراتها، وإعادة تهيئة بعض مراكز الاصطياف القليلة التي تتوفر عليها، بعد إهمال طويل، «إذ عليكم أن تعرفوا أن المؤسسة من أفقر جمعيات الأعمال الاجتماعية بالمغرب رغم كونها تابعة لوزارة كبيرة، حيث لم تكن منحة الدولة تتعدى 18 مليون درهم (مليار و800 مليون ستنيم) إلى وقت قريب، في الوقت الذي استعملها البعض كقناة للحصول شبه المجاني على عقارات قيمتها مئات الملايين». المصدر المطّلع على خبايا المؤسسة، وطلب عدم ذكر اسمه، قال إن الرئيس الحالي كان ضمن «ضحايا» العهد السابق، حين تم التشطيب على اسمه ضمن 8 أشخاص حُرموا من الاستفادة من مشروع بقع الفيلات في منطقة عين الدياب بالدار البيضاء، الذي يتقدّم الوزير السابق كريم غلاب لائحة المستفيدين منه. «لكن الرئيس الجديد تمكّن من استعادة حقّه في الاستفادة وعاد بالفعل إلى اللائحة، لكن ألم يكن عليه الدفاع عن كل من تمّ إقصاؤهم بدل الدفاع عن نفسه فقط؟». مصدر من المجلس الأعلى للحسابات قال ل»أخبار اليوم» إن المادة 86 وما يليها من مدونة المحاكم المالية تسمح بمثل هذه المراقبة، «لكن الافتحاص لا يجب أن يكون شاملا لكل أوجه التسيير على غرار المرافق والمؤسسات العمومية. بل عليه أن يقتصر على مراقبة مدى استخدام الأموال العمومية أو أموال المساعدات في الأغراض التي من أجلها سلمت للجمعية. الجمعية ليست ملزمة سوى بتسليم الوثائق والبيانات ذات الصلة بتلك الأموال العمومية وحسب». أحد المعنّيين بما جاء في تقرير المفتشية العامة للمالية قال إن هذه الأخيرة «والمجلس الأعلى للحسابات يقومون بمراقبة احترام القوانين والمساطر، وإذا وجدوا ما يعتبر تجاوزات جنائية، فإنهم يحيلونها مباشرة على القضاء. أما ما يرد في التقارير، فهو توصيات وملاحظات من باب الرغبة في تحسين التدبير ليس إلا، والدليل أنهم يتحدثون عن خرق ميثاق الجمعية، وليس قانونها الأساسي أو أي نص قانوني آخر». غلاب.. فيلا ب»تعبئة مضاعفة» أبرز ما وقف عليه مفتشو المالية في التقرير، الذي يتوقع متتبعون أن يؤكد قضاة المجلس الأعلى للحسابات خلاصاته، قيام المؤسسة بإعداد مشاريع سكنية فاخرة، وتقديمها على طبق من ذهب وبثمن بخس لكوكبة من الشخصيات، يتقدّمها الوزير السابق كريم غلاب وكبار مدراء الوزارة والمكاتب التابعة لها وعدد من رجال السلطة من ولاة وعمّال. وجوهر المؤاخذات التي دبّجها مفتشو المالية تكمن في طريقة انتقاء المستفيدين التي لا تستند إلى أية معايير، وإشراك أطر وشخصيات من خارج أعضاء المؤسسة، ممن لا تربطهم أية اتفاقية تسمح باستفادتهم من مشروع يوفّر بقعة أرضية لبناء فيلا مطلة على شاطئ عين الدياب مقابل 35 مليون سنتيم (مشروع سيدي عبد الرحمان بالدار البيضاء). موقع الوزير السابق في ملف المؤسسة يتمثل أولا في استفادته المباشرة من أحد مشاريعها التي أقيمت فوق أرض تم تفويتها للمؤسسة من طرف الدولة، وذلك بسعر بخس، واستئثاره بحصة مضاعفة بإدماج بقعتين أرضيتين في بقعة واحدة خلافا لباقي المستفيدين. زد على ذلك استفادة كوكبة من كبار مسؤولي الوزارة، والمنحدرين من حزب الاستقلال المقربين من الوزير، من جل مشاريع وامتيازات المؤسسة، بطرق يقول تقرير مفتشية المالية إنها تفتقد للأساس الشرعي بتنفيذها خارج أي قرار لهيئات المؤسسة، وبشكل يجعل خدماتها حكرا على مجموعة صغيرة من المسؤولين. تركيبة لائحة المستفيدين تحاكي بشكل كبير لائحة المحظوظين الذين