تظهر أيادي النساء المغربيات مخضبة بالحناء في العديد من المناسبات، لكن هذه المادة التي تظهر حمراء على أكف النساء، حرصت سواعد الرجال على جعلها خضراء في الحقول قبل أن تصير مادة تزيين ودواء. تمر الحناء بالعديد من المراحل الدقيقة والشاقة قبل أن تصير مسحوقا أخضر في أكياس صغيرة، تستخدمه النساء كدواء طبيعي لعلاج تشققات البشرة، وكمادة صابغة للشعر، ولنقش رسوم جميلة على الأيادي والأقدام. يقول محمد هابيل، فلاح بضواحي مدينة زاكورة، لوكالة الأناضول وهو منهمك في حصاد الحناء: "العمل في الحناء يتطلب صبرا ودقة". ويضيف هابيل أن عملية زرع الحناء تبدأ من بذورها التي تسمى "المحبب"، وتابع: "بذور الحناء لا تزرع مباشرة في الأرض، بل تغمر بالمياه وتوضع في إناء مغلق لمدة أسبوع. بعدها تستخرج وتخلط بالتراب حتى تفصل حبات البذور عن بعضها". ويتابع: "عندما تكون حبات البذور جاهزة للزرع، تزرع بشكل كثيف في مساحة ضيقة، وتسقى بشكل يومي في الأسبوع الأول من زرعها، أما في الأسبوع الثاني فتسقى مرة كل يومين. بعد مرور هذه المدة، تكون البذور قد كونت جذورا وأوراقا". من جهته، يقول لحسن أوخمران، وهو فلاح بنفس المنطقة، لوكالة "الأناضول": "يمكن لنبتة الحناء بعد هذه المرحلة أن تظل دون سقي لمدة أسبوع أو أكثر"، ويضيف أن "عملية الزرع تكون قبل حلول شهر نوفمبر". بحلول شهر ديسمبر، تتساقط أوراق هذه النبتة وتتوقف على النمو، لكنها تستأنف نموها الطبيعي مع بداية شهر مارس، بحسب أوخمران. "بعد نمو نبتة الحناء تأتي مرحلة اقتلاعها من جذورها وغرسها في مساحة شاسعة بعدما كانت مكثفة في مساحة ضيقة" هكذا شرح عبد المجيد بنويس، وهو فلاح أخر بالمنطقة، العملية الأخيرة، في زرع الحناء. ويضيف بنويس: "لأهل زاكورة عادة قديمة في هذاة المجال تسمى التويزة، فالفلاح الذي يريد غرس الحناء يطلب مساعدة عدد كبير من الرجال، أما أجرتهم فتكون عبارة عن وليمة غذاء يدعوهم لها". تسقى الحناء مباشرة بعد الغرس ويستمر في سقيها بشكل دوري إلى أن تترعرع وتنمو لتأتي مرحة الحصاد، فتوضع الحناء على شكل أهرام صغيرة لتجف أوراقها تحت الظل، حسب بنويس. ويتابع: "تأتي بعد ذلك مرحلة عزل الأوراق الجافة عن العيدان (السيقان) عن طريق تحريكها بالمذراة، وبعد ذلك تأتي مرحلة تعبئة الأوراق داخل الأكياس وتوجيهها نحو الأسواق". ويصل ثمن الكيلوغرام الواحد من أوراق الحناء مابين 20 و25 درهما (2.5 دولار إلى 3 دولارات)، وهو السعر الذي يؤكد محمد هابيل ولحسن أوخمران وغيرهما من الفلاحين بأنه زهيد ولا يساوي الجهد المبذول في إنتاج هذه النبتة.