قالت صحيفة "التيليغراف" البريطانية في تقرير ميداني أنجزته بمناطق تواجد عناصر "جبهة البوليساريو" بالصحراء الجزائرية، إن حالة من اليأس تجتاح مقاتلي الجبهة، بعد العديد من الإخفاقات التي يواجهها قادة "البوليساريو" على المستوى السياسي بشأن النزاع مع المغرب حول الصحراء. وحسب تصريحات عدد من مقاتلي الجبهة ل"التيليغراف"، فإن المجتمع الدولي "لم ينصفهم" وفق أقوالهم ولم تستطع الجبهة تحقيق أي شيء في قضية الصحراء، وبالتالي أصبح السؤال المؤرق لعناصر "البوليساريو" التي توجد في الخطوط الأمامية للقتال، هو "كيف سنُحرر الصحراء؟"، مشيرة إلى أن أغلبهم أصبح لا يرى أمامه سوى خيار الحرب. وقال أحد مقاتلي "البوليساريو" يُدعى بشير مصطفى ويبلغ من العمر 69 سنة، وكان سابقا مستشارا لدى قيادة الجبهة "إنه يجب على البوليساريو الانتقال إلى المرحلة الموالية"، مضيفا أن "الحرب هذه المرة تتطلب الاستمرارية والمزيد من التصعيد القوي". ووفق تصريحات عناصر أخرى من مقاتلي جبهة "البوليساريو"، فإن الخيارات أمامهم انعدمت وأصبح أغلبهم يُؤمن بأن "تحرير الصحراء" لن يتأتى إلا بالحرب، بالرغم من أنهم أصبحوا يدركون صعوبتها واختلافها هذه المرة عن الحروب السابقة التي دارت رحاها في الصحراء بين "البوليساريو" والقوات المغربية. وفي هذا السياق، قالت "التيلغراف"، إن استعمال المغرب لطائرات بدون طيار فرض على عناصر "البوليساريو" تغيير نهجها في المواجهات مع القوات المغربية، حيث أصبحوا يتنقلون بشكل متفرق بأعداد قليلة مثل الرحّال في الصحراء. وأشارت الصحيفة إلى أن من الطرق التي أصبح ينهجها مقاتلو "البوليساريو" لتجنب القصف القاتل ل"الدرون" المغربية، بعد خروجهم من الصحراء الجزائرية ودخولهم إلى المنطقة العازلة، هي الانتقال في الصحراء ليلا على متن مركبات "تويوتا"، لكن يقومون بإطفاء أضواء السيارات بالكامل، وتغطية لوحة القيادة بلاصقات مطاطية حتى لا يتم رصدهم من طرف "الدرون" خلال تجوالها في السماء. وبالرغم من الاحتياطات التي يقوم بها عناصر "البوليساريو" خلال انتقالهم في المنطقة العازلة من أجل الاقتراب من الجدار الأمني المغربي للقيام بعمليات ضد القوات المغربية، إلا أن ذلك لا يوقف ترقبهم الدائم ومراقبتهم المستمرة للسماء خشية قدوم "الدرون" لقصفهم. يشار إلى أن قائدا عسكريا لدى "البوليساريو" يدعى محمد فاضل، كان قد تحدث لصحيفة "بوبليكو" الإسبانية، وكشف بأن الحرب الحالية مع المغرب تختلف عن السابق، مشيرا إلى أن المغرب يمتلك الآن طائرات "الدرون" التي أصبحت أسوأ الكوابيس التي يُعاني منها عناصر الجبهة الانفصالية. وقال المتحدث ذاته، إنه أصيب في الثمانينيات من القرن الماضي من طرف القوات المغربية، وأصيب للمرة الثانية في أبريل الماضي بعد تنفيذه رفقة عناصر أخرى من البوليساريو لعملية استهداف بالقرب من الجدار الأمني المغربي، لكن في طريق العودة للمخيمات، لحقت بهم "درون" مغربية وأطلقت عليهم صواريخ جوية. وأضاف أن صاروخا سقط بالقرب منه، مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، وفي نفس الهجمة المغربية، كشف أن القائد الانفصالي الداه البندير، الذي كان قائدا لما يُسمى ب "الدرك الصحراوي" التابع للجبهة وأحد القادة البارزين لدى البوليساريو، لقي مصرعه في هذا الهجوم، حيث سقط عليه صاروخ بشكل مباشر. وأبرز حسب "بوبليكو"، أن طائرات "الدرون" العسكرية التي أصبح يمتلكها المغرب، صارت أكثر كوابيس عناصر البوليساريو، حيث لا تُرى ولا يُسمع لها أي صوت، وتظهر وتختفي بسرعة، وتطلق صواريخ مباشرة، مما جعل الميليشيات، تُعاني من "الوسواس" ويبدأون في التحديق في السماء بعد أي عملية ينفذونها.