يتقدّمهم غلاب، والذين حصلوا على أرض بموقع استراتيجي قرب الرباط (سهب الذهب)، وأقاموا فيه مشروع فيلات حصلوا عليها بثمن بخس. واحدة من الاختلالات المرتبطة بمشروع سيدي عبد الرحمان رصدها تقرير مفتشي المالية، من خلال افتحاص مجموع مشاريع المؤسسة، ليتبيّن أن الأمر لم يقتصر على استفادة أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط القانونية، بل إنهم استفادوا من أكثر من مشروع في وقت واحد. وهكذا خلص التقرير إلى وضع ثلاث لوائح، واحدة للأشخاص الذين استفادوا من ثلاثة مشاريع، والثانية للمستفيدين من مشروعين اثنين، وأخيرة للمستفيدين من مشروع واحد. الوزير كريم غلاب ظهر على رأس اللائحة الأولى، حيث أدرجه التقرير ضمن المستفيدين من ثلاث وحدات سكنية، الأولى في مشروع الرياض9 بالرباط، فيما الثانية والثالثة في مشروع سيدي عبد الرحمان بالدار البيضاء. المقرّبون أولى إلى جانب غلاب، ظهر مدير «مرسى ماروك»، محمد عبد الجليل، وعبد الكبير زهود، الوزير السابق في التجهيز، وهشام النهاموشة، ومحمد المغراوي، مسؤولان كبيران سابقان في الوزارة نفسها في عهد غلاب… وهي اللائحة التي طرأت عليها تغييرات كبيرة بعد خروج غلاب من الوزارة، حيث انسحب البعض وطلب البعض الآخر استرداد مساهماتهم. فيما كشف مصدر من داخل مؤسسة الأعمال الاجتماعية أن كل تلك المشاريع أنجزت بطريقة مختلة من ناحية إسناد صفقات الإنجاز والمعايير التقنية، «حيث تطلّب الأمر اللجوء إلى خبرات كشفت عيوب مشروع مراكش التي بدأنا في معالجتها، وبالكاد انتهت الخبرة الخاصة بمشروع الرباط». ويتعلّق الأمر في حالة مشروع سيدي عبد الرحمان بمشروع بشقين، الأول يتمثل في بناء 96 شقة سكنية، والثاني ب21 بقعة مخصصة لبناء فيلات، وذلك بكلفة إجمالية للمشروع تبلغ تسعة ملايير ونصف مليار سنتيم، منها مليار و140 مليون سنتيم كمقابل لحيازة الأرض. وفيما كانت كلفة مشروع بقع الفيلات الإجمالية قد بلغت 834 مليون سنتيم، تم تحديد سعرها عبر قسمة هذا المبلغ على مساحة 6950 متر مربع، وهي المساحة الإجمالية للمشروع، لتكون النتيجة 1200 درهم للمتر. الوزير كريم غلاب كان أكبر المستفيدين من هذه العملية، حيث تم دمج بقعتين أرضيتين لتصبحا بقعة واحدة مساحتها 781 متر مربّع، دفع في مقابلها 86 مليون سنتيم، أي بسعر 1200 درهم للمتر المربّع الواحد. فيما أبانت تحريات مفتشي المالية في المعاملات الجاري بها العمل لدى مصالح الضرائب والتسجيل في المنطقة نفسها، أن سعر المتر المربع الواحد لا يقلّ عن 10 آلاف درهم. مفتشو المالية وقفوا على أول خرق يتمثل في إبرام المؤسسة لوعود بالبيع بشكل مبكّر وقبل الانتهاء من أشغال التهيئة، حتى يتبيّن السعر الحقيقي للبقع الأرضية. كما لاحظ مفتشو المالية استفادة مسؤولين ومدراء بالإدارات العمومية، كلّهم يتوفّرون على سكن، والمنتمين منهم إلى إدارات أخرى لا يرتبطون بأي اتفاقية شراكة مع المؤسسة تخول لهم الاستفادة. فيما تتمثل ملاحظة أخرى، وقف عليها مفتشو المالية في وثائق هذا المشروع، في تغيير لائحة المستفيدين من البقع الأرضية. ثمانية أشخاص تم حذفهم من اللائحة، بدون أي تبرير، وتعويضهم بثمانية آخرين، والمبرر الوحيد الذي ربطه التقرير بهذا التغيير، هو تعيين مدير عام جديد لمكتب استغلال الموانئ، منتصف العام 2005، حيث كان محمد عبد الجليل واحدا من الثمانية المحظوظين الذين تمت