أكدت النمسا أنها تعتبر مخطط الحكم الذاتي للصحراء، الذي قدمه المغرب سنة 2007، "مساهمة جادة وذات مصداقية" في العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة، باعتباره أساسا لحل مقبول لدى كافة الأطراف. وأكد البلدان، في إعلان مشترك صدر عقب اجتماع، الثلاثاء بالرباط، بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش والمستشار الفيدرالي النمساوي، كارل نيهامر، دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، وجهوده لمواصلة العملية السياسية الهادفة إلى تحقيق "حل عادل ودائم وسياسي ومقبول لدى الأطراف"، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة. وفي هذا السياق، أشاد المغرب برغبة النمسا في مواصلة دعمها القيم لبعثة "المينورسو". من جهة أخرى، أشادت النمسا بالإصلاحات الواسعة التي أطلقها المغرب بقيادة الملك محمد السادس، والهادفة إلى جعل المجتمع والاقتصاد المغربيين أكثر انفتاحا ودينامية. وجاء في الإعلان المشترك أن "النمسا تشيد بالإصلاحات الواسعة التي أطلقها المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والهادفة إلى جعل المجتمع والاقتصاد المغربيين أكثر انفتاحا وأكثر دينامية، ولاسيما بفضل، النموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة، وكذا تمكين النساء والتنمية المستدامة". وأبرز الإعلان المشترك أن المستشار النمساوي هنأ المملكة المغربية على النجاح الذي حققه المنتدى الدولي التاسع لمنظمة الأممالمتحدة لتحالف الحضارات، الذي احتضنته مدينة فاس في نونبر الماضي، وعلى ريادة الملك محمد السادس الراسخة في هذا المجال. وأعرب المغرب والنمسا عن ارتياحهما لجودة العلاقات التي تجمع البلدين والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة دينامية قوية وتقدما مضطردا. كذلك، جدد البلدين تأكيد إرادتهما المشتركة لتعزيز التعاون الثنائي، مشيدين بالعلاقات الممتازة بين البلدين، التي شهدت دينامية قوية وتقدما ملموسا خلال السنوات الأخيرة. كما أعرب البلدان عن إرادتهما المشتركة لإقامة حوار استراتيجي على مستوى وزيري الشؤون الخارجية بهدف تعميق مجالات التعاون القائمة وتطوير سبل جديدة للتعاون. وعلى المستوى البرلماني، يضيف المصدر ذاته، شدد الجانبان على أهمية الاتصالات البرلمانية التي تضطلع بدور رئيسي في توطيد العلاقات الثنائية، منوهين، في هذا الصدد، بالزيارة الرسمية التي قام بها رئيس مجلس النواب المغربي إلى النمسا في دجنبر 2022، وبالزيارة الرسمية التي من المقرر أن يقوم بها رئيس المجلس الوطني النمساوي إلى المغرب في مارس المقبل، وكذا بزيارات رئيسي مجموعتي الصداقة البرلمانيتين اللتين أحدثتهما المؤسستان. وعلى الصعيد الاقتصادي، أعرب رئيسا الحكومتين عن ارتياحهما لنمو المبادلات التجارية بين البلدين والاستثمارات التي تقوم بها المقاولات النمساوية بالمغرب خلال السنوات الأخيرة. وبعدما نوها بالتوقيع أمس الاثنين على بروتوكول اتفاق للتعاون بين الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، اعتبر رئيسا الحكومتين أن مستوى التعاون الاقتصادي لم يرق بعد إلى إمكانات الاقتصادين المغربي والنمساوي. وعلاوة على ذلك، أعرب المغرب والنمسا عن ارتياحهما للتطور الذي شهده التعاون الصناعي في الآونة الأخيرة، منوهين بالتوقيع، في نونبر 2021، على اتفاقية شراكة بين الجمعية المغربية لصناعة وتركيب السيارات والتمثيلية التجارية للنمسا بالمغرب (Advantage Austria). كما أعرب الطرفان عن رغبتهما في تبادل الممارسات الفضلى وتطوير مشاريع