وفاء عامر، إحدى نجمات السينما والدراما المصرية، تتحدث في حوارها مع «أخبار اليوم» عن رؤيتها الفنية للعلاقة المصرية- المغربية، وتؤكد تقصير المغرب في الترويج لأعماله السينمائية، كما تعرج للرد على الخرجات الإعلامية الأخيرة لمواطنيها، وتكشف عن موقفها من اقتحام المغنيات العربيات لعالم التمثيل. {تكرمين اليوم في مهرجان مغربي، وتحديدا في مهرجان تيمته المرأة، ما تعليقك؟ أعتز بأن أحل ضيفة على دولة عربية كبيرة من حجم المغرب، تتقدم الدول العربية لتصرخ في وجه العالم وتقول بصوت عال: نحن لسنا متخلفين، نحن متقدمون، ودليل ذلك أننا نلقي الضوء على المشاكل التي تعيشها المرأة، باعتبارها عنصرا فاعلا ومهما ومكونا أساسيا من مكونات المجتمع. وفي هذا السياق، أقول إن المرأة المغربية ليست مكملا عدديا، لأنها تؤدي أدوارا الكبرى، إن على صعيد الإشراف على تربية الأطفال، أو حين خروجها للعمل. { نَوهتِ لحظة تكريمك بمهرجان سلا بالمغرب والمرأة المغربية خصوصا، معتبرة إياها سفيرة بتمثيلها النموذج الراقي للمرأة العربية، هل هذا رد على إساءات بعض مواطنيك الأخيرة له؟ أولا، لا أحد يمكنه الإساءة للمرأة المغربية، وأعتقد أن الأمر الذي ذكرت يتعلق بزلة لأماني الخياط، تم الاعتذار عنها. وأكرر هنا أن الخياط ستفنى وسيفنى يوسف شعبان وكل من يتحدث، لكن سيبقى المغرب وتبقى مصر في النهاية. وفي هذا الصدد، أوجه نداء لزملائي الفنانين والإعلاميين وأقول: لا تضعوا أنفسكم من مواقف من شأنها الإيقاع بين شعبين أو دولتين. وبحديثي هنا لا أجامل المرأة المغربية التي اكتشفت بعد اطلاعي مؤخرا على تاريخها أنها من أعظم نساء العالم، إذ بين المغربيات نماذج يُقتدى بها، نظرا لما قدمنه وحققنه من إنجازات في مجالات مختلفة. { الإساءة إلى المغربيات من مصر لم تقتصر على الأفراد، وإنما صدرت عبر أعمال فنية، وتحديدا الدراما، ما تعليقك على مسلسلاتكم التي تروج لذلك؟ الحقيقة أني لا أريد التحدث في الموضوع، لكن أعتقد أن الفنان أحيانا أو المؤلف أو المنتج تنتابه نوبة جنون فيعتقد أنه بالتركيز على مثل تلك المواضيع سيحقق ربحا أكبر، وتعتقد أيضا الممثلة بتجسيدها لتلك الأدوار يمكنها أن تشتهر. لكن تلك الأمور لا تمثل حقيقة المغرب ولا مصر، لأننا في الأصل من الشعوب المتدينة. وتبعا لرؤيتي الخاصة، لم يقدم في الدراما اليوم عن المرأة ما يستحق متابعته، لأن المشكلات الرئيسية التي يمكن التسليط الأضواء عليها، وتخص النساء، أرقى بكثير مما نشاهده اليوم. { علاقة بتكريم الفنانين في المغرب، كثير منهم يشيد بالمغرب، ويستغل الفرصة للاستمتاع بفترة سياحية بمقاييس عالية، وما إن تطأ رجلاه أرض بلده حتى نسمعه ينفث السم في البلد الذي كرمه، ويتنكر بالإساءة كما فعل يوسف شعبان الذي كرم السنة الماضية بالدار البيضاء. ما قولك في هذا؟ لا يمكنني أن أكون واحدة من هؤلاء، فسواء زرت دولة أو لم أزرها لا يمكنني الإساءة إليها. وأظن أن ما يحصل في الوطن العربي، بما في ذلك المغرب وباقي الدول العربية الأخرى، هو نتيجة لمؤامرة شرسة. قد يكون هذا ما حصل مع يوسف شعبان، الذي ربما أخطأ، بل أخطأ فعلا في تصريحه، وربما المعلومة التي روجها أتته من مكان ما فأعاد تكرارها دون تأكد. { لكن عدم تأكده من المعلومة يدينه أكثر مما يبرر ما صرح به؟ أنا لا أدافع عن شعبان هنا، والمغرب شعب طيب، وأكرر أني حين قبلت القدوم إلى المملكة المغربية كان ذلك بإرادتي، وجاء بعد تصريحات أماني الخياط ويوسف شعبان، وكان بإمكاني الاعتذار، لكن شجاعة المواجهة هو ما أتى بي إلى الشعب المغربي الذي أعتبره امتدادا لمصر في كل شيء، سواء في الحرية أو الكرامة أو غيرها. وأنا حين أدافع أو أثني على المرأة المغربية، فإنما أثني على المرأة العربية بشكل عام. ولن أسمح لأحد بأن يتناولها بشيء من الاستخفاف أو التحدث عنها بسوء، سواء أكان موقفها معاديا لمصر أو غير معاد (وكلامي هنا واضح وصريح عن جهة معينة)، ولا يمكنني إهانة شعبها أو رئيسها. قد تكون هناك أسباب دعت إلى الخلاف، لكنها ستحل قريبا. أما العلاقة بيننا وبين المغرب فلن يعكر صفوها أي كان، فقط شابتها بعض التصريحات التي صرح بها بعض الإعلاميين أو الفنانين، لكن الشعب غير مسؤول عنها، كما ليس مسؤولا عنها لا الرئيس ولا الحكومات، وليتحمل كل من أخطأ وزر خطئه. { ارتباطا بالعلاقات السياسية، كيف ترين الجو العام في العالم العربي، ومصر تحديدا؟ أود التحدث عن الوضع السياسي في مصر، لأني أعتبره وضعا خاصا يهم شعب مصر وأهلها. وإن كان يهمكم أن تطمئنوا علينا، فلتطمئنوا. إن الوضع مستقر وآمن بشكل كبير إلى حد أني أبعث ابني إلى مدرسته وأتابع عملي خارجا بشكل عادي. وكل ما تتابعونه على القنوات الفضائية غير القنوات المصرية الخاصة، فهو إعلام موجه لا يقول الحقيقة. من هذا المنبر أدعو كل المغاربة الذين يحبون السياحة في مصر أن يأتوا إليها مطمئنين آمنين، كما هو عندكم في المغرب، إذ أتجول بأمان، وكل من يزور مصر فهو في العين والقلب. { وماذا عن التوترات السياسية على مستوى العالم العربي؟ هذا الأمر يستدعي منا كعرب الوقوف يدا واحدا للتصدي لمن يريد السوء بنا، إذ لن نسمح لأحد بتعكير صفو علاقاتنا. وفي هذا الصدد أوصي الإعلاميين المغاربة والإعلاميين المصريين أن يتأنوا عند حديثهم في المواضيع السياسية، لأن لذلك توابعه، وكل فرد يصرح بشيء هو مسؤول عنه ولن يدفع شعب من شعوبنا ثمن ذلك. { بعد التوترات السياسية والتطور الذي تعرفه دول أخرى تتوج أفلامها في مهرجانات عربية مختلفة، هل لا تزال برأيك السينما المغربية رائدة في هذا المجال؟ السينما المصرية كانت تمر بوعكة، مثلها في ذلك مثل أية دولة في العالم يمر اقتصادها بهزات. صحيح أنه بعد الثورة قل الإنتاج بسبب هشاشة الوضع الأمني وعدم استقرار الحالة العامة للبلد، ما دفع عددا من المنتجين إلى الخوف من ضخ أموالهم في المجال، لكن اليوم، تغير الأمر بعدما استقر الوضع وبدأ العمل في ظل استعادة الأمن لعافيته وانتهاء حظر التجول وما يرتبط به. ويمكنني القول إن السينما المصرية بدأت تعود إلى جزء من سابق عهدها، حتى لا أقول إلى سابق عهدها. { ما موقع الفيلم المغربي في مصر؟ نحن بحاجة إلى الفيلم المغربي، لكن هناك على ما يبدو سوء توزيع، أو رفض توزيع، نظرا لسياسة خاصة لشركة معينة في توزيع الأفلام. { ألا يتعلق الأمر برأيك بتعظيم مفرط للذات ورغبة في الاكتفاء بإبداعكم وتصديره إلى المغرب مثلا؟ لا، نحن في مصر نعاني من ديموقراطية شديدة، بل من إفراط الديمقراطية في الفن لأننا نحبه. ودليلي على ذلك هو وجود جنسيات مختلفة للأفلام في مصر، إذ نجد الفيلم الاسكتلندي والفيلم الأمريكي والألماني والفرنسي والكوري. وعلى مستوى الدراما، المسلسل الكوري والمسلسل الهندي والتركي الذي يجد رواجا وإن كانت بعض القنوات بدأت تحجم عن شراء هذا الأخير (المسلسل التركي). { تابعت جزءا من الفيلم المغربي «الأوراق الميتة» في افتتاح المهرجان، ما تعليقك الفني عليه؟ أحسست بصدق المخرج المتجسد في عمله السينمائي. فالفيلم قدم صورة رائعة بممثلين جيدين. واضح جدا أن لديهم إحساسا بالمسؤولية فيما يقدمونه، يبقى المشكل فقط هو اللهجة المغربية التي نحس بأن إيقاع الجملة فيها سريع، وهذا المشكل لا نجده في الأعمال اللبنانية والسورية، والتي أصرت دائما دولها على العرض في مصر. { إذن صعوبة اللهجة المغربية لدى مصر تتعلق بالتعود أكثر من ارتباطها بطبيعة السرعة التي ذكرت؟ تماما، فاللهجة دائما تمضي في اتجاه السهولة بالتعود عليها، فلو عرض المغرب مثلا هذه السنة فيلما والسنة المقبلة فيلما ومسلسلا، وبعدها مسلسلين وفيلمين وهكذا، فأكيد أننا سنتعود عليها. { هل يتعلق الأمر في نظرك بتقصير من المغرب؟ أجل، هناك تقصير مغربي ومن الجانب المصري أيضا، لأننا بحاجة إلى تبادل ثقافي حقيقي، والتعاون بين البلدين لابد له أن يبنى على شيء مهم جدا، وهو الاختيار: اختيار أعمال جيدة أفلاما ومسلسلات من البلدين لتعرض في إطار التبادل، لأننا نؤمن بأن الفن يغير قوانين دول، فهو مرآة لمجموعة من الحضارات التي تعبر عنا أيضا كشعوب. بالإضافة إلى ذلك، فالسينما تعتبر جزءا مهما من الاقتصاد. إذ في وقت سابق، أي زمن الرئيس جمال عبد الناصر (رحمه الله)، وإن لم أعاصره، كان الاقتصاد مرتكزا بشكل كبير على إنتاج السينما، التي تسوق جيدا داخل وخارج البلد. ولو اعتبرتْ الدولُ والناسُ، اليوم، السينما تجارة شأنها في ذلك شأن باقي الأعمال التجارية الأخرى، عبرها نبني الأسواق، ونبني الشعوب ونبني الآراء، كما نبني القوانين ونغير فيها، لانتعشت وتميزت. { هل لك أن تسمي لنا فيلما مصريا كان له هذا الوقع حول المرأة؟ مادمنا في مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة، أستحضر أنه كان لدينا في مصر فيلم بطلته سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامه»، عنوانه «أريد حلا». هذا الفيلم تسبب في تغيير قانون الأسرة والطفل والمرأة. وعليه، علينا أن ننظر إلى كل أشكال الإبداع على أنها تبني الحضارة والفكر وتغير القوانين. كما علينا أن نقدم الفن على وجه متميز ونحن نستثمر فيه. أريد أن أضيف شيئا هو أن الدولة، إن كانت تريد حقا أن ترقى بشعبها، فعليها أن تفعل ذلك عبر الفن، وإذا كان يهمها خلق شعب معتدل فعليها أيضا بالفن. { هل لا تزال السينما المصرية قادرة على إنجاب نجوم من طينة عادل إمام مثلا؟ لقد عرفت السينما المصرية بحق عصرا ذهبيا جميلا بجيل من الفانين الكبار الذين دشنوا لنا الطريق. أما اليوم فهناك عمالقة جدد كعادل إمام ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، الذين كانوا يرون أن الملك فريد شوقي ويوسف وهبي وأمينة رزق وفؤاد المهندس، وكثير من الفنانين العمالقة، لن يجود بمثلهم الزمن، لكن ذلك غير صحيح، فمادامت هناك حياة، هناك مبدعون، ليس فقط في مصر، وإنما في العالم كله. { كيف تعلقين على دخول وجوه جديدة هاوية إلى التمثيل؟ بالنسبة إلي فأنا متحيزة جدا للأكاديميين، لكن هناك مواهب بقدرات عالية جدا، كما كان الشأن سابقا مثلا مع الفنانة فاتن حمامة التي كانت واحدة من أعظم نجمات السينما في العالم العربي، ولدينا مثلها اليوم الممثل محمد رمضان، الذي درس سنة واحدة قبل أن يغير مساره، وهناك أسماء أخرى متميزة في مصر، لكن أخشى أن أذكرها ولا تكون لأصحابها رغبة في التصريح بعدم تكوينهم الأكاديمي. لذلك فيا مرحبا بالمواهب، وبينها وجوه إعلامية تفرض نفسها وتميزها، أما غير ذلك فلا. { وماذا تقولين عن اقتحام المغنيات الحاليات للسينما والدراما، عبر بطولات مطلقة أحيانا؟ يجب أن نميز هنا بين من نجحت ومن لم تنجح. { وما معيار النجاح بالنسبة إليك؟ المعيار هو تصديق المشاهد لهذه المغنية والإيمان بموهبتها كممثلة، بالإضافة إلى كونها مغنية، وليس فقط نسب المشاهدة مثلا، أما أن تدخل التمثيل مغنية لا تملك حتى الصوت وتدفع مقابل ذلك ماديا، فأنا ضد ذلك السلوك. { مَن مِن بين هؤلاء نجحت مؤخرا؟ الفنانة أنغام في الفترة الأخيرة، وفتاة من الأوبرا اسمها مروى ناجي لها صوت مميز. { وهل نجحت هيفاء وهبي؟ أجل نجحت. كما أعجبتني في مسلسل من إنتاج زوجي، عندما تقمصت دورا أبهرني، لأنها تتماهى مع الشخصية إلى حد راق، كما أنها كانت عبقرية حين اشتغلت مع خالد يوسف، وهي ذكية جدا لأنها تحرص باستمرار على تطوير نفسها.