إضافتهم إلى اللائحة. مستفيدون solvable «اتّهام عدد من أطر ومسؤولي الوزارة بالاستفادة غير المشروعة من عدة مشاريع سكنية تابعة للجمعية بشكل متزامن غير صحيح في جميع الحالات، فأنا مثلا وإن ورد اسمي ضمن المستفيدين، إلا أنني في حقيقة الأمر لم أستفد إلا من مشروع واحد، لعدم قدرتي على توفير التمويل الكافي لدفع مساهمات في المشاريع الثلاثة، وهو أمر ينطبق على كثير ممن وردت أسماؤهم في تقرير مفتشية المالية»، يقول مصدر اشتغل داخل وزارة غلاب. المصدر نفسه يضيف أن الأمر لا يتعلّق باستفادة، «بل بلوائح أولية للأشخاص الذين قامت الجمعية بالاتصال بهم وطلبت منهم الانخراط في تلك المشاريع، واختيارهم يقوم على أساس انتقاء أشخاص قادرين على تسديد المساهمات المالية (solvable)، لكون المشاريع تُنجز بأموال المشتركين فيها، وليس بأموال الجمعية التي دفعها عموم المنخرطين». الوزير كريم غلاب بدوره نفى أن يكون قد استفاد من المشاريع الثلاثة كما جاء في تقرير مفتشي المالية، وقال في تصريح سابق ل»أخبار اليوم»، بمناسبة نشرها خبرا حول الموضوع، إن بقعة أرضية في مشروع سيدي عبد الرحمان هي استفادته الوحيدة من مشاريع الجمعية، مشدّدا على أن الأمر يتعلّق ببقعة واحدة وليس بقعتين (يقصد بعد تغيير تصميم المشروع وإدماج البقعتين)، وأن ذلك تم حين كان «موظّفا» منخرطا في الجمعية كمدير للطرق بالوزارة ما بين سنتي 1998 و2001. معطيات لا تتطابق مع المعطيات الواردة في تقرير مفتشي المالية، حيث انطلق المشروع منتصف العقد الماضي، فيما قال المصدر الذي يوجد ضمن المستفيدين، وطلب عدم ذكر اسمه، إن عملية تفويت الأرض لصالح الجمعية تمّت في بداية العشرية الماضية. التفسير الذي سبق لغلاب أن دفع به في مشروع «سهب الدهب» قرب الهرهورة لا يصمد كثيرا، لكونه تقلّد مسؤولية الوزارة منذ سنة 2002 وإلى غاية 2011. مصدر من داخل المؤسسة قال ل» اليوم24» إن التحضير للمشروع قد يكون قديما، «لكن لوائح المستفيدين ظلّت مفتوحة إلى وقت قريب، وحتى على افتراض أن غلاب انخرط في لائحة المستفيدين قبل استوزاره، فإن توليه المسؤولية وتوليه المنصب الذي يمنحه سلطة إقالة مسيّري الجمعية، يفترض فيه قانونيا وأخلاقيا الانسحاب من المشروع عوض ضمّ بقعتين في بقعة واحدة. «الأرض التي أقيم عليها مشروع سيدي عبد الرحمان كانت في ملك المختبر العمومي للتجارب والدراسات التابع لوزارة التجهيز والنقل، وكانت مخصصة في الأصل لمشروع يتمثل في طريق. وبعد حذف ذلك المشروع، تم تحويلها إلى ملكية الجمعية بثمن تفضيلي هو 1200 درهم للمتر المربّع، ولا يمكن للجمعية تفويتها بأعلى من ذلك السعر، لأنها ستصبح في موقف المتاجر، وهو ما لا يسمح به عقد تفويت الأرض»، يقول مصدرنا المقرّب من غلاب، مضيفا أن ما يتحدّث عنه تقرير المفتشية العامة للمالية من كون سعر الأرض هو 10 آلاف درهم، «فهذا قد يكون صحيحا، لكن بعد 2010، أي في مرحلة إنجاز التفتيش، أما التفويت فقد تم قبل أكثر من عقد من الزمن، وبالتالي يجب العودة بالسعر إلى أصله. زد على ذلك أن الثمن الذي يوجد في تقرير مفتشية المالية، والذي اشترينا البقع بناء عليه، مجرّد سعر أولي، ونحن اليوم دفعنا أكثر من ضعفه بعد تأخر إنجاز المشروع وارتفاع التكلفة». لائحة الأشخاص الذين دبّج مفتشو المالية أسماءهم بعناية كبيرة ضمن المستفيدين من امتيازات مالية مباشرة وغير مباشرة دون سند