كيف روض وليد الركراكي أسود الأطلس في ثلاثة أشهر فقط قبل بداية نهائيات كأس العالم قطر 2022؟ هو سؤال يطرحه كل مغربي وعربي وإفريقي، بل وكل متتبع للشأن الرياضي داخل وخارج المغرب، بعدما تولى قيادة المنتخب قبل صافرة بداية المونديال بتسعين يوما، خلفا للبوسني وحيد خاليلوزيتش. لم يكن أحدا يتصور أو يحلم حتى أن يصل المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، سواء مع خاليلوزيتش أو غيره، خصوصا وأن البيت الداخلي للأسود لم يكن هادئا في عهد البوسني، الذي أبعد العديد من اللاعبين لأسباب لا يعلمها إلا هو، على غرار حكيم زياش ونصير مزراوي، واعتماده على لاعبين فاقدين للتنافسية مع فرقهم. زئير أسود الأطلس في نهائيات كأس العالم قطر 2022، كان ورائه عملا كبيرا في الكواليس، سواء من قبل وليد الركراكي أو طاقمه المساعد، أو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، سنستعرضها في هذا التحليل. إبعاد الحرس القديم واستقدام أطر لها كفاءة عالمية كانت أول خطوة أقدم عليها وليد الركراكي بعد تعيينه مدربا للمنتخب الوطني المغربي، هو إبعاده للحرس القديم في طاقم الأسود، واستقدام أطرا يشهد لها بالكفاءة مع الفرق والمنتخبات التي عملت معها، سواء تعلق الأمر برشيد بنمحمود، أو غريب أمزين، أو هاريسون كنغستون، أو عمر الحراق، حيث لم يبقى من الطاقم القديم، سوى طبيب المنتخب عبد الرزاق هيفتي، وموسى الحبشي، اللذان يشهد لهما بالاحترافية في العمل. وليد الركراكي لم يكن وحده مهندس انتصارات المنتخب المغربي، بل كان وراءه طاقم كبير بكفائته وليس بعدده، كما كان عليه الحال في عهد وحيد خاليلوزيتش، وهو ما اعترف به الناخب الوطني في أكثر من مناسبة خلال خرجاته الإعلامية، قبل بداية نهائيات كأس العالم قطر 2022. موسى الحبشي الجندي المجهول في الطاقم التقني لأسود الأطلس يعتير موسى الحبشي هو ذاك الجندي المجهول في الطاقم التقني للمنتخب المغربي، كيف لا وهو من يحلل أداء المنتخبات الأخرى بدقة عالية بالفيديو، ولعل الانتصار على بلجيكا بهدفين نظيفين في الجولة الثانية من دور مجموعات كأس العالم قطر 2022، كان كل الفضل له، بعد أداء اللاعبين في رقعة الميدان، كونه كان محللا للفيديو لذات المنتخب في مونديال روسيا 2018، وحصل معه على المركز الثالث. ويلعب الحبشي دورا مهما في تحليل أداء أسود الأطلس، بتصحيح الأخطاء التي قد يقع فيها لاعبوا المنتخب الوطني المغربي، كما يقدم على طبق من ذهب نقط قوة وضعف الخصوم التي تواجه أسود الأطلس. رشيد بنمحمود اليد اليمنى لوليد الركراكي المدرب دائما ما يحتاج لمساعد لديه رؤية ثلاثية الأبعاد على رقعة الميدان وخارجه، وهو الأمر الذي يتوفر في رشيد بنمحمود، الذي يعتبر اليد اليمنى لوليد في قراراته وخططه التكتيكية، فالرجل كان مساعدا للحسين عموتة في تدريب المنتخب المحلي وتوج معه باللقب سنة 2020، وفي الوداد الرياضي سنة 2017، وحقق معه لقب البطولة الاحترافية ولقب دوري أبطال إفريقيا. غريب أمزين صديق ومساعد الركراكي لاعبا ومدربا اللاعب السابق للمنتخب الوطني المغربي في الفترة الممتدة ما بين 1997 و2006، بزغ نوره مع وليد الركراكي عندما كانا معا يلعبان في صفوف الأسود، حيث يعتبر من الأطقم التي يثق فيها وليد علما أنه يشغل مساعد ثاني له بعد رشيد. وأشرف