يعيش الفن التشكيلي المغربي، هذه الأيام، «دخولا ثقافيا» ساخنا، من احتجاجات شريحة من التشكيليين على طريقة انتقاء الفنانين المشاركين في معرض معهد العالم العربي في باريس، إلى انتقاد طريقة منهج اعتماد الأعمال التشكيلية الممثلة لتاريخ الفن المغربي في المعرض الافتتاحي لمتحف محمد السادس للفن المعاصر، الذي من المرتقب أن يدشنه الملك منتصف أكتوبر المقبل. تمكن القائمون على متحف محمد السادس للفن المعاصر، الذي من المرتقب أن يدشنه الملك منتصف أكتوبر المقبل، من جمع حوالي 400 عمل لنحو مائتي فنان تشكيلي مغربي. إذ تجسد هذه الأعمال المختارة، لفنانين أموات وأحياء، تاريخ الفن التشكيلي المغربي، منذ مطلع القرن العشرين إلى اليوم. لكن طبيعة اختيار هذه الأعمال أثارت جدلا لدى بعض الفاعلين. في هذا السياق، قال عبد الحي الملاخ، الفنان التشكيلي ورئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، إن الساهرين على المؤسسة لم يستشيروا أهم الفاعلين والعارفين بمجال الفنون التشكيلية المغربية، أثناء عملية اختيار مندوب المعرض الافتتاحي، مشيرا إلى أن العملية تمت بطريقة تلقائية. كما أوضح أنه كان من الممكن أن يتم اختيار شخصية ذات علاقات واسعة مع الوسط التشكيلي المغربي. من جهة ثانية، انتقد الملاخ طريقة اختيار الأعمال، حيث اعتبر أن الجهة المنظمة لم تأخذ بعين الاعتبار أعمال الرواد، ممن ساهموا في تأسيس الحركة التشكيلية في المغرب. إذ استشهد الفنان ببعض الأسماء التي ستغيب عن المعرض الافتتاحي أمثال النحات عبد القادر العمري والفنان التشكيلي عمر مشمشاشة، الذي كان مؤسسا إلى جانب جاك ماجوريل للصالون الشتوي، وهو أول صالون في مغرب ما قبل الاستقلال، وعبد السلام جسوس، الذي كان من أوائل من ساهموا إلى جانب فريد بلكاهية في صالون الخريف والصالون الشتوي، فضلا عن الفنان أحمد النوذة. واعتبر الملاخ هؤلاء بمثابة الآباء المؤسسين للحركة التشكيلية المغربية، التي انتشرت على يدها أبجدية التشكيل في المغرب. وخلص الملاخ، في تصريحه لجريدة «أخبار اليوم» إلى أنه سيكون حريصا على أن تكون هذه الأسماء وأخرى ممثلة في المعرض الافتتاحي، موضحا أنه اقترح خلال لقاء الخميس الماضي مع رئيس مؤسسة متاحف المغرب، مهدي قطبي، ضرورة جمع كل أعمال الفنانين الذين بصموا تاريخ الفن التشكيلي المغربي. من جهة أخرى، اعترف عبد العزيز الإدريسي، مدير متحف محمد السادس للفن المعاصر، أن المؤسسة تسعى إلى أن تضم أعمال جميع الرواد في المعرض الدائم، مؤكدا أنه لا يمكن للمؤسسة أن تمتلك هذا المعرض في الوقت الراهن، على اعتبار أنها لا تملك مجموعة متحفية متكاملة. وأوضح أنه اقترح إنشاء لجنة يتركز عملها في اقتراح لائحة العرض الدائم. وكشف عن اسم الناقد والفنان محمد الراشدي لترأس هذه اللجنة. أما فيما يتعلق بالمعرض الافتتاحي، فقد أوضح الإدريسي أنه يمثل وسيلة لإخراج المؤسسة لحيز الوجود خلال منتصف أكتوبر المقبل، معبترا أنه يكتسي طبيعة تاريخية. إذ يحاول المعرض، بحسب قوله، أن يغطي المرحلة الممتدة من مطلع القرن العشرين إلى اليوم على نحو كرونولوجي وموضوعاتي. كما يروم تقديم صورة متكاملة عن تاريخ الفن التشكيلي المغربي، بمختلف تعبيراته وتقنياته، خلال الفترة المذكورة. في حين، قال إن المتحف يعتبر مؤسسة عمومية تسعى إلى التعريف بالفن التشكيلي المغربي ونشره، ومواكبة ما استجد من أعمال في الساحة المغربية. كما كشف أن المؤسسة باتت تتوفر على أول نواة مختبرية، الغاية منها المحافظة على التراث وصيانته والوقاية من الأضرار التي قد تلحق به.