قانوني، ضمّت، إلى جانب رجالات وزارة الداخلية، كوكبة من المقرّبين من الوزير السابق كريم غلاب والمنتمين إلى حزبه، حزب الاستقلال. في مقدّمة هؤلاء يوجد يونس التازي، مدير الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية الحالي بوزارة النقل والتجهيز، الذي شغل لفترة منصب مدير ديوان الوزير. التازي استفاد من قرضين ماليين خارج قوانين المؤسسة وقواعدها في صرف هذه الامتيازات المالية، كما استفاد من تغطية المؤسسة لانخراطه بالغولف الملكي. الوزير الاستقلالي السابق، عبد الكبير زهود، ورد بدوره لمرات متعددة في تقرير مفتشي المالية، حيث حصل على بقعة أرضية خاصة ببناء فيلا في مشروع سيدي عبد الرحمان، بمساحة 375 متر مربّع، مقابل 45 مليون سنتيم. المدير العام الحالي للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ربيع الخليع، دخل بدوره ضمن دائرة أضواء تقرير المفتشية العامة للمالية، باعتباره أحد أكثر الحاضرين في الاستفادة من مشاريع المؤسسة، بطرق قال التقرير إنها «غير سليمة». الخليع استفاد في مشروع سيدي عبد الرحمان من بقعة أرضية لبناء فيلا، مساحتها 277 متر مربّع، مقابل 33 مليون سنتيم فقط. الكاتب الدائم السابق للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، عز الدين الشرايبي، الذي انتقل إلى ديوان كريم غلاب بعد تولي هذا الأخير رئاسة مجلس النواب، كان بدوره واحدا من أكثر الأسماء ترددا في تقرير المفتشية العامة للمالية، حيث حضر في جميع المشاريع والامتيازات المالية للمؤسسة، والتي قال المفتشون الثلاثة الذين أنجزوا التقرير إنها «غير سليمة». الشرايبي ورد ضمن المستفيدين من شقتين سكنيتين في مشروعين متزامنين للمؤسسة، الأول في مشروع علال الفاسي بمدينة مراكش، والثاني بمشروع الرياض9 بالرباط. كما جاء اسمه ضمن المستفيدين من تغطية المؤسسة لواجبات انخراطهم في نادي الغولف الملكي. بالإضافة إلى الوزير التجمّعي أنيس بيرو، الذي قال تقرير مفتشية المالية إن اسمه يوجد ضمن المستفيدين من مشروعين سكنيين، دون أن تربطه أية علاقة بالوزارة وجمعيتها. علاوة على المدير السابق للمطارات دليل الكندوز، والمدير السابق للطرق السيارة عثمان الفاسي الفهري… «الحسن الثاني من أوصى بمكافأتنا» مصدرنا من داخل لائحة المستفيدين من مشاريع الجمعية بأسعار بخسة قال إن مشروع سيدي عبد الرحمان الذي يتحدّث عنه الكثيرون «لم يصبح بعد جاهزا، ولم نتسلّم البقع الأرضية الخاصة بالفيلات إلى اليوم، بسبب وجود منازعات قضائية لم تصل إلى مراحلها النهائية بعد». وأضاف المصدر نفسه أن الأمر يتعلّق بأطر كبيرة تعمل لصالح الدولة، «وهم أشخاص تكوّنوا على أعلى مستوى، خاصة منهم المهندسون، والدولة في أمسّ الحاجة لخدماتهم وكفاءتهم. لكن الوضع الحالي لأجور وتعويضات الوظيفة العمومية لا يسمح بتمكينهم مما يستحقونه، حيث إن أقصى ما يمكن أن يتقاضاه مهندس في القطاع العمومي هو 30 ألف درهم، بينما يمكنه بسهولة الانتقال إلى القطاع الخاص والحصول على 15 مليون شهريا… لهذا، فما يحصلون عليه من خدمات وتسهيلات اجتماعية ليست مجانيا، بل مقابل خدماتهم وكفاءتهم وكوسيلة لإبقائهم إلى جانب الدولة، حيث يتم إقناعهم بالبقاء من خلال امتيازات مراكز الاصطياف والولوج إلى ملكية السكن». المصدر نفسه ذهب في دفاعه عن هذه الامتيازات إلى القول إن كل ذلك كان يتم بتوجيه من