هل فكرت مرات كثيرة في الاقتلاع عن التدخين؟؟ هل كنت تقسم مثلي بكل عزيز بأنك لن تعاود التدخين مرة أخرى دون أن تفي بوعدك؟ لا أعرف بأي صيغة تقسم أنت، لكن دعني أخبرك كيف كنت أقسم أنا : كنت أقول أحيانا: أقسم بالله لن أدخن بعد اليوم. لكني لا أنجح وما أن تشرق شمس الغد حتى أشعل السيجارة. وأنفث دخنها بنهم شديد.. أحيانا أبتدع بعض الصيغ الغريبة في القَسَمِ ؛ أن أقول مثلا : "إن كنت أحب أمي فلن أدخن بعد اليوم".. أو " وعيون أمي لن أدخن بعد اليوم".. " وحياة والداي لن أدخن بعد هذا اليوم ".. مرات كثيرة كنت أقسم بالله، ، بدين محمد، أو بأي عزيز آخر، لكني لا أفلح في الوفاء. أحمل السيجارة ذليلا وأشعلها معلنا انهزامي أمام هذه الحسناء الشقراء. كنت طالبا جامعيا معوزا، دراهمي بالكاد تكفي خبزي اليومي، وأحيانا لا تكفيه.. وسجائري كانت رديئة جدا ، سجائر الكُدّح من فقراء هذا الوطن الجريح. سجائر التبغ الأسود. وكنت مع ذلك أدخن بشراهة ، تقريبا 16 سيجارة في اليوم الواحد وأحيانا أكثر أو أقل، حسب الحالة النفسية والمادية لي.. فكرت مليا في الاقتلاع عن هذه العادة السيئة، دون جدوى. وكل مرة أفكر في هؤلاء الأشخاص الذين يحيطون بي، هؤلاء الذين يتحملون رائحة سجائري الكريهة دون أن يعبروا عن امتعاضهم. خاصة صديقتي، كنت أجلس معها لساعات في خزانة الكلية أراجع معها دروسا في الاحصاء والرياضيات. وبين الفينة والأخرى أتركها وحيدة وأذهب حيث أدخن سيجارة من نوع كازا سپور( لا أعرف ما علاقة السبور بهذا الوباء) . ثم أعود إليها، أشرح وأبرهن، أتساءل بعض مضي هذا العمر المترع بالخيبات دون أن تحتجّ يوما، هل كانت لا تشم أصلا؟ فكرت كثيرا أن أقتلع عن هذه العادة السيئة دون أن أن أتمكن من ذلك. حينها أدركت أنه من السهولة أن تكسب عادة التدخين لكنه من الصعوبة أن تتخلص من هذه العادة. ذات يوم.. اشتريت علبة من السجائر، وفكرت مليا .. ما الذي يجعلني غير قادر على التخلص من هذه الآفة؟ أهو قوة السجائر أم ضعفي أنا؟ فكرت كثيرا ووجدت حلا بسيطا جدا. سوف أتخد قرارا كبيرا بصيغة مصغرة. " لن أدخن السيجارة الأولى ".. مرات كثيرة فكرت فيها الاقتلاع عن السجائر وعندما أستيقظ، قبل الذهاب لعملي، أشرب قهوتي ، ويقول لي ذلك الشيطان الذي ليس سوى ضعفي: يا رجل؛ أنت قررت الاقتلاع عن التدخين، هذا أمر جيد، لكن ، دخّن هذه السيجارة فقط، بعدها اقتلع! أقول له : لا.. يقول لي : هذه فقط. سيجارة واحدة فقط، بعدها اقتلع، عن هذه العادة، فأيام الله طويلة وكثيرة. أنظرْ إليها، إنها شقراء فاتنة، لكن اعلم يا زميلي في هذه البْلية. إذا دخنت هذه "الأولى" فإنك لن تقتلع نهائيا. عندما تدخن هذه الأولى حتما ستقصد أقرب " صاكة " لتشتري علبة أخرى.. هذا ما حدث معي مرات عديدة.. وهذا ما فهمته.. لذلك قل معي : لن أدخن السيجارة الأولى.. تلك الصباحية التي يقول لي فيها " الشيطان /رغبتي " : دخّن هذه فقط.. هذه " السيجارة الصباحية " فقط. كنت قد اتخدت هذا القرار منذ 2004. واستطعت أن أقتلع عن التدخين بإدراكي لهذه اللْعيبة. بأنه تقول لك رغبتك : دخّن هذه السيجارة فقط، بعدها اقتلع، فالوقت أمامك لكن عندما تدخن تلك الأولى فأنت عبرت عن انهزامك.. طريقتك الوحيدة.. هي أن تقرر ليلا.. لن أدخن غدا سيجارتي الأولى.. فقط لا تدخن هذه الأولى.. فأنت إذن مقتلع عن التدخين .. هنيئا صديقي.. [email protected]