تشهد أسواق المال العالمية يوما ثانيا من التحسن الخميس مدفوعة بالمفاوضات بين روسياوأوكرانيا والخطاب التوافقي للاحتياطي الفدرالي الأميركي بينما تواصل أسعار النفط ارتفاعها. وبعد انتعاشها الأربعاء، سجلت أسواق الأسهم الأوروبية في تحسنا في المبادلات الأولى. وارتفعت بورصة لندن بنسبة 0,59 بالمئة وباريس 0,47 بالمئة وفرانكفورت 0,18 بالمئة صباح الخميس. وواصلت أسعار النفط ارتفاعها إذ وصل سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 115 دولارا وهو مستوى غير مسبوق منذ 2008. وقد ارتفع بنسبة 4,10 بالمئة أخرى إلى 115,10 دولارا حوالي الساعة 08,15 بتوقيت غرينتش. وارتفع سعر برميل خام برنت نفط بحر الشمال بنسبة 4,49 بالمئة إلى 118 دولارا، أي بزيادة خمسين بالمئة عما كانت عليه في الأول من يناير. في آسيا سجلت بورصة طوكيو ارتفاعا نسبته 0,70 بالمئة وهونج كونج 0,55 بالمئة لكن بورصة شنغهاي أغلقت على انخفاض نسبته 0,09 بالمئة الأربعاء. كانت اسواق المال الأميركية ارتفعت بشكل حاد الأربعاء متأثرة بالموقف المرن لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشأن رفع أسعار الفائدة المقبل للمؤسسة. وشكل الغزو الروسي لجارتها ضربة للأصول في جميع المجالات بسبب حالة عدم اليقين. إلا أن تصريحات باول بشأن خططه لتشديد السياسة النقدية الأربعاء أثارت بعض الأمل. وقال باول لأعضاء الكونغرس إنه يؤيد وتيرة معتدلة في ارتفاع الأسعار. وأضاف أنه إذا تبين أن التضخم أكبر "فسنكون مستعدين للعمل بشكل أقوى عبر رفع أسعار الفائدة أكثر من 25 نقطة أساس (0,25 نقطة مئوية) في اجتماع أو اجتماعات لاحقة" خلال العام الجاري. وتتراوح معدلات الفائدة الأساسية منذ مارس 2020 بين 0 بالمئة و0,25 بالمئة. وأكد باول قناعته بقدرة الاحتياطي الفدرالي على "تسوية هادئة" للمشكلة، أي السيطرة على التضخم الأميركي "بدون التسبب بانكماش". كانت أسواق الأسهم تخشى منذ أشهر أن يرفع الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة الأساسية للحد من التضخم الأميركي الذي يبلغ أعلى مستوى له منذ أربعين عاما. لكنها توقعت منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أسبوع بأن تكون الزيادة معتدلة. وذكر جون بلاسار خبير الاستثمار في مجموعة ميرابو بأنه بالنسبة للأسواق "التقلبات ستبقى كبيرة على وقع عمليات القصف والعقوبات الجديدة ضد روسيا". في الواقع استمر إعلان فرض عقوبات جديدة من منع لندن حصول شركات روسية للطيران على خدمات التأمين وإعادة التأمين إلى قرار مجموعة إيكيا السويدية للأثاث نشاطاتها في روسيا وبيلاروس مما يؤثر على 15 الف موظف. في الوقت نفسه أعلن الصندوق السيادي النروجي وهو ألأكبر في العالم أن أصوله تراجعت بنسبة تسعين بالمئة عما كانت عليه في بداية العام بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية. وقد صرح وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أنه يخشى من أن يكون "الأسوأ قادما". خفضت وكالتا التصنيف الائتماني فيتش وموديز تصنيف روسيا التي أصبحت في فئة البلدان المعرضة لخطر عدم القدرة على سداد ديونها، في سياق غزو أوكرانيا. وخفضت وكالة موديز تصنيف ديونها طويلة الأجل من "بي ايه ايه3" إلى "بي3". وقالت إنها ستتابع مراقبتها لروسيا في مواجهة العقوبات الغربية. من جهتها خفضت فيتش تصنيفها من "بي بي بي" إلى "بي" مع آفاق سلبية. وتجعل الدرجتان ديون روسيا في فئة الاستثمارات غير الآمنة وستعقدان إمكانية حصول البلاد على تمويل، إلى جانب العقوبات التي تمنع المستثمرين الأميركيين من شراء ديون روسية جديدة وموسكو من الوصول إلى أسواق رأس المال الأوروبي. تستمر السلع الأساسية في الارتفاع الخميس ولا سيما النفط غداة اجتماع أوبك الذي لم يغير مساره رغم توتر الأسواق. وبالإضافة إلى النفط تجاوز الغاز الطبيعي في أوروبا المستوى القياسي الذي سجله الأربعاء وبلغ 198 يورو لكل ميغاوات ساعي في السوق الأوروبية الهولندية المرجعية. على صعيد المعادن ، تجاوز سعر الزنك أربعة آلاف دولار للطن وهو أعلى مستوى منذ 2007. وظل الألمنيوم قريبا من الأرقام التي سجلها وربح النيكل أكثر من خمسة بالمئة. بلغ سعر اليورو مقابل الجنيه الاسترليني الخميس أدنى مستوياته منذ يونيو 2016 والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما تعاني عملة القارة الأوروبية من الحرب في أوكرانيا. وهبطت العملة الأوروبية الواحدة التي تاثرت بسبب قربها الجغرافي من منطقة النزاع واعتمادها على الطاقة الروسية، 0,13 بالمئة ليبلغ سعرها 82,83 بنسا مقابل يورو واحد في التداول بلندن قرابة الساعة 10,00 بتوقيت غرينتش (11,00 في باريس). وكانت قد بلغت 82,76 بنسا في وقت سابق، وهو مستوى لم تشهده منذ خمس سنوات ونصف سنة. من جهة أخرى سجلت البطالة مستوى قياسيا جديدا منخفضا بلغ 6,8 % في يناير. وقالت فيكتوريا سكولار مسؤولة قسم الاستثمارات في إنتراكتيف إنفيستور إن "انخفاض (اليورو) كان مدفوعا بمخاوف حول العدوان العسكري الروسي وبأن الارتفاع في أسعار السلع الأساسية قد يؤثر على مسار النمو في أوروبا".