الملك الراحل الحسن الثاني، وبإشراف من مستشاره الراحل مزيان بلفقيه قصد استقطاب الكفاءات والمهندسين لتنفيذ مشاريع الدولة. «وهؤلاء الأطر لا يعيشون في النعيم كما تتصورون، بل منهم من عمل لسنوات ليل نهار وفي ظروف قاسية في الجبال ووسط الثلوج، فوزارة المالية مثلا تتوفر على نظام خاص بالتعويضات يجعل أطرها يتلقون ثلاثة أضعاف ما يتلقاه باقي أطر الدولة، وليست هناك من وسيلة لمكافأة الناس على عملهم وكفاءتهم إلا مثل هذه الخدمات الاجتماعية لتعويضهم وإبقائهم إلى جانبنا c'est comme ça et c'est normal». أسفار وترفيه وهواتف وقروض… المسؤولان الأولان عن تدبير المؤسسة والمعنيان بجميع الاختلالات والخروقات التي استفاد بموجبها الوزير السابق ومقربوه ورجال للسلطة، حيث يعتبر «تواطؤهما» ضروريا، راكما عددا من الامتيازات والأموال لحسابهما الخاص، وهو ما جعل الوزير الحالي عزيز الرباح يعجّل بإعفائهما مباشرة بعد توليه المسؤولية واطلاعه على ملف المؤسسة. فالرئيس السابق (ر.م) منح لنفسه 55 مليون سنتيم كتعويضات عن التنقل خلال أربع سنوات، مقابل 26 مليون سنتيم لصالح مديرها. وتنقّل واحد إلى الخارج يعني حصول المسؤول على تعويض يتراوح بين 30 و70 ألف درهم، بالإضافة إلى تعويض سنوي عن التنقلات إلى الخارج يصل إلى 14 مليون سنتيم. بل إن كلا من المدير والرئيس خصصا لنفسيهما ثلاثة خطوط هاتفية، تكلّف أكثر من 10 ملايين سنتيم لكل منهما سنويا. المدير السابق للمؤسسة (م. ب) استفاد علاوة على قرضين استثنائيين، قيمتهما الإجمالية 550 ألف درهم، لم تسترد المؤسسة أي درهم منهما منذ صرفهما في 2007 وإلى غاية العام 2010، من قرض سكني آخر بقيمة 250 ألف درهم، لم يُرجع منه أي درهم إلى غاية انتهاء مفتشي المالية من تفتيشهم، ما يبيّن حسب التقرير أن المؤسسة لم تكن تقتطع أقساطها الشهرية من المنبع كما يفترض ذلك حسب اتفاقيات منح هذه القروض. اللجنة وقفت على غياب أي قرار معتمد من طرف أجهزة المؤسسة يبيّن قواعد منح القروض، وكلّ ما قُدّم لها أثناء تحرياتها هو إعلان موجّه للمنخرطين، يدعوهم إلى الاستفادة من تلك القروض وفق شروط معينة، من بينها عدم احتساب أية فوائد على تلك القروض، وتوجيهها بشكل حصري لتمويل مشاريع سكنية بالنسبة لمن لم يسبق لهم أبدا الاستفادة من أي مشروع سكني للمؤسسة، على ألا يتجاوز المبلغ الأقصى للقرض عتبة 100 ألف درهم، مع القيام بالإجراءات الضرورية لضمان الاقتطاع من المنبع في استرجاع تلك القروض… وهي الشروط التي قال التقرير إن لجنة الافتحاص وقفت على عدم احترامها. يونس التازي، مدير الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية الحالي بوزارة النقل والتجهيز، والذي شغل لفترة منصب مدير ديوان الوزير، استفاد بدوره من قرضين اثنين، الأول عام 2007 بقيمة 300 ألف درهم، استرجعت المؤسسة إلى غاية 2010 نصف قيمته، فيما تصل قيمة الثاني إلى 350 ألف درهم. عدد من كبار مسؤولي ومدراء الوزارة ومصالحها استفادوا من تمويل المؤسسة لدفع واجبات انخراطهم في النادي الملكي للغولف بالرباط، دون أن يكون لذلك سند قانوني في وثائق المؤسسة. واجبات كلّفت المؤسسة أكثر من 60 مليون سنتيم برسم سنتي 2009 و2010. ومن بين المستفيدين من هذا التمويل، يوجد كل من عبد الكبير زهود وعز الدين الشرايبي وعثمان الفاسي الفهري وهشام النهاموشة وجليل الكندوز وخديجة بورارة…