تخطت قضية «الشبواني وبنخلدون» الحدود المغربية وأصبحت محط أنظار الصحافة العالمية التي ترى فيها عموما ردة في مسار حقوق المرأة المغربية. نعرض هنا لنظرة صحيفة «لوموند» الفرنسية الرصينة لهذه القضية الحساسة هذه المرة، الخبر رسمي. فالوزير المغربي المكلف بالعلاقات مع البرلمان، لحبيب الشوباني، سيتزوج عما قريب في زواج ثاني بزميلته الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي، سمية بنخلدون. زواج ثان، ليس لأن الشوباني مطلق أو أرمل، ولكن لأنه متزوج بالفعل. هذه القضية أثارت اهتمام وسائل الإعلام منذ أشهر بشأن الشائعة، حيث تضخمت، معلنة عن وجود قصة حب بين الوزيرين، عضوي الحكومة من حزب العدالة والتنمية، الحزب الإسلامي الحاكم. في بداية شهر أبريل الجاري، ناقش حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، المعارض لحكومة بنكران، علنا هذه القضية. للمغاربة أحكام متناقضة حول حكومتهم. إذ أن معظم الانتقادات تصدر عن جماعات نشيطة من الأطر الحضرية، والتي تعتبر وجهات نظرها تقدمية وذات توجه علماني. وتهم بالأساس مشاكل المجتمع، وعلى الخصوص وضع المرأة. فأي نوع من الإشارات توجهها هاته القضية، إذا أكدنا أن وزير العدل له زوجتان اثنتان؟ وهذا يعني أنه لم يتم إلغاء تعدد الزوجات، بينما بدأ تعدد الزوجات في طور الاختفاء بدون ضجيج بناء على التطور الاجتماعي، حيث عاد التعدد من جديد عبر البوابة الكبيرة، بوابة الوزيرين. فمن يعتقد أننا حقيقة في المغرب، وفي سنة 2015؟ إذا كنا نريد أن نتعامل مع الأشياء بنبرة السخرية، فإننا سنقول إن الأمر يتعلق بملهاة كوميدية من ثلاثة فصول: الفصل الأول: في شهر أبريل 2014، الوزير الشوباني يطرد بعنف كبير صحافية داخل البرلمان بسبب ارتدائها للباس «غير لائق». الفصل الثاني: بداية أبريل 2015، حميد شباط يهاجم الحبيب الشوباني عاشق زميلته الوزيرة سمية بنخلدون ويدين هذه العلاقة الغرامية السرية. لكن في المقابل هناك عدد كبير من الأصوات ترتفع من أجل مساندة الشوباني باسم احترام الحياة الخاصة. الفصل الثالث: الحبيب الشوباني برفقة زوجته الأولى لطلب يد سمية بنخلدون للزواج، والذي يبدو من خلاله قبول للتعدد عن وعي، بالرغم من عواقبه وما يسببه من إذلال للزوجة الأولى. يبدو أن حدود الحياة الخاصة تبدو متجاوزة، بعد أن وضع الشوباني تحت دائرة الضوء واقعا منسيا هو تعدد الزوجات، وهو الأمر الذي يثير صورة سلبية عن المغرب. لقد جاء ليذكرنا من جديد أن مدونة 2003 جعلت التعدد صعبا جدا، ولكنها لم تمنعه، إذ مازال يتم وفق بعض الشروط. قضية تحظى بالمتابعة في الخارج غداة كشف صحيفة «أحبار اليوم» لهذا الخبر، نشر موقع «تونسكوب» مقالا حول هذا الموضوع يحمل عنوان: «وزير مغربي برفقة زوجته الحالية يطلبان يد الوزيرة المنتدبة في التعليم العالي». والشيء نفسه فعلته «العربية»: وزير برفقة زوجته من أجل الزواج بوزيرة في المغرب». هذا، ولم تفوت وسائل الإعلام هذه الفرصة للعودة من جديد للقضية منذ هجوم حميد شباط، إذ قدمت بهذه الطريقة الجانب المغمور من الحياة السياسية المغربية. كما أنها