مرة أخرى تختار وزارة الخارجية الجزائرية شهر الرحمة والتسامح والغفران لشن هجوم كاسح على الجار المغرب، والسبب اتهامات تبين أنها بلا أساس. تقول الحكاية في ملخصها ان السلطات المغربية خاطبت الجهات الرسمية في الجزائر عن بنايات شاغرة مملوكة للسفارة الجزائرية بعد أن تم نقل مقر السفارة بغية توسيع مقر الخارجية المغربية. الحوار بين الطرفين كما تقول الروايات الرسمية الموثقة جرت بسلاسة تامة ومن دون خلافات تذكر، حتى تفاجأنا ببيان هجومي كاسح من الخارجية الجزائرية على غرار البيان الأول، حتى خلنا انفسنا قاب قوسين أو أدنى من حرب طاحنة، فالأمر سطو واستفزاز يتطلب ردا حاسما. ليست هذه هي المرة الأولى التي تشن فيها وزارة خارجية نظام الجزائر هجوما على الجارة الغربية فقد سبق لها أن كالت لها الاتهامات بالجملة ، بيد ان الرباط كانت دائما ترد باليد الممدودة للحوار وطي الخلافات. لقد ضاقت المنطقة الأفريقية والعربية على نظام الجزائر ، وحتى اتفاقية السلام التي رعتها في مالي ذهبت في مهب الريح، وتحولت الجزائر الى شبه جزيرة معزولة سياسيا، بعد ان نأت موسكو بنفسها عن السياسات الجزائرية، وبدت أقرب الى حكام مالي الجدد. بينما بدت الإمارات ،التي لطالما دعمت نظام الحكم في الجزائر، بين عشية وضحاها عدوا للجزائر. حتى تونس التي عدتها الحكومات الجزائرية المتعاقبة عمقا استراتيجيا للجزائر ،بدأت تنحت كيانها بعيدا عن مهمة الوظيفة التي اختارها لها نظام الجنرالات الجزائري.. ففي غفلة من الزمن بدت تونس أقرب لمحور بدأ يبتعد عن الجزائر شيئاً فشيئاً. وعلى الرغم من الأضواء التي حاول النظام الجزائري تسليطها على استضافته لقمة مغاربية ثلاثية ، فإنها لم تفلح في ترك أي أثر ملموس على أرض الواقع، فليبيا التي مازالت تتلمس طريق وحدتها الداخلية ليست في حاجة إلى المغامرة بتحالفات على حساب مصالحها،ولا على حساب حلفاء قدموا لها الدعم والإسناد ولا يزالون لتجاوز أزمتها. بين الجزائر والمغرب وشائج قرابة ومصالح مشتركة كثيرة، ولهما إمكانيات كبيرة يمكنها الإسهام بها في تلبية حاجيات شعبيهما للنهضة والتحرر، والأفضل لهما صرف هذا الوقت لصالح التنمية وليس ترسيخ الخلافات البينية المسيئة لهما وللمنطقة. *ضابط سابق في المخابرات الجزائرية