مشتركة في مجال النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة، لافتين، في الوقت ذاته، إلى أهمية عقد منتديات اقتصادية بغية تشجيع تبادل الخبرات بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين. وفي الجانب الثقافي، أكد البلدان على أهمية التعاون الثنائي في المجال الثقافي والجامعي من أجل تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية، وكذا النهوض بتبادل الخبرات على المستويين الحكومي الدولي والمجتمع المدني. من جهة أخرى، أعرب رئيسا الحكومتين عن ارتياحهما للتوقيع، خلال السنتين الماضيتين، على مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمحكمة العليا بجمهورية النمسا، تروم تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في المجالات المرتبطة بالشؤون القضائية والقانونية. كما نوها بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن توطيد التعاون الثنائي في مجال الحوار بين الأديان، وأخرى تتوخى تعزيز التعاون في مجال التعليم العالي بين جامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة فيينا المستقلة. وبخصوص موضوع الهجرة، أكد المغرب والنمسا عزمهما على تعزيز تعاونهما في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، واتفقا على التعاطي الفعال مع ضغط الهجرة، باعتبارها تحديا ومسؤولية مشتركة. وأعربت النمسا، في هذا الصدد، عن تقديرها لجهود المغرب في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مسلطة الضوء على رئاسة المغرب سنة 2023 ل"مسلسل الرباط". وحسب الإعلان المشترك، سيعمل المغرب والنمسا على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر بهدف كبح عمليات المغادرة غير القانونية من المملكة. وتابع الإعلان أن هذه الجهود ستشمل، من بين أمور أخرى، إجراءات مشتركة ضد محفزات الهجرة غير الشرعية، وكذا تدابير ملائمة لإدارة الحدود، مؤكدا أن البلدين سيعززان، بشكل كبير، تعاونهما في مجال العودة الطوعية وغير الطوعية السريعة والفعالة وفي إعادة المهاجرين غير الشرعيين. وفي هذا الصدد، اتفق الطرفان على دعم العودة الفورية لمواطني الطرف الآخر الذين لا يستوفون متطلبات الدخول أو الإقامة القانونية، من خلال تسريع عملية العودة وإعادة القبول، عبر استخدام جميع الرحلات الممكنة، مع التركيز بشكل خاص على الجانحين. وجاء في الإعلان، أيضا، أن الطرفين سيعملان على إيجاد حل فعال لتدبير العودة وإعادة قبول حالات مثيرة للانشغال، مشيرا إلى أن المغرب والنمسا سيعملان على تسريع عملية تحديد الهوية وإصدار وثائق السفر لمواطني البلدين الذين يتحتم عليهم مغادرة البلد الاخر، مع ضمان العودة السريعة وإعادة قبول الأشخاص الذين تم تحدبد هويتهم. كما اتفق الطرفان، يضيف الإعلان، على إقامة حوار ثنائي منتظم رفيع المستوى حول الهجرة بين سلطاتهما الوطنية المختصة، من خلال إنشاء آليات ملائمة للتشاور والتعاون، من أجل تبادل المعلومات، ولا سيما معالجة حالات العودة وإعادة القبول المعلقة، وكذا تطوير عملية إعادة القبول. يشار إلى أن المستشار الفيدرالي النمساوي، كارل نيهامر، يقوم بزيارة رسمية إلى المغرب يومي 27 و28 فبراير الجاري، على رأس وفد رفيع المستوى، بدعوة من رئيس الحكومة، عزيز أخنوش. وتندرج هذه الزيارة في إطار الاحتفاء، يوم 28 فبراير الجاري، بالذكرى ال 240 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حينما قدم محمد بن عبد المالك أوراق اعتماده، كسفير للسلطان مولاي محمد الثالث، إلى الإمبراطور جوزيف الثاني، يوم 28 فبراير 1783.