لم تترك الفرصة للإشارة بالإصبع لتعدد الزوجات أو لما تعرضت له الزوجة الأولى من إذلال وإهانة. فقد تم تقديم تعدد الزوجات على أنه ممارسة عادية تم التقليل من أهميتها، باعتبارها مسألة اعتيادية من خلال حقيقة أن زوجة الوزير رافقته واصطحبته لطلب يد الوزيرة. لم تتوقف نسبة تعدد الزوجات منذ بداية سنة 2000 عن الانخفاض والتراجع بالمغرب. إذ انتقلت النسبة من حوالي 8،0 في المائة إلى 3،0 في المائة سنة 2012، من مجموع الزيجات المسجلة، حسب آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط المقدمة في شهر أكتوبر 2013. وحتى وإن كان يبدو أن التعدد في طور الاختفاء في المغرب، فإن تعدد الزوجات ليس بالشيء النادر داخل صفوف حزب العدالة والتنمية. ممارسة تم التقليل من أهميتها والتطبيع معها إضافة إلى الشوباني، الذي على وشك أن يصبح من أصحاب التعدد، توجد عدة زيجات داخل الحكومة، ولكن، أيضا، داخل نواب حزب لعدالة والتنمية. وكانت ياسمينة بادو، قد أبدت لأحد المواقع عن معارضتها لواقعة قبول سمية بنخلدون للتعدد. بالنسبة إليها، «يعد ذلك بمثابة عار وفضيحة للمرأة المغربية.» هذا، ومن أجل تأكيد جوابها داخل مرجعية دينية، استحضرت وزيرة الصحة السابقة علال الفاسي، الذي أكد، حسب هاته الأخيرة، أنه: «لإنقاذ المجتمع واحترام المرأة والدفاع عن الإسلام، يجب منع تعدد الزوجات». لكن هناك نقطة أخرى تتعلق بالقانون، حيث قالت الناشطة المعروفة لطيفة بوحسيني: «مادام القانون يسمح بتعدد الزوجات، فلا أحد من حقه لوم وعتاب وزير أو مغربي بسيط عن حقيقة التمتع بحق يعترف له به القانون.». . وترى أن المعنيين بالأمر «متماسكان ومتسقان مع أنفسهما»، لكن إذا كان هناك عتاب أو لوم يجب توجيهه للوزيرة: «هو افتقارها للتعاطف مع الزوجة الأولى التي ستشعر مهما يقول الناس إنها تعرضت للإذلال والإهانة». «وهو موقف يرغم ويجبر سمية بنخلدون على قبول المبدأ بأن زوجها الجديد يرغب في التمتع للمرة الثالثة والرابعة بهذا الحق. ويجب استيعاب هذا المبدأ والقبول به، وحتى المطالبة به من طرف الوزيرة المعنية لأنها من جهة، تعتبر رئيسة للجنة المناصفة داخل حزب العدالة والتنمية.».. تتأسف هذه الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بكون سمية بنخلدون «استفادت بما فيه الكفاية من مكتسبات المعركة من أجل المساواة بين الرحال والنساء داخل الحياة السياسية. وهو الشيء الذي ساعدها من جهة أخرى، على تولي مناصب سياسية»، إذ عملت بذلك على «إفراغ مبدأ المساواة من جوهره وقلصته في بعده الكمي». في النهاية، ليست هاته المقاربة تافهة أو لا قيمة لها، لأن الشوباني مغربي ومارس حقا. وجاء يذكرنا من جديد أن تعدد الزوجات، بالرغم من تأطيره، يبقى شرعيا. ولأنه وزير، فإن مقاربته تستهين وتُتفّه تعدد الزوجات وتعمل على «تسويقه». فهي ذات طابع «معياري»، وذات بعد معياري اجتماعي يقطع بشكل كامل مع التطور الحالي في المغرب. فالمدونة في 2003 جعلت تعدد الزوجات من قبيل الماضي، حيث ألقت الرفض الاجتماعي والرسمي عليه غير أن الشوباني أعاد له الاعتبار. بتصرف عن لوموند