أمزين على تدريب العديد من الفرق آخرها تروا الفرنسي منذ سنة 2015، قبل أن يلتحق بالطاقم التقني لأسود الأطلس، علما أنه نال العديد من عبارات المديح من برونو إيرلس، مدرب نادي تروا الفرنسي، كما نشر النادي الفرنسي تقريرا على موقعه الرسمي عن رحيل أمزين، مؤكدا أنه خاض تجربة على أعلى مستوى مع تروا، ومشيرا على لسان مدربه إلى أن مهمته الجديدة تعد "فرصة عظيمة" بالنسبة له. هاريسون كنغستون من مجد مع ليفربول الإنجليزي إلى آخر مع المغرب يعتبر هاريسون كنغستون من جنود الخفاء كذلك، فهو قطعة من موسى الحبشي ومساعده في التحليل، وجد نفسه بين أطقم المنتخب الوطني المغربي محللا، ليعيش معه المجد بالتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، بعدما عاشه مع ليفربول الإنجليزي. وعمل هاريسون كنغستون محللا للفيديو مع ليفربول الإنجليزي لأزيد من 12 سنة، وكان المصدر الموثوق لمدربي الريدز في التحليل، آخرهم يورغن كلوب، الذي توج معه بلقب دوري أبطال أوربا، ليجمع بذلك الركراكي بين الخبرة والكفاءة في طاقمه. عمر الحراق مصدر إلهام لياسين بونو من جيرونا الإسباني إلى المنتخب المغربي لعل عمر الحراق هو الأكثر دراية بكفاءة ياسين بونو، حامي عرين المنتخب الوطني المغربي، بعدما أشرف على تدريبه عندما كان حارسا بجيرونا الإسباني في الفترة الممتدة ما بين 2016 و2020، ليجد نفسه مدربا له من جديد هذه المرة بقميص المغرب، علما أن الحراق يعتبر من المدربين الذين لهم الفضل في تألق حراس مرمى المنتخب. تألق ياسين بونو في حراسة المرمى لم يكن وليد اللحظة وليس صدفة كذلك، بوجود مدربا للحراس من الطراز العالي يدربه على كل كبيرة وصغيرة، وهو الأمر ذاته لمنير المحمدي الذي أظهر في مباراة بلجيكا، أن المنتخب المغربي يتوفر على حارسين أساسيين وليس واحد فقط، دون نسيان رضا التكناوتي، ليبقى السبب في التألق هو مدربا يعرف خبايا حراسه. روح العائلة والنية عاملان أساسيان اتخدهما الركراكي لبناء منتخب قوي ومتماسك روح العائلة من أهم ما يؤمن به وليد الركراكي لبناء فريق ومنتخب قوي ومتماسك، بإمكانه قهر الكبار، سواء عندما كان مشرفا على تدريب الفتح الرياضي والوداد الرياضي، هو ما بدى واضحا كذلك مع المنتخب الوطني المغربي رغم كل النجوم المتواجدين. وليد الركراكي بحنكته استطاع أن يلم اللاعبين له، بما فيهم عبد الرزاق حمد الله وحكيم زياش، وغيرهم من اللاعبين، حيث أصبح البيت الداخلي لأسود الأطلس يتمتع بنوع من الهدوء والطمأنينة، عكس ما كان عليه في عهد وحيد خاليلوزيتش، بل وأصبح اللاعبون مثل العائلة وكل واحد يقدم ما لديه وأكثر على رقعة الميدان. النية والقصد هي الأخرى كانت عاملا أساسيا لتألق وليد الركراكي ولاعبيه، حيث أن الناخب الوطني دائما ما كان يردد "ديروا النية غادي تضرب في البوطو وتخرج"، وهو فعلا ما حصل في أكثر من مباراة خلال منافسات كأس العالم قطر 2022. وختاما، ما كان مستحيلا قبل ضربة البداية أصبح حقيقة الآن، كون أن لا أحد كان يتوقع وصول المغرب إلى نصف نهائي مونديال قطر، لتتبقى بذلك مبارتان للمغرب لكتابة التاريخ من أحرف من ذهب، في حالة التأهل إلى النهاية والتتوبج باللقب، أو حتى احتلال المركز الثالث أو الرابع، ليبقى كل شيء ممكنا، وكما قال الركراكي "باقي مادرنا والو باقي فينا الجوع".