هل شرعت الدولة المغربية في تسوية الوضعية القانونية لجمعيات حقوق الإنسان بالصحراء؟ الجمعية الصحراوية للانتهاكات الجسيمة المرتكبة من الدولة المغربية، وهي تسمية هيئة مدنية يقودها ناشطون يدافعون عن مبدأ تقرير المصير، ستحصل على وصل للإيداع القانوني، وستكتسب مشروعيتها في العمل. وبحسب ما قالته نائبة رئيس الجمعية، إدجيمي الغالية، (رئيسها، إبراهيم دحان، سُجن لمرات متتالية، موجود حاليا خارج المغرب) في تصريح ل» اليوم24»، فإن «رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليازمي، أخبرها بأن جمعيتها ستتوصل بوصل الإيداع القانوني من لدن السلطات المغربية». غير أن الغالية كشفت أن السلطات المحلية لم تربط بها الاتصال بعد «لتفعيل مسطرة الاعتراف بقانونية جمعيتها»، وأضافت: «أن جمعيتها ستباشر الإجراءات بكل فرح حينما سينادى عليها من لدن السلطات المغربية». والجمعية الصحراوية للانتهاكات الجسيمة المرتكبة من الدولة المغربية، هي واحدة من بين 12 جمعية تنشط في حقوق الإنسان بالمغرب، جرى تسوية وضعيتها القانونية مرة واحدة ودُعي مسيروها إلى إيداع ملفاتهم، والحصول على الوصل القانوني لجمعياتهم، بحسب ما قال مسؤول كبير في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، طلب حجب هويته، فهذه الجمعية، التي تنشط بالصحراء، تعتبر الوحيدة التي «جرى الاعتراف بها حاليا، على أن تشمل هذه العملية، جمعيات أخرى مثل كوديسا، وفق ترتيبات جارية، ومشروع عمل يقوده المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، يقول المسؤول المذكور. غير أن نشطاء في حقوق الإنسان بالصحراء يرون أن الاعتراف بالجمعية الصحراوية للانتهاكات الجسيمة، «لديه سياق خاص»، بحسب ما أطلعنا محمد المتوكل، أحد الفاعلين البارزين في حقوق الإنسان بالصحراء (موال لمبدأ تقرير المصير)، وقال في تصريح ل»اليوم24»، «إن السلطات المحلية لم تُسلم بعد وصل الإيداع لهذه الجمعية بسبب تفاصيل مسطرية، لكنها ستفعل ذلك في كل الأحوال، لأن المشكلة بينهما سُويت بقرار قضائي». ويشرح العربي مسعود، وهو عضو بارز في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (موال لجبهة البوليساريو، وتقوده أميناتو حيدر)، هذه المسألة بالقول «إن جمعية الانتهاكات الجسيمة عقدت جمعها العام، وشكلت أجهزتها الداخلية وفق مقتضيات القانون، ووافقت السلطات حينها على ذلك، قبل أن تتراجع لاحقا حينما أرادت الجمعية وضع ملفها التأسيسي لدى السلطات بالعيون». وبحسب مسعود، فإن الجمعية «طعنت في قرار السلطات لدى المحكمة الإدارية في أكادير، وربحت الدعوى، ثم كسبتها مرة ثانية، بمحكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، ولم يكن لدى السلطات في العيون من خيار سوى تنفيذ قرار المحاكم المغربية بشأن مشروعية جمعية الانتهاكات الجسيمة». وطلبت سلطات العيون من هذه الجمعية أن تودع ملفها مرة أخرى لدى مصالحها كي تحصل على الوصل القانوني. وفُسر حصول الجمعية الصحراوية للانتهاكات الجسيمة المرتكبة من لدن الدولة المغربية، على موافقة السلطات كعلامة على أن جمعيات مشابهة ستحصل على «مشروعيتها القانونية». وكما قال سالم الشرقاوي، في تصريح، فإن «تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (كوديسا) سيحصل على وصله القانوني ما إن يتقدم بطلب بذلك»، غير أن قياديين في هذا التجمع لا يعتقدون أن العملية ستكون بهذه البساطة، وكما يقول العربي مسعود، فإن «وضعيتنا في التجمع تختلف بدرجة كبيرة عن جمعية الانتهاكات الجسيمة، لأن السلطات المغربية لم تسمح لنا بعقد جمع عام دعونا إليه في 2007، ورفضت تسلم الإشعار الموجه من طرفنا بعقد المؤتمر التأسيسي.. وإذا ما كانت السلطات قد أخبرت الجمعية الأخرى بموافقتها على تنفيذ قرار المحكمة، فإننا لا نملك شيئا لنواجهها به، وما عليها سوى أن تخبرنا بأنها ستوافق على عقدنا لمؤتمر تأسيسي فنشرع في المسطرة». ولا يعارض قياديو تجمع كوديسا مباشرة الإجراءات لكسب مشروعيتهم القانونية في الصحراء، لكنهم يشكون في سعة صدر السلطات نحوهم، وبحسب ما قال محمد المتوكل ل»اليوم24»، فإن «الاعتراف القانوني على الورق بوجود جمعيات حقوق الإنسان، ثم قمع عملها بشكل مستمر في الواقع، يفرغ ذلك الاعتراف من جوهره»، ويضيف أيضا: «أن السلطات المحلية لم تظهر موقفا مرنا إزاء تجمع كوديسا، ولم يوضح أي طرف رسمي في العيون ما إن كانت هنالك نوايا مقررة لمنحنا الأوراق القانونية للعمل، وإذا كان عليّ أن أفهم شيئا ما، هو ما أستنتجه من تصرفات السلطة على أرض الواقع، إذ لا يظهر لي أن موقفها نحونا قد تغير». ويرى المتوكل أن هنالك جمعيتين رئيسيتين في حقوق الإنسان بالصحراء «ممن لديهما نفس مختلف عن الدولة المغربية، وهي جمعيتنا، وهيئة الانتهاكات الجسيمة، وإذا ما منحت واحدة أوراقها القانونية، فإنني لا أرى سببا يدعو السلطات إلى رفض مشروعية الأخرى.. وكما أفهم الأشياء، فإن منح الترخيص لجمعية الانتهاكات الجسيمة ليس معناه أن أعضاءها سيغيرون مواقفهم، وكذلك نحن». وفي رأي المتوكل، فإن «الدولة المغربية عليها أن تسوي الوضعية القانونية لجمعيات حقوق الإنسان في الصحراء، وألا تتوقع الامتنان، ويكفيها أن تفعل ما هو مناسب وفق القانون، وأن تتركنا نعمل، أيضا، وقف القانون».