تمنت الجزائر التي لم تنجح في احتضان دورتي 2019 و2021 لكأس أمم أفريقيا في كرة القدم، أن تحظى بتنظيم النسخة القادمة للمنافسة المقررة عام 2017، بمناسبة إجراء عملية التصويت للمكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم. إلا أن الجزائريين اصطدموا بالحقيقة المرة، بعد إعلان هيئة الاتحاد الأفريقي منح دورة 2017 للجابون للمرة الثانية بعد دورة 2012، على الرغم من أن فرص الجزائر بالفوز كانت قوية نظراً للدعم الواسع الذي تحظى به داخل الهيئة القارية، بحيث إن رئيس الاتحاد الجزائري، محمد روراوة، مقرب من قيادة الكاف التي يترأسها الكاميروني عيسى حياتو، فضلاً عن إمكاناتها المادية والمالية وكذلك الرياضية اللازمة لتنظيم منافسة كبرى، إلا أن ستة أسباب رئيسية حسب "العربي الجديد" أدت إلى خسارة الجزائر لرهان "الكان" المقبل. 1- ضغط الشركات الكبرى بفضل إعلاناتها أول الأسباب التي أثرت على قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بمنح الجابون أحقية تنظيم كان 2017، هي ضغط الشركات الكبرى المالكة للإعلانات، والتي تفضل دائماً إجراء العرس الأفريقي على الأراضي الفقيرة وتجاهل دول شمال القارة، وذلك من أجل المكاسب المادية الخيالية التي تحصدها هذه الشركات من وراء حقوق النقل التلفزيوني، حيث تجنبت الشركات الممولة للمونديال الأفريقي إقامته على أراضي إحدى الدول الغنية حتى لا تخسر حقوق البث التي سيدفعها أكثر من 39 مليون جزائري مقابل متابعة مباراة فريقه بالجابون. 2- الأزمة المالية للجزائر وانخفاض سعر البترول ومن أبرز العوامل التي أدت إلى خسارة الجزائر لرهان تنظيم كأس أمم أفريقيا 2017، هي الانخفاض الكبير في أسعار البترول في الأيام الماضية، والذي أدى إلى إبداء عديد من الأطراف تخوفها من تأثير وعواقب هذا الانخفاض المحسوس على الاقتصاد الوطني والميزانية الوطنية، ولم تكن السلطات المعنية في منأى عن هذه المستجدات، خصوصا الهيئات الرياضية التي اضطرت إلى الاجتماع أخيرا من أجل بحث وتدارس تأثير انخفاض سعر البترول على احتضان الجزائر للعرس الكروي القاري سنة 2017، كما أبدت الدولة الجزائرية من قبل مخاوفها من المداخيل القليلة التي تجنيها الدول المضيفة من هذا الأمر، والتي لا تقارن بمداخيل الدول المستضيفة لمنافسة المونديال أو كأس أمم أوروبا أو حتى مونديال الأندية، وهي المنافسات التي تكون فوائدها المالية، الاقتصادية والسياحية، كبيرة على الدول محتضنة الدورات، ويعود بالدرجة الأولى انخفاض مداخيل "الكان"، إلى تنقل عدد قليل من الجماهير الأفريقية مع منتخبات بلدانها لأسباب مختلفة، والتي تعتبر المصدر الأول للمداخيل، ثم إن النقل التلفزيوني لا يكون بحجم نقل المنافسات المذكورة، وحتى الإعلانات ليست بذات الحجم والقيمة. 3- توتر العلاقة بين روراوة وحياتو ذهب الملف الجزائري ضحية توتر العلاقة أخيرا بين رئيس الكاف عيسى حياتو ورئيس الفاف محمد روراوة، بعد أن بلغت الأول نية الثاني في خلافته، ليرد حياتو بحرمان الجزائر من احتضان دورة 2017، وكان روراوة قد اعترف ضمنيا بتوتر علاقته برئيس الكاف، عندما كشف في منتدى منظمة الصحفيين الرياضيين الجزائريين بأن تناول الإعلام الجزائري لمسألة خلافته لحياتو سبّب له مشاكل كبيرة، محاولا تلطيف العلاقة بينهما من خلال التأكيد على أنه لن يقدم ترشحه ما دام الكاميروني راغبا في البقاء بمنصبه. وذهبت تطلعات الجزائر لاحتضان دورة 2017 في مهب الريح رغم الإمكانات البشرية والمادية واللوجستيكية التي تمتلكها، في ظل موقف رئيس الكاف الذي أعلن الحرب على روراوة. 4- الصحافة الجزائرية وتطرقها للحياة الشخصية لحياتو من بين النقاط السلبية التي أثرت على قرار اللجنة التنفيدية لهيئة الاتحاد الأفريقي ورئيسه الكامروني عيسى حياتو، لهث الصحافة الجزائرية التي تطرقت إلى الحياة الشخصية لعيسى حياتو ومعاناته مع المرض، الأمر الذي أثر سلبا على نفسية حياتو، والذي يكون بدوره قد أثرت على قرار حرمان الجزائر من شرف تنظيم كأس أمم افريقيا 2017 ومنحها للجابون. 5– رفض الجزائر احتضان كان 2015 وإنقاذ حياتو ويأتي رفض الجزائر لاحتضان نهائيات كأس أمم أفريقيا 2015، كالقطرة التي أفاضت الكأس، بعدما رفض رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة إنقاذ عيسى حياتو من ورطته بعد انسحاب المغرب في آخر لحظة من تنظيم نهائيات كاس أمم أفريقيا الماضية، بسبب وباء إيبولا لتلجأ هيئة حياتو في آخر المطاف إلى غينيا الاستوائية التي نظمت دورة 2012 من قبل. 6– الحملة الانتخابية للرئيس الجابوني 2017 آخر العوامل التي ساعدت الغابون على خطف شرف تنظيم نهائيات كأس أمم أفريقيا 2017، هي الاجتماع المهم الذي جمع الرئيس الجابوني بونغو مع رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، حيث تباحث الطرفان إمكانية فوز الجابون بشرف تنظيم دورة 2017، من أجل استخدامها كحملة انتخابية، وكان الرئيس بونغو الذي تسلم مقاليد الحكم سنة 2009 بعد وفاة والده، قد قرر إدخال الاحتراف على الكرة المحلية في الجابون بعد ثمانية أشهر من تنظيم كأس أفريقيا 2012 مناصفة مع غينيا الاستوائية، ما يؤكد بأن المسؤول الأول عن البلاد صرف أموالا طائلة من أجل كسب ورقة تنظيم كأس أفريقيا 2017 واستخدامها كحملة انتخابية لرئاسيات 2017.