تواجه السلسلات التلفزية الرمضانية هذه السنة، اتهامات بالجملة من طرف هيئات مهنية مختلفة، تدعي تعرضها للإساءة أو للتنقيص ضمن أحداثها المعروضة على القنوات الوطنية، مطالبة بتدخل القضاء أو الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، في وقت يرى فيه أهل الفن أن للأمر علاقة بتقييد حرية الفن والتعبير وتقزيم مساحة الإبداع لدى الفنانين. وأجلت المحكمة الابتدائية بالرباط يوم أمس الأربعاء، أولى جلسات القضية التي رفعها المحامي محمد الكصي، عن طريق دفاعه عمر الداودي، ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يطلب فيه بشكل مستعجل بتوقيف بث سلسلة "نص نص" المعروضة يوميا بتوقيت الإفطار. ويشتكي المقال الاستعجالي من سلسلة "نص نص"، والدور الذي تؤديه الممثلة بديعة الصنهاجي، والذي اعتبر "ماسا بمهنة المحاماة ومكانتها الاعتبارية ووقارها، ومن شأنه الانتقاص من مكانة المحامي". وبدوره عبر المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان عن غضبه من الحلقة الثالثة من المسلسل الكوميدي " نص نص"، مشيرا إلى أن الحلقة تضمنت مشهدا، اعتبره "حاطا بمهنة المحاماة وإهانة لبذلتها"، إضافة إلى تصوير شخصية المحامي في غير محلها وليس المحامون وحدهم من انزعجوا من السلسلات الرمضانية، بل حتى موظفو السكك الحديدية وجهوا رسالة احتجاجية إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، من أجل التدخل وإعادة الاعتبار لهم في مواجهة سلسلة "كلنا مغاربة" المعروضة على القناة الثانية. واشتكت الجامعة الوطنية لمستقبل السككيين المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، من مضمون الحلقة العاشرة من سلسلة "كلنا مغاربة"، وذلك بسبب تداول اسم "عبد الله الشومينو" بشكل استفزازي وتحقيري حسب ما ورد في نص رسالة الاحتجاج. العدول، وبدورهم، اشتكوا من مسلسل "صلاة وسلام"، بحيث أن النقابة الوطنية للعدول، استنكرت مضمون الحلقة 16 من المسلسل، والصورة التي قدمت عن العدول أمام المشاهدين. وتقدمت النقابة الوطنية للعدول، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بشكاية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، استنكرت فيها" الأقوال المغلوطة" و"لقطات قدمت العدول بصورة تحط من كرامته"، إضافة إلى تقديم "مغالطات قانونية" عن المهنة. عدوى الشكايات وإبراز الغيرة على المهنة، انتقلت إلى الممرضات كذلك، لكنها ليست بشكل رسمي، وإنما عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنادي مجموعات "فايسبوكية"، بتوحيد صوت الممرضين والاحتجاج على مسلسل"بنات لعساس"، نظرا لعدم تقبل الصورة التي قدمها المسلسل عن ممرض ضمن أحداثه، وذلك رغم أن المشخص يؤدي دور شخصية محددة ولا تنطبق خصوصياتها على بقية الزملاء في المهنة نفسها. وأزعجت الخرجات المتكررة لهيئات مهنية مختلفة وتكاثرها بشكل سريع، أهل الفن بالمغرب، والذين عبر كثيرون منهم عن استيائهم لما يحصل تجاه الأعمال الرمضانية. الفنان محمد الشوبي، أدلى برأيه في الموضوع من خلال حائطه على "فايسبوك"، وقال حول الدعوى القضائية المرفوعة ضد سلسلة "نص نص":"وصلنا إلى النفق المصري المسدود في الدراما المغربية، حين أصبحنا ننتج مثل المحامي الوحش، الذي كان يترصد الفنانين في كل حركاتهم وسكناتهم ليخدم أجندة الإخوان المسلمين". وأضاف الشوبي:"ليعلم هذا الذي رفع دعوى قضائية ضد مسلسل كوميدي، أن الفنان له الحق من موقعه أن ينتقد ويوضح سلوكات بعض المحامين، لأنه يا سيدي وبكل عقل ومنطق، المهنة الشريفة هي مهنة المحاماة وليس المحامي؛ لأنه ممارس لمهنة وبشر خطاء". وكشفت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) أنها تلقت في رمضان الماضي ما مجموعه 80 شكاية، تقدم بها مواطنات ومواطنون، تهم بعض البرامج والإنتاجات الرمضانية، خاصة أعمال الخيال (مسلسلات، سيتكومات وسلسلات فكاهية)، المعروضة من طرف قناة الأولى والقناة الثانية خلال شهر رمضان المنصرم. وأكدت الهيأة في بلاغ لها، صادر السنة الماضية، أنه على ضوء دراسة مجموع الشكايات والتداول بشأنها والبت فيها، أكد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن حرية الإبداع، لا سيما في أعمال الخيال، جزء لا يتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري، كما كرسها القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، والقانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا.