تدخين «الحشيش» يحتاج، إلى حدود الساعة، كما هو معلوم بالضرورة، إلى وجود «النّيبرو»، وسيجارة يتم تدميرها لاستخراج التبغ، الذي يوضع على كفّ متمرسة، فتخلطه بما تيسر من «الشيرا»، الذي سبق تسخينه شيئا ما، حتى يسهل دعسه ومزجه مع التبغ، ليُوضع الخليط بشكل ممتد على طول «النيبرو» الذي يُلفّ، وتُلصق جوانبه ب«الريق» فقط، وهو طبعا غير كاف لتثبيت «الجوان»، فيضطر «الفاتخ» إلى فتل أحد جوانبه ووضع «الفيلتر» في الجهة الأخرى. باختصار، مجهود كبير ونتيجة غير مقنعة جماليا، وإن كانت ترفع صاحبها، بل أصحابها الذين يتناوبون على نفث مكبوتاتهم فيها، مقابل ما تنفثه، هي، فيهم من سمومها بعد تدخين «الجّعبوق»، إلى مدارج الخيال، الذي يتصورون معه كل شي جميل، فيغنون مع فريد الأطرش «الحياة حلوة.. بسّ نفهمها»! والوقع أنهم لا يفهمون شيئا، و«الفاهم» الكبير ليس إلا مبدع «التجعيب»! قبل الترويج ل«التجعيب»، المشتق من «الجعبة»، وهي سيجارة فارغة من التبغ تُملأ «آليا» بتبغ «صوبّة»، تم التبشير ب«فتح» قريب: تبغ مخصص للتلفيف، للمرة الأولى بالمغرب وبإفريقيا! يا سلام! وبمبرر عجيب «محاربة ظاهرة بيع السجائر المهربة»! يا سلام «عاوتاني»! «اللي فْهم شي حاجة»، ليتصل بي على «الإيميل» ويشرح لي، و«الله يرحم الوالدين»! لن يتوقف الأمر عند هذا الحد لمن أراد «الفتخ»؟ فهناك إعلان يوزع في الشارع العام هذه الأيام، حيث سيتم توفير «جعبة» فارغة وجاهزة وب«الفيلتر» وبآلة صغيرة وبأثمان في المتناول! إذن، بعد أن كان «النيبرو» متوفرا في «الصاكات» ولا شيء يبرره غير تلفيف ما يؤدي إلى أن تنطلق الأرض حول المستهلك في «اللف والدوران»، بعد أن انتهى ذلك الزمن الذي كان الناس يلفون سجائرهم بأنفسهم، في أفلام الأبيض والأسود، ها قد جاءت «الجعبة» التي لا يظهر لها مبرر منطقي غير «التجعبيق»! ما عليك أخي «الفاتخ» الجديد (ربما سيتردد القديم لأنه تشرّب الصنعة وجعل «الفتيخ» طقسا لا بد منه في مسلسل «الكمْيَة»، فضلا عن تردده المفترَض في قبول تكاليف إضافية، خصوصا إن كان من «المسحوقين»)، إلا أن تقتني هذا المنتوج الذي سيجعلك تدخن «جعبوقا» «محترما»، ليس هناك ما يجعله، شكلا، يختلف عن السيجارة العادية! ولن يعرف أحد أنك تدخن «الحشيش» إلا إذا كان «شمشاما»، وقد يتطلب الأمر من رجال الأمن الاستعانة بالكلاب المدربة! الطريف في الأمر، هو الإعلان الذي يتم توزيعه هذه الأيام، والذي يشرح كيفية «الفتيخ» الجديد والسهل، في أربع خطوات. «الخطوة الأولى: افتح الغطاء (المقصود غطاء آلة صغيرة)، املأ واضغط التبغ»، «الخطوة الثانية: أغلق الآلة ثم أدخل الجعبة الفارغة»، «الخطوة الثالثة: ادفع الغطاء إلى الخلف ثم الأمام لإنهاء التجعيب»، «الخطوة الرابعة: افتح الآلة ثم انزع السيجارة وافتخر بما أبدعت». أهم شيء في هذه الخطوات هي الجملة الأخيرة: «انزع السيجارة وافتخر بما أبدعت»! يا للفتح (الفتخ) المبين! أربع خطوات، إذن، بسيطة وغير مكلفة كثيرا، لا بد أنها ستساهم في دمقرطة «الفتيخ»، الذي كان حكرا على «الأنامل الذهبية»! الإعلان الذي يتم توزيعه هذه الأيام لم يغفل «الصّواب» مع القانون رقم 15.91 (لأنه غير ملزم في الحقيقة مادام لا يحظى بالتطبيق في بلاد العجائب هذه)، حيث تضمن صيغة: «Fumer tue»، بالفرنسية وليس صيغة: «التدخين مضر بالصحة»، كما تنص على ذلك المادة الثالثة من هذا القانون! يقول ذوو النوايا السيئة، والله أعلم، إن أصحاب هذا الإعلان يستهدفون فئة لا تتقن اللغة الفرنسية! وأنا أقول: بالفرنسية أو بالعربية، «التجعيب» و«التّْجَعبيق» يشتركان في «نغمة» واحدة وفي «قتل» واحد! [email protected]