عبد السلام غازي، واحد من أعيان حزب الأصالة والمعاصرة، يرأس جماعة مصمودة بإقليم وزان، منذ 2009، لكن الفضيحة تلاحقه، منذ أول يوم لانتخابه رئيسا، لكنها لم تطح به سوى في النفس الأخير لولايته. ماذا فعل؟ لقد أخفى حقيقة شواهده المدرسية، معلنا أن لديه شهادة من المدرسة الابتدائية تخول له الحق في أن يكون رئيسا لجماعته. وبالرغم من أن معارضيه حاصروه بالدعاوى القضائية، إلا أن العملية ستستغرق منهم خمس سنوات تقريبا كي يَصدر قرار من محكمة الاستئناف الإدارية يرمي به خارج مقعد الرئاسة. قبلها، كان قد ربحهم في كل المراحل، حتى أنهت محكمة النقض كل أحلام الرئيس. مرت عملية إسقاط رئيس جماعة مصمودة من مراحلها القضائية حتى وصلت إلى محكمة النقض، وكانت حتى هنا تقضي ببراءة رئيس الجماعة من أي تزوير، وتعطيه الأهلية المدرسية كي يكون رئيسا. لكن محكمة النقض قررت أن تعيد القضية إلى محكمة الاستئناف الإدارية مرة ثانية، لأنها (لم تقتنع بالشهادة المدرسية المدلى بها من لدن عبد السلام غازي). كان لا بد من خبرة على الشهادة تأمر بها المحكمة أولا، وكانت الخلاصات مزعجة. لنتمعن: (حسب السجل الأصلي المحفوظ بالمدرسة (حيث درس الرئيس) فقد التحق تحت اسم عبد السلام بن عبد الله الركوني بتاريخ 01/10/1968، ولم يظهر الاسم العائلي (غازي) للوجود إلا في بحر عام 1980). الخبير المحلف، إدريس بنيوسف، وجد أيضا أن (السجل الممسوك بنيابة التعليم أو بالمدرسة لا يشير إلى تاريخ المغادرة (لإثبات أن الرئيس درس حتى المستوى الخامس، فيحق له بذلك أن يحصل على شهادة الدروس الابتدائية)، ولم يرد هذا التاريخ سوى في الشهادة المدرسية موضوع الخبرة الصادرة في 30/06/1973، وقد كتبت أرقامه بخط مغاير للخط الذي كتبت به باقي بيانات الشهادات، ما يظهر أنه مضاف إلى البيانات المكتوبة أصلا، لاسيما وأن هذا التاريخ موضوع الإضافة مكتوب بخط أقل جودة بكثير من الخط الأصلي، وبضغط مغاير واتجاه مخالف وبتشويه مفضوح في رقم 3 المشير إلى اليوم). عثر الخبير أيضا على ثغرة كبيرة في شهادة رئيس الجماعة، فقد لفت الانتباه إلى (تصرف غريب ومفضوح طال كل شواهد المطابقة فيما يتعلق بتاريخ الولادة (1960)، ووجه الغرابة أن الشخص المولود في سنة 1960 أصبح هو نفسه مولودا بتاريخ 1957، وأن هذا الشخص قد ولد في سنة معينة عندما كان اسمه عبد السلام بن عبد الله الركوني، ثم ولد بسنة أخرى سابقة عندما أصبح اسمه العائلي هو غازي)). عرفت شواهد المطابقة، بحسب الخبرة، خروقات وفوضى وإهمال لبعض البيانات، كحذف اسم الوالدين بالشطر العلوي من شواهد العلوي من شواهد المطابقة وذكرها بالشطر السفلي. أنهت محكمة الاستئناف الإدارية قضيتها بأن رأت في الشهادة المعتمدة من لدن رئيس جماعة مصمودة، (شهادة ناقصة عن درجة الاعتبار، وتحمل الشك والريبة فيما يتعلق ببياناتها.. ولا يمكن أن تقوم مقام الشهادة المدرسية المطلوبة لرئاسة المجلس الجماعي). عبد الله سلال، محام، دافع عن رئيس جماعة مصمودة في المحكمة، قال ل (أخبار اليوم) إن القرار النهائي للمحكمة (لم يقر بأن رئيس المجلس الجماعي لمصمودة قد زور شهادته، وإنما أقر بفشله في إثبات تاريخ مغادرته للمدرسة كي يظهر أنه يستحق شهادة استكمال الدروس الابتدائية). وبحسب سلال، فإن ما وقع هو (خطأ الإدارة، لأنها لم تضع تاريخ مغادرته للمدرسة حينها في ملفه، وأهملت المسألة، حتى اليوم، وحينما حاولت تصحيح الأمر، قيل إن هنالك محاولة للتزوير، رغم أن لا شيء من ذلك حدث). لكن هل حاول رئيس جماعة مصمودة أن يستعمل حيلة تغيير الاسم كي يربح القضية، أو على الأقل، أن يربح وقتا أطول؟ بالنسبة إلى سلال، فإن (تغيير الاسم جرى في تاريخ قديم، في عام 1972، وليست هنالك أي خطط لدى رئيس جماعة مصمودة لاستعمال تغيير اسمه في خداع المحكمة أو المواطنين). يشار إلى أن الخبير أظهر أن الاسم العائلي لم يظهر سوى في عام 1980. بينما الخبرة تبين أن السجل الأصلي المحفوظ بالمدرسة يكشف أن (عبد السلام بن عبد الله الركوني التحق بمدرسته بتاريخ 01 /10 /1968، وغادرها بحسب الشهادة المتمسك بها من لدن رئيس الجماعة في 30 يونيو 1973)). كانت هنالك حجة أخرى يستعملها رئيس الجماعة في دفاعه عن شهادته المدرسية، فقد أتى ب12 رجلا يشهدون لصالح فكرة تمدرسه حتى القسم الخامس، لكن المحكمة قررت أن تستبعد كل هؤلاء الشهود، مادامت الشهادة الرسمية نفسها ناقصة بحكم الخبرة.