في ظل الجدل الحقوقي حول عدد من المحاكمات، التي تعرفها محاكم البلاد، خرج الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، للدفاع عن حصيلة المغرب في "المحاكمات العادلة"، بعد عشر سنوات من تنزيل مقتضيات دستور 2011. وقال عبد النباوي، في حديثه، اليوم الجمعة، خلال الندوة الوطنية حول "المحاكمة العادلة في ظل دستور 2011 عقب عشر سنوات من نفاذ مفعوله"، المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهيأة المحامين لدى محاكم الاستئناف في أكادير، وكلميم، والعيون، إن "المحاكمة العادلة ليست ترفاً حقوقياً، ولكنها واجب دستوري يهدف إلى أنسنة المنازعات القضائية، وحماية حقوق الأطراف في الدعاوى الجنائية، سواء المتهمين، أو الضحايا، وتمكين كل طرف من الدفاع عن موقفه في ظروف مناسبة. ما يعزز مناخ الثقة، وتحرير الطاقات". ودعا عبد النباوي إلى ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية، وقال في هذا الصدد إنه "رغم الرصيد التشريعي، المهم لمنظومتنا القانونية في مجال الحقوق والحريات، فإن الحاجة ما تزال ماسة لاستكمال المبادرات التشريعية، وتجويد القوانين، وملاءمتها مع دستور البلاد، والمواثيق الدولية. وإصدارها في حُلل حقوقية ترقى بها إلى مستوى المبادئ، والضمانات الدستورية، وتنهل، أيضا، من التجارب المقارنة الرائدة، والمتميزة في ضمان حقوق الدفاع، وتوفير ظروف المحاكمة العادلة". وفي ظل التعثر، الذي تعرفه مجموعة القانون الجنائي في البرلمان، قال عبد النباوي إن هاجس بلوغ المحاكمة العادلة هو ما يجعل السلطة القضائية، ومعها هيأة الدفاع، تُتابعان باهتمام كبير المسار التشريعي لعدد من مشاريع القوانين، التي تتصل بشكل مباشر بالحقوق والحريات، في مقدمتها مشاريع قانون المسطرة الجنائية، ومجموعة القانون الجنائي، والقانون المتعلق بالتنظيم القضائي، والقانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط، وإجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين، مضيفا أن هذه المساطر التشريعية ستضيف "نفَساً حقوقياً إلى المنظومة التشريعية القائمة". وزاد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أنه من أهم شروط تكريس ضمانات المحاكمة العادلة، وجود قضاة أكفاء متشبعين بثقافة حقوق الإنسان، وساعين إلى التطبيق السليم للقانون، ومحامين جبلوا على روح الدفاع عن الحقوق، والحريات، والمساهمة بمرافعاتهم، ودفوعاتهم، ومذكراتهم في تكريس مبادئ قضائية راسخة، في حسن إجراءات سير العدالة، وحماية حقوق المتقاضين. وفي إطار سعي المجلس الأعلى للسلطة القضائية، منذ تنصيبه، إلى تطوير مهارات القضاة، والانفتاح على الممارسات القضائية الفضلى، والاستفادة من الخبرة الأجنبية، تحدث عبد النباوي عن مبادرة توقيع اتفاقية توأمة مع المجلس الأعلى للعدالة في بلجيكا، لتقوية القدرات، والتكوين على أساس المعايير الأوروبية في مجالي تعزيز آليات النجاعة القضائية، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة بموازاة مع الفعالية، كما أتاح المجلس، أخيرا، لقضاة الحكم، المكلفين بالقضايا الجنائية المشاركة في دورات تكوينية لرفع قدراتهم في مجال حقوق الإنسان، يتم تنظيمها بشراكة مع رئاسة النيابة العامة. وعن تدبير مرفق العدالة، خلال جائحة كورونا، قال عبد النباوي إنه مع الجائحة لزم الحفاظ على سير العدالة بوتيرة مُقنعة تؤمن تلبية الخدمات المطلوبة للمتقاضين بمستوى مقبول، إذ تم اتخاذ عدة إجراءات من بينها، اللجوء إلى البت في قضايا المعتقلين بواسطة تقنية المحاكمة عن بعد، وهو ما شكل حسب قوله محكاً حقيقياً لأسرة القضاء للحفاظ على ضمانات المحاكمة العادلة في هذه الظروف الاستثنائية، والتي كان في مقدمتها احترام إرادة المعتقلين أنفسهم، ودفاعهم لقبول إجراء المحاكمات عن بعد.