في هذه الحلقة، تعود رفيقة فرنسوا هولاند إلى هجوم الصحافة عليها، التي وصفتها بأقبح الأوصاف، فهي سارقة الرجال، ومخربة الأسر، وهستيرية، وصاحبة مزاج عكر. تعتقد فاليري أن هولاند استعملها ليفلت من انتقادات الصحافة، بسبب تورطه في الخلط بين حياته الخاصة والحياة العامة. ترجمة مجيد جازوري في اليوم الموالي، ذهبت أنا وفرنسوا معا لزيارة معرض للرسم، نظمته فلورنس كاسيز برواق «75 فوبورغ» الذي يوجد على بعد خطوتين من الإليزيه. بالطبع لم يكن بيننا أي تبادل للكلام، كان متحفظا. بعد ذلك لم أره إلا مرات قليلة حتى يوم الاثنين. كان يقضي وقته في الإليزيه، ولم يكن في حاجة للذهاب إلى بلدية «تول» من أجل الإدلاء بصوته، لأن المرشحة التي اختارها لخلافته، بهذه الدائرة الانتخابية، «صوفي دوسيس»، انتخبت في الدورة الأولى. عندما نكون بمفردنا وجها لوجه، يتحدث لي عن صورتي السيئة. كان يخاف أن تصيبه العدوى، فهو لا يفكر سوى في نفسه. - «وأنا؟ هل تتذكر كيف كانت صورتك عندما أحببتك؟ لو أخذت بعين الاعتبار مستوى شعبيتك آنذاك، لما وقعت في حبك». كانت شعبيته في فترة 2005-2006 في أدنى مستوياتها إلى درجة أن معاهد استطلاعات الرأي كانت تتحاشى قياس شعبيته. استُبعدت من السهرة الانتخابية، وبقيت وحيدة في شقة زنقة كوشي. كنا نتبادل الرسائل النصية بعد زوال اليوم عندما كان يتلقى النتائج الأولى للانتخابات. شعرت بأنه بدأ يهدأ، فالنتائج كانت أفضل من تلك التي كانت متوقعة قبل «التغريدة». ولم يكن لغلطتي أي أثر حاسم على نتيجة الحزب الاشتراكي الانتخابية. صحيح أنه لم يتم انتخاب سيغولين رويال، وذلك لأن نتيجتها الضعيفة في الدورة الأولى كانت غير قابلة للتعويض أو للاستدراك، كما كان عليه الحال في الانتخابات الرئاسية لسنة 2007. بالرغم من النتائج الجيدة للأغلبية الرئاسية، لم أتلق أي دعم في الأيام الموالية. وبما أن فوز الحزب الاشتراكي كان منتظرا، فقد أصبحت تغريدتي حدثا مثيرا أكثر للصحافة التي استغلتها إلى أقصى الحدود، وأصبحت سيغولين رويال ضحية مؤامرة وليست ضحية عملية إنزال غير موفق في دائرة غير دائرتها الانتخابية. كنت في أعين وسائل الإعلام والرأي العام السبب في هزيمتها، ووجه إلي الاتهام بالتدخل في نقاش سياسي من أجل تصفية خلاف شخصي له طبيعة خاصة، واتهمت بأنني لست على تفاهم مع الرئيس الذي يقاسمني العيش، وأنني مصابة بغيرة مرضية، وأصبحت سارقة أزواج، ومخربة أسر، وحقودة، وصاحبة مزاج عكر، وهستيرية. لم أكن في حاجة إلى المزيد، فاقترحت من جديد على فرنسوا تقديم اعتذار علني، غير أنه أجابني بالرفض. حاولت الهروب من هذه الإدانة العامة، وقطعت صلتي بالجميع وانعزلت. كنت أتلقى رسائل من قبيل: «خاصة لا تقرئي هذا المقال». وكان علي إما أن أقاوم القراءة وأتخيل الأسوأ، وإما قراءة المقال والتعرض لطعنة قاتلة. كان علي أن أتحمل العتاب الموجه إلي من مسؤولي الدولة الكبار والشخصيات المرموقة في الحزب الاشتراكي. ومن الذين قالوا عبارات قاسية جدا في حقي: جون مارك أيرو، وكلود بارطولون، ومارتين أوبري، وفرنسوا روسبان، وأسماء أخرى نسيتها. أعرف اللعبة السياسية، لأنني اشتغلت صحافية لمدة خمس عشرة سنة في هذا الميدان، وأعلم أن لا أحد منهم يمكنه شن الهجوم علي بدون ضوء أخضر من فرنسوا. وستكشف لي إحدى صديقاتي فيما بعد أن هولاند هو الذي سلمهم رخصة القتل في هذه الحملة الرهيبة. لم أكن أبدا وحيدة كما كنت في تلك الفترة.. خف غضب فرنسوا علي بعد الدور الثاني من الانتخابات التي كانت في مصلحة اليسار، ولكنه بقي قاسيا. لم أفهم لماذا لا يبحث هؤلاء المسؤولون السياسيون عن تهوين الأشياء وتجاوزها للاهتمام بأمور أهم. كل يوم، كان أحدهم يجعل السجال يستمر. وحتى لا أغرق في العزلة، قررت الهروب كلما أتيحت لي الفرصة إلى حديقة فرساي من أجل ركوب الدراجة مرارا وتكرارا. لم أكن في هذه اللحظة واثقة من وضع قدمي ثانية في الإليزيه. كانت تسيطر علي أفكار سوداء.. سوداء جدا، ولكن كان يجب علي أن أصمد وأقاوم، لأنه سيكون على اثنين من أبنائي اجتياز امتحانات الباكلوريا. وقد تزامن هذا الامتحان مع اللحظة التي أصبح رأس والدتهما رسميا موضوع مزايدة. كانت صوري معلقة على ظهر الأكشاك مرفقة بعناوين قاتلة. أي جريمة ارتكبت؟ يوجهون إلي الاتهام بأنني مزجت الحياة الخاصة بالحياة العامة. هذا صحيح، لكن، هل أنا التي بدأت ذلك؟ لم يقدم فرنسوا هولاند الدعم والمساندة إلا لمرشحة واحدة، وهي أم أبنائه، لم يفعل ذلك من أجل أي مرشح آخر. فهو الذي قام بإدخال حياته الخاصة في السياسة. ولكن جريمتي أنني، من خلال تلك التغريدة، أسأت إلى الرمز الأعلى الذي لا يمس.. أسأت إلى الأم، ورغم أنني أنا أيضا أم، إلا أنني لست أم أطفال الرئيس. لذلك فإن الأمر لا أهمية له. بضعة أشهر بعد ذلك، نصحني أحد المختصين في استطلاعات الرأي أن أظهر في صورة تجمعني بأبنائي، وأوضح لي أن الفرنسيين لم يسبق لهم أن رأوني برفقتهم. وقال لي إن ترويج بضع صور عائلية بعناية يكفيني لتغيير وجهات النظر. رفضت بالطبع هذه المهزلة، فلن أستخدم صور أطفالي لمصلحتي. حاولت بعض نساء الحكومة، مثل يامنة بنغيغي وأوريلي فيليبتي أو ماريسول تورين، الدفاع عني بالرغم من كل شيء. تأثرت بموقفهن، وأوضحت لي بنغيغي أنني أصبحت رمزا للاستقلالية في الضواحي، وأصبحت، بالنسبة إلى الفتيات، المرأة التي رفضت الخنوع. فاجأني ذلك، ولكن في الواقع، عندما تجرأت في النهاية على مواجهة الشارع، تلقيت شهادات التعاطف والمساندة، خاصة تعاطف عدد كبير من الفئات ومن النساء المنحدرات من طبقات متنوعة. تم سلفا تحديد موعد لي لتناول الفطور مع نجاة فالو بلقاسم في اليومين أو الثلاثة أيام الموالية للفضيحة. كنت مقتنعة بأنها ستلغي الموعد بالنظر إلى قربها من سيغولين رويال، ولكنها أبقت على الموعد. وهنا أيضا أوجه إليها الشكر. بالطبع، تحدثنا بسرعة عن قضية «التغريدة»، وعبرت لها عن أسفي، ولكن لم يكن ذلك ما يهمها. قالت لي: «أنا منبهرة بقوتك الإعلامية، لذلك فكرت أنه يمكننا القيام بعمل مشترك». شعرت بالدهشة. وجدتها شجاعة، لأنها كانت مستعدة للظهور بجانبي. قلت لها: «فيما تفكرين؟». ردت علي: «يمكننا الذهاب معا للقاء العاهرات ليلا في منطقة بوا دوبولون». جوابها جعلني أتسمر في مكاني. كنت أعرف أنها تريد أن تجعل من محاربة الدعارة إحدى معاركها الرئيسة، ولكن هذه المرة، خانتني شجاعتي. قلت لها: «لست متأكدة أنه في ظروفي الحالية ستكون الفكرة جيدة. أعتقد أن ما أحتاج إليه الآن هو مواضيع تكون محط إجماع». احتفظت من لقائي بنجاة فالو بلقاسم بعبارة «قوة الإعلام» التي سحرتها. فقد كانت منجذبة إلى ما كنت أبحث عن الهروب منه منذ بداية قصتي مع فرنسوا هولاند. لم أستطع أن أذهب إلى مكتبي في أسفل الإليزيه الذي هجرته، وأصبحت أتجنب مستشاري الرئيس الذين شعرت بعدائهم لي، حتى إن ثلاثة من بينهم جاؤوا للاعتراف لي سرا بأنهم يتفهمون موقفي، وبأن الرئيس كان على خطأ عندما أصدر بيان دعمه لسيغولين، ويعتقدون كذلك أنه استخدمني كواقية من الصواعق، فلو لم أرسل تغريدتي، فإن كل غضب الصحافة كان سيسقط على رأس الرئيس، لأنه قدم الدعم والمساندة لرفيقته السابقة، وهو ما يعتبر خلطا واضحا للحياة الخاصة بالحياة العامة. وقد أشار بعض كتاب الافتتاحيات إلى هذا الخلط، لكنهم كانوا معزولين.