على بعد يوم واحد عن الذكرى 12 لاحداث 16 ماي الإرهابية التي هزت مدينة الدارالبيضاء، عين الملك محمد السادس عبد اللطيف الحموشي مديرا عاما للأمن الوطني، مع احتفاظه بمنصبه على رأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وبرأي العديد من المراقبين، فان التعيين وتوقيته يحملان، رسائل قوية بشان السياسة الأمنية للبلاد خلال المرحلة المقبلة. أولى الرسائل هي عودة "القبضة الأمنية"، خاصة مع تكاثر عدد الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها في السنوات الاخيرة، بالاضافة الى ارتفاع نسب الجريمة بمختلف المدن الكبرى، وهو ما يجعل التحدي امام المدير العام الجديد كبيرا لإعادة رسم الخارطة الأمنية. كما ان أوضاع جهاز الامن جد معقدة، في ظل قلة الإمكانات المرصودة لتأهيله مقابل قلة العناصر المشتغلة به، ويبقى المشكل الأبرز الذي تعاني منه الشرطة في المغرب هو النقص على مستوَى الموارد، إذ لا يوجد بالمغرب إلاَّ 55.000 شرطي، وفق معلومات وردت في ملف أعدته قبل فترة مجلة "تيل كيل" الفرنسية، علماً انَّ ثلثي هذا العدد يكفيان بالكاد لتأمين مدينة كالدارالبيضاء. وعلَى إثرِ ذلكَ النقص يَتمُّ اللجوء إلى الساعات الإضافيَّة، التي أصبحت قاعدة، اضافة الى إلغاء العطل. هذا الوضع، يفجر مجموعة من المشاكل في صفوف العاملين في الجهاز، فمنذ سنة 2000، انتحر أزيد من 50 شرطياً، باستخدام أسلحتهم الوظيفيّة، ومنذ 2010، أقدمَ ستةُ شرطيين علَى الانتحار باستخدامِ سلاحهم الوظيفي، كمَا أنَّ 46 شرطياً انتحرُوا بمختلف المناطق المغربيَّة، منذُ عامِ 2000، بحيث سجلَتْ في سنة 2001 لوحدِهَا سبعةُ انتحارات، بينمَا سُجِّلَتْ ستُّ حالاتِ انتحارِ خلالَ 2007. هذه الأرقام تعكس الخلل الذي يعانيه جسمَ الشرطة بالمغرب، وهو ما يجعله أكثر هشاشة وضعفا، وهو ما استشعره الملك محمد السادس الذي التفت في مارس 2010، الى ان إصلاح أوضاع وحال الشرطة صار أمرا ملحا، وتم رفع رواتبِ رجال الشرطة بموجب النص الجديد لتبلغَ 4000 درهم، لرجل الأمن، و33.000 درهماً لوالِي الأمن الذِي لم يكن راتبه يتجاوزُ 17.000 درهم. وفِي المناسبة ذاتها، أعلنَ الملك محمد السادس عن خلقِ مؤسسة الأعمال الاجتماعيَّة للشرطة. وبراي العديد من المراقبين، فان مهام المدير الجديد للامن الوطني لن تكون سهلة على راس جهاز شاسع وإمكاناته ضعيفة، عكس جهاز المخابرات الذي على قلة العناصر المشتغلة به رصدت له إمكانات ضخمة ساعدت في اداء مهامه ومهام القائمين عليه.