خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المغربي إلى 3 في المائة خلال العام الجاري، بعد أن كان توقع قبل أربعة أشهر أن النسبة يمكنها مقاربة 3.9 في المائة، وذلك في تقرير أصدره عقب زيارة رئيس البعثة الاستشارية للصندوق، جون فرانسوا دوفان، إلى المغرب بداية هذا الأسبوع. وكان الصندوق في تقريره حول آفاق النمو العالمى، الصادر مطلع شهر أكتوبر المنصرم، قد توقع بأن يحقق الاقتصاد المغربي معدل نمو في حدود3.5 في المائة خلال 2014، وتعتبر هذه النسبة كذلك تصحيحية، بعد أن كان الصندوق نفسه قد راهن على نسبة 3.9 في المائة خلال شهر يوليوز الماضي. وأرجع المحلل الاقتصادي، علي بوطوالة، هذا التباين في توقعات صندوق النقد إلى أن هذه المؤسسات المالية الكبرى تعتمد في دراساتها على الخبراء المغاربة، والذين يشتغلون مع صندوق النقد أو البنك الدولي. وبالتالي، فإن النسبة المتوقعة الآن من الصندوق، أملتها المستجدات التي طرأت، ومن بينها توقعات بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، اللذين خفضا من توقعاتهما إلى ما دون 3 في المائة. وأكد المحلل الاقتصادي، في اتصال مع « اليوم24»، أن هذه المؤسسات العالمية الكبرى وإن كانت مرجعا للمستثمرين الأجانب، إلا أنها ليست معصومة من الخطأ لأنها تخضع في بعض الأحيان لاعتبارات أخرى غير الاعتبارات الاقتصادية، والتي يكون الهدف منها تشجيع بلد معين أو حكومة معينة على الاستمرار في نهج سياسة اقتصادية منسجمة مع التوصيات التي تفرضها هذه المؤسسات. وبالرجوع إلى بيان صندوق النقد، الذي نشره أول أمس (الثلاثاء) على موقعه الإلكتروني، بمناسبة اختتام اجتماعات بعثة الصندوق مع السلطات المغربية، برئاسة جون فرانسوا دوفان، نجده يؤكد على أنه «بعد تسجيل موسم استثنائي سنة 2013، انخفض الإنتاج الفلاحي، مما سينتج عنه انخفاض نمو الناتج الداخلي الخام بنحو 3 في المائة سنة 2014، بالرغم من الانتعاش الأخير لنشاط القطاعات غير الفلاحية. لكن رئيس البعثة الاستشارية للصندوق أكد أن تماسك الأسس الاقتصادية وتنفيذ المشاريع الاقتصادية الاستباقية «ساهما في استقرار الاقتصاد رغم الرياح المعاكسة». وبخصوص باقي المؤشرات الاقتصادية، أشار المسؤول ذاته إلى انخفاض التضخم وارتفاع احتياطات الصرف وانخفاض العجز المرتبط بالمبادلات الخارجية الجارية التي ينتظر أن تناهز حوالي 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأوضح دوفان أن هذا الأداء يُعزى في جزء منه إلى ارتفاع صادرات القطاعات الصاعدة وانخفاض الواردات من منقولات التجهيز والمنتجات الطاقية، وانخفاض فاتورة الواردات الطاقية، مبرزا أن عجز الميزانية يتراجع بعد أن وصل إلى ذروته سنة 2012، بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وأن الدين العمومي يظل مقبولا، منوها بالجهود المهمة التي بذلها المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة في مجال محاربة الفقر، معربا عن اعتقاده بأنه «هناك الكثير مما يتعين القيام به للتقليل من البطالة والحد من الفوارق الاجتماعية، إضافة إلى تحسين التربية والولوج إلى البنيات التحتية الأساسية». وأضاف المسؤول «أنه من الضروري في هذا الإطار أن تواصل السلطات الإصلاحات التي تمت مباشرتها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنافسية، ووضع أسس نمو قوي وأكثر شمولية». وبحسب صندوق النقد الدولي، فانه يتوقع أن يستقر النمو في معدل يناهز4.5 في المائة سنة 2015، وأن يتحسن أداء القطاعات غير الفلاحية وأن يعرف النمو الفلاحي وتيرة عادية. غير أن دوفان حذر من كون المغرب «يظل معرضا لمخاطر خارجية سلبية مهمة، لاسيما ما يتعلق بالنمو في أوروبا». ونوه بكون وتيرة التحكم في المالية العامة، كما ينص على ذلك مشروع قانون المالية لسنة 2015، الذي يتوقع عجزا ب 3ر4 في المائة من الناتج الداخي الخام «مناسبة».