بعد انطلاقها قبل سنة في رحلة محاولة استكشاف العالم عبر مسار يبتدئ من مدينة الجديدة، وينتهي بالبرازيل، تواصل الرحالة المغربية هدى شالون حاليا جولتها في أمريكا اللاتينية. فعلى خطى أمريكو فيسبوتشي وكريستوف كولومب وابن بطوطة والأوائل من سكان مازاغان (الجديدة) جابت شالون، وهي مهندسة إعلاميات، بلدان بعيدة ومليئة بالعجائب كنيكاراغوا، وكوستاريكا، وكولومبيا، والإكوادور، والبيرو، وبوليفيا، والشيلي، والأرجنتين، قبل أن تحط الرحال في منطقة أرض النار في أقصى جنوب الكرة الأرضية. ومما أعطى نكهة خاصة لرحلة هذه السيدة الثلاثينية التي يحذوها النشاط والحيوية، وصولها إلى القطب الجنوبي لتكون بذلك ثاني مغربية تضع قدميها هناك بعد مواطنتها مريم شديد التي حققت هذا الإنجاز عام 2006. وقد أمكن لهدى المفتونة بالقطب الجنوبي تحقيق حلم راودها منذ طفولتها وخلال أسفارها التي قادتها إلى مدينة العيون والريف والأطلس، ثم إلى أوربا. ولسنوات عديدة، تقول هدى في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، كانت العطل السنوية منطلقا نحو وجهة يتم تحديدها لدى مغادرة الجديدة، لكن دون تحديد محطتها النهائية". فبالنسبة إلى هذه المغامرة المنحدرة من مدينة الجديدة، كان السفر بمثابة "إلهام نابع من القلب" استسلمت له من دون تردد لتحط الرحال بالبرازيل كمحطة غير مبرمجة في جولتها بأمريكاالجنوبية. وأضافت هذه الشابة المولوعة بالسفر، والتي كان من المنتظر أن تغادر القارة في يناير الماضي ومواصلة طريقها في اتجاه أستراليا وآسيا، أنها قررت، بعد تجربة صعبة وسط صحراء جنوب ليبيز بالبيرو، زيارة البرازيل أكبر بلد في أمريكاالجنوبية. تقول هدى بحماس: "أنا أريد أن أعيش الحاضر، هنا والآن، وأستمتع بجو الفرح والبساطة الذي يطبع هذه القارة، خصوصا الارتباط بالأرض الذي يميز سكان أمريكا اللاتينية أكثر من غيرهم". ولقد مكنت هذه الرحلة الساحرة، في العديد من جوانبها، الشابة هدى من تتبع مسار الملحمة الجميلة التي قادت البرتغاليين من سكان مازاغان إلى مصب نهر الأمازون، وذلك في محاولة منهم لإعادة بناء مدينتهم التي حملوها في ذاكرتهم عبر المحيط الأطلسي إلى حدود غابات الأمازون. وبعد وصولها إلى البرازيل توقفت هدى بمدينة ريو دي جانيرو (جنوب غرب)، قبل أن تتوجه إلى مانوس في رحلة إلى الأدغال على طول نهر الأمازون، قادتها إلى ولاية أمابا الواقعة أقصى شمال البلاد، والتي لقلة زوارها يصفها البرازيليون ب"الولاية الشبح". وتحكي شالون أنه "بعد حلولي بمزغاو البرازيلية، التقيت بأناس لهم بعض صفات أهل بلدي، فبمجرد لفظ اسم المغرب كان الجميع يبدو متحمسا"، وأضافت أن فرحة عارمة غمرتها، وهي ترى علما مغربيا يرفرف على بقايا أولى المنشآت التي بنيت بمزغاو قبل 230 سنة، والتي تعود بالذاكرة إلى الوراء لتأكد تلك العلاقة الثابتة بين مدينة المغادرة(الجديدة) ومدينة الوصول( مازغاو). وبغض النظر عن بعدها الجغرافي والإنساني، فإن هذه الرحلة، مكنت هدى، التي تواظب على تسجيل أطوار جولتها على موقعها على الأنترنت، من اكتشاف عجيب، وهو أن المغرب وإن كان غير معروف في جل مناطق أمريكا الوسطى، إلا أنه يشكل موضوع إبهار في كولومبيا، حيث خصصت إحدى القنوات التلفزية حلقة من أحد برامجها الأكثر شعبية لمدينة ورزازات. كما كانت هذه الجولة بالنسبة إلى هدى مناسبة لاكتشاف ذاتها وإزاحة الأقنعة، لكن مع الحرص على تقبل الآخر. فهي ترفض أن تكون حاملة لأية رسالة، وتؤكد ببساطة أن المهم بالنسبة إليها أن تكون "على حقيقتها وكما هي في مختلف الظروف". وتقول هدى: "لا يمكنني إحصاء عدد اللقاءات التي كانت لي في سنة مع سكان محليين أو مسافرين آخرين تركوا في نفسي أثرا لا ينمحي، أو تغييرا على مستوى محدود أو كبير، أو ذكرى لمشاعر أو مجرد شعور بأننا التقينا، لأن كلا منا كان بحاجة إلى لقاء الآخر ليتمكن من مواصلة طريقه". إنه شعور مشترك مع العديد من المغاربة هواة السفر والرحلات من النساء والرجال والأسر الذين يريدون ترك حياتهم اليومية الرتيبة لتوظيف طاقاتهم في ممارسة هوايتهم. وعلى بعد أسابيع من عودتها إلى المغرب، بعد زيارة مدينة ساو باولو ثم باراتي بولاية ريو دي جانيرو، تقر هدى بأنها لم تفكر في تفاصيل سفرها المقبل الذي قد يكون مجرد مغامرة جديدة في انتظارها.