يرى عبد الإله حفظي، رئيس جامعة النقل التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن المحطات الطرقية التي تعيش حاليا حالة من الفوضى والتسيب، سيتم تطويرها من خلال دفتر للتحملات يشبه إلى حد كبير المحطات الطرقية الناجحة لبعض الشركات النشيطة بالقطاع، موضحا في حواره مع «أخبار اليوم» أن «كريمات الطاكسيات» سيتم تقنينها كذلك من خلال شعار محاربة الريع الذي ترفعه الحكومة الحالية. { تعيش المحطات الطرقية بالمغرب حالة فوضى الكل يعرفها، كيف ترون الأمر من وجهة نظرك؟ تعتبر حكامة المحطات الطرقية حكامة مشتتة، إذ نلمس أنه ليست لوزارة النقل سلطة عليها، لأنها توجد بالمدن، ما يجعل حكامتها مشتتة بين وزارة الداخلية والنقل، بالإضافة إلى شركات خاصة في إطار تدبيرها لتك المحطات، وهذا التداخل في الاختصاصات يضاف إليه العديد من الاختلالات المختلفة، وهو ما يعطينا للأسف هذا المشهد الفوضوي الذي يشوه صورة محطات النقل في العديد من المدن المغربية، من خلال انعدام الأمن وظاهرة الوسطاء وتراجع جودة الخدمات.. إلخ، وهناك حاليا برنامج تعاقدي ينصب أساسا على جملة من الإصلاحات التي تهم هذه الحلقة من مجموع سلسلة قطاع النقل، ومن ضمنها توحيد الشباك داخل المحطات الطرقية مثل ما هو معمول به في المكتب الوطني للسكك الحديدية، بالإضافة إلى تعميم النظام المعلوماتي بها، أي أن هناك دفترا للتحملات مشدد جدا بالنسبة إلى الشركات التي تريد تدبير هذه المحطات الطرقية، على أساس أن تستجيب لمعايير الجودة واحترام المواصفات المجالية لربط المحطة بشبكة المواصلات المختلفة حتى يسهل على الزبائن ولوج هذه المؤسسات بسلاسة. { يعني أن الإصلاح مقبل ويهم دفتر تحملات يجب على الجميع احترامه؟ الإصلاح الذي جاءت به الحكومة فيما يخص المحطات الطرقية لم يتطرق لجميع النقاط التي اقترحها المهنيون، فالإصلاح بلورته وزارة التجهيز والنقل، والتي لا تملك اليد الطولى على المحطات، ويمكن في إطار التنسيق بين وزارتي الداخلية والنقل صياغة دفتر للتحملات، والذي من شأنه الحفاظ على مصالح المهنيين، وكذلك مصالح المواطنين، إذ يجب إعادة النظر في هذه المسألة. في المقابل، هناك آليات ستفرض ابتداء من هذه السنة على الشركات التي تود تدبير المحطات الطرقية، كما هو الحال بالنسبة إلى محطات رائدة مملوكة لشركات مغربية، حيث سيكون التعامل إلكترونيا مع الزبناء من خلال الشباك الوحيد، وهو ما يعني أن ظاهرة الوسطاء، التي تشوه المحطات الحالية، ستندثر. فعندما سيرى بأن تذاكر السفر أصبحت تخرج من آليات مخصصة لذلك، فإن الوسيط لن يبقى له مكان في المحطات من الجيل الجديد، وبالتالي، فالقطاع غير المنظم، الذي كان سائدا من قبل، سيشهد تراجعا إن لم أقل اندثارا إذا ما طبقت القوانين الجديدة. { تحدثت عن الحكامة داخل القطاع، ماذا تقصد بذلك؟ يجب إعادة الانسجام للحكامة في هذا القطاع، حيث نجد أن النقل السياحي يخضع لوزارتي السياحة والنقل، ونقل المستخدمين يخضع لوزارتي الداخلية والنقل، والنقل داخل المجال الحضري مثل الحافلات والطاكسيات يخضعان لوزارة الداخلية، والنقل بين المدن يخضع لوزارة النقل، فليس هناك منظور متجانس داخل الحكومة الحالية لكي توحد جميع أنماط النقل وإخضاعها لوزارة النقل لكي تدير القطاع برمته. { هناك إشكاليات أخرى يطرحها قطاع الطاكسيات، كيف السبيل إلى حلها؟ مشكل الطاكسيات بالمدن هو أنها قطاع تابع لوزارة الداخلية، من خلال منح الرخص أو ما يسمى ب»الكريمات»، في حين أن هذا القطاع يمثل 15 في المائة من مجموع النقل بين المدن، بينما الحافلات تستأثر فقط، بنسبة 30 في المائة، أي أن الطاكسيات تستحوذ على نصف ما تقوم به الحافلات، وهو أمر غير طبيعي، والكل يرى الفوضى التي تهم قطاع االطاكسيات الكبيرة. وبالتالي، إذا أردنا إصلاح قطاع النقل الطرقي بين المدن، يجب أن يكون شموليا ولا يتم تجزيئه، بل أن يكون هناك خيط ناظم يجمع شمل قطاع النقل الطرقي، فالوزارة أعدت برنامجا تعاقديا لتأهيل القطاع ونريد أن يتم أجرأته على أرض الواقع للحد من هذه الفوضى. { لكن «الكريمات» تشكل حجر عثرة لإصلاح هذا القطاع؟ تكمن إشكالية الكريمات فيما بين صاحب الرخصة والمكتري، لكن ابتداء من هذه السنة أصبح كراء الكريمات ممنوعا، وبالتالي هناك حلان بالنسبة إلى صاحب الرخصة، إما أن يشغل العربة بنفسه، وإذاك لن يفقد الرخصة إذا كان مستغلا وممارسا. والحل الثاني هو بيع «الكريمة» لمستغل آخر مع احترام هذا الأخير لدفتر التحملات المفروض من الوزارة الوصية، وبالتالي ستحل جميع المشاكل المطروحة، حيث لن يبقى هناك سوى هذين الخيارين. بالطبع كانت هناك إمكانية شراء الدولة لتلك الرخص من أصحابها، لكن البرلمان رفض هذا الاقتراح. الإصلاح في نظري لن يحل جميع المشاكل، لكنه ضروري وملح، خصوصا وأن الحكومة رفعت شعار محاربة الفساد والريع، وهاته الكريمات تعتبر ريعا، وهناك مهنيون كذلك يستفيدون من هذا الريع، حيث إن 30 في المائة من المهنيين لديهم كريمات، و70 في المائة من مهنيي القطاع يلجأون إلى الكراء. { وماذا عن أصحاب الكريمات وفي الوقت نفسه يكترون أخرى؟ بالطبع هناك عدة حالات يمكن أن أطرحها هنا، فالمشاكل التي من الممكن أن تظهر عند أجرأة الإصلاح لا يمكن تحديدها. وأعطيك مثالا آخر لأحد الأشخاص الذي يشغَل 100 حافلة، يملك منها 30 رخصة في اسمه، لكن 70 حافلة المتبقية يكتريها، وفي الوقت نفسه ال30 حافلة التي يملكها يتم كراء بعضها لأناس آخرين، أي أن هذا الشخص تجتمع فيه ثلاث حالات، فهو صاحب كريمات ومكر ومكتر، وكما قلت هناك إشكاليات كبيرة ومتشعبة، لكن هناك إرادة سياسية لمقاومة الريع وسنحاول العمل يدا في يد مع الحكومة لإنجاح هذا الورش.