في ظروف أكثر تعقيدا، سيعقد حزب الأصالة والمعاصرة مجلسه الوطني في 19 أكتوبر، حيث تغطي القرارات العقابية التي يحتمل إصدارها بحق زمرة من قيادييه على جدول الأعمال المقرر طرحه على الأعضاء ال500 لهذا المجلس. في الاجتماع السابق، في 11 ماي الفائت، تركز الاهتمام على ميثاق الأخلاقيات الذي أعده الحزب في سعي منه إلى تجنب كلفة المشاكل التي قد تلاحق أعضاءه. وقد أحيط ذلك الميثاق بالكثير من الحفاوة وقتئذ، دون أن يعتقد بأن الاجتماع المقبل لهذه الهيئة التقريرية سيخصص لشن حملة تطهير داخلية استنادا إليه. نادرا ما لجأ الحزب إلى شن حملات تطهير داخله، وهذه أول مرة تطبق أحكام هذا الميثاق على مسؤول كبير بالحزب في رتبة أمين عام. يجعل ذلك من الاجتماع المقرر في 19 أكتوبر فرصة مثيرة لفحص قدرة الحزب على مواجهة أزمة قيادته منذ أزمة ملاحقة اثنين من قادته البارزين في قضية مخدرات، نهاية العام الفائت، وهما كل من سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالة الدارالبيضاء، وعبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق. يزعم صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية للحزب، بوجود دور كبير لديه في صياغة ميثاق الأخلاقيات، كما ذكر بيانه الصادر في 12 سبتمبر. لكنه وجد نفسه أول هدف حقيقي لذلك الميثاق بعد 6 أشهر على إقراره. علق المكتب السياسي عضوية أبو الغالي في القيادة إثر شكاوى من زملائه في الحزب بسبب « مخالفات » خلال عقد صفقات تجارية. نشر هذا المسؤول ثلاثة بيانات يندد بواسطتها بالمسؤولين عن هذا القرار، مستهدفا منسقته الوطنية، فاطمة الزهراء المنصوري، بالكثير من النقد الحاد. بالنظر إلى كل تلك التداعيات، تمثل قضية أبو الغالي الهاجس الرئيسي في اجتماع المجلس الوطني لحزبه. ليس هناك ما يشير إلى أن المكتب السياسي سيستدعي هذا المسؤول إلى الاجتماع حيث ستعرض قضيته، لكن من المرجح ألا يفعلوا ذلك بعدما تجنب أبو الغالي اجتماعا للجنة الوطنية للأخلاقيات والتحكيم عقد للاستماع إليه بخصوص مشكلته. في المقابل، لا يدري أحد في الحزب ما إن كان أبو الغالي سيحاول مواجهة قادة حزبه بالمشاركة في هذا الاجتماع. يؤكد قادة الحزب على ما ينتظر أبو الغالي من هذا الاجتماع: الطرد من صفوف الحزب. في غضون ذلك، ينتظر هذا المسؤول شروع المحكمة الابتدائية بالرباط في النظر في دعواه ضد قرار تجميد عضويته في القيادة الجماعية، والمكتب السياسي، حيث يأمل الحصول على حكم لفائدته، لكن سيتعين عليه أن ينتظر طويلا قبل أن يصدر أي قرار في هذه القضية. ويسارع الحزب إلى طي صفحة هذه الأزمة. فهذه من المرات القليلة في تاريخه، حيث يكون مطلوبا من اللجنة الوطنية للأخلاقيات والتحكيم إنهاء مهمة رقابية كهذه بحق مسؤول في الحزب في غضون شهر. لنتذكر أن المكتب السياسي في نهاية مارس الفائت، قرر تجميد عضوية كلٍّ من البرلمانيين الحبيب بنطالب، وصفية بلفقيه « على خلفية تقارير حزبية عن مخالفات تنظيمية مسترسلة قام بها البرلمانيان ». وفقا للمكتب السياسي حينئذ، فقد أحيل ملفهما على اللجنة الحزبية المختصة في التحكيم والأخلاقيات. لكن منذ ذلك الحين، لم تكتمل هذه المسطرة. ومن المحتمل وفق إفادة بعض المسؤولين بالحزب، أن يُطرح ملف هذين البرلمانيين، من بين ملفات أخرى على نفس القدر من الأهمية، على اجتماع المجلس الوطني المقبل. وسيقرر اجتماع للمكتب السياسي الأسبوع الآتي، الطريقة التي سيجري بها التعامل مع هذه الملفات.