لا تزال تداعيات الفضيحة التي هزت، الأحد الماضي، المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس تعد بتطورات جديدة، حيث تواصل عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة فاس، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني "الديستي"، أبحاثها للوصول إلى جميع المتورطين في قضية الأطباء المشتبه بهم في المتاجرة في إجراء تحليلات ال"بي سي إر"، مقابل مبالغ مالية وإدراجها بقاعدة بيانات المختبر المركزي بالمركز الاستشفائي الجامعي لفاس. وأفادت مصادر "أخبار اليوم" المطلعة بأن عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة فاس، أحالت منتصف أمس الثلاثاء على الوكيل العام للملك، مسطرة تقديم طبيبين مثلا في حالة اعتقال أمام النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بنفس المدينة، عقب انتهاء مدة الحراسة النظرية التي خضعا لها منذ توقيفهما مساء الأحد الأخير، ويتعلق الأمر بطبيبين داخليين بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس، يتابعان تكوينهما بالسنة الثانية في كلية الطب والصيدلة بفاس، اللذين يواجهان تهمة المتاجرة في التحليلات المخبرية للكشف عن فيروس كورونا لفائدة عدد من الأشخاص مقابل مبالغ مالية، إذ تمكن الطبيبان المعتقلان من نسيج علاقات مع وسطاء للبحث عن الراغبين في إجراء تحليلات ال"PCR"، والتنقل إلى منازلهم لأخذ عينات من مسالكهم التنفسية على مستوى الأنف والبلعوم، حيث كانت هذه العينات تحول إلى مصلحة المختبر المركزي للتحليلات بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وتسجل ضمن قاعدة البيانات الخاصة بمرضى "كوفيد-19′′، وبهذه الطريقة تمكن الطبيبان من استغلال وسائل المختبر المركزي لوزارة الصحة للحصول على مبالغ مالية من الأشخاص الذين أجروا لهم الكشف الفيروسي، بعدما واجهوا صعوبات في إجراء تحليلات الPCR بمختبرات وزارة الصحة أو مختبرات القطاع الخاص. وزادت المصادر عينها بأن الطبيبة الداخلية بمصلحة المختبر المركزي للتحليلات التابع للمستشفى الجامعي بفاس، والتي راج خبر توقيفها معية زميليها مساء يوم الأحد الماضي، لا تزال تخضع لأبحاث المحققين التمهيدية، الذين يواصلون عملهم لفك لغز شبكة المتاجرة في تحليلات الPCR لتشخيص الفيروس التاجي مخبريا، إذ أفادت مصادر من داخل المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، بأن أربعة أطباء داخليين، من بينهم طبيبان من أصول إفريقية جنوب الصحراء، خضعوا هم أيضا لأبحاث الشرطة، عقب استدعائهم صباح أول أمس الاثنين، فيما اتسعت دائرة الأبحاث لتشمل العاملين بالجناح المخصص لمرضى "كوفيد-19" بالمركز الاستشفائي الجامعي، وزملائهم بمصلحة المختبر المركزي للتحليلات التابع للمستشفى، الذي كانت تجرى فيه تحليلات الPCR على عينات كان الطبيبان المعتقلان يجمعانها من منازل ضحاياهم مقابل مبالغ مالية تراوحت، بحسب مصادر "أخبار اليوم"، ما بين 900 و1000 درهم للفرد الواحد، فيما كانت أسماء المستفيدين من الكشف الفيروسي عن طريق الPCR بمقابل مالي، تدرج في قاعدة البيانات الخاصة بالمرضى أو الحالات المشتبه فيها، التي تشرف عليها فرق التدخل للرصد الوبائي. من جهتها، خرجت أخيرا المديرية العامة للأمن الوطني، ليلة الاثنين-الثلاثاء الأخيرة، ببلاغ كشفت فيه حيثيات توقيف طبيبين من قبل عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة فاس، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، إذ تمكنت عناصر الشرطة، بحسب البلاغ عينه، من ضبط أحد الطبيبين المعتقلين، مساء الأحد الماضي، وهو متلبس بتلقي مبلغ مالي من سيدة بأحد أحياء مدينة فاس، بعدما أخذ من مسالكها التنفسية من الأنف والبلعوم عينة بيولوجية بواسطة طقم اختبار للكشف عن فيروس كورونا، حيث حجزت عناصر الشرطة كمية من هذه الأطقم المخبرية بالصندوق الخلفي لسيارة الطبيب الداخلي، تحمل علامة المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس. وأضاف بلاغ مديرية الحموشي بأن توقيف الطبيب في حالة تلبس بأحد أحياء مدينة فاس، مكن المحققين من الوصول إلى زميله، الذي كان موجودا حينها في المداومة بمصلحة المستعجلات بالمستشفى الجامعي، حيث تمكن عناصر الشرطة من توقيفه وواجهته معية زميله بالمنسوب إليهما، واستغلالهما لعملهما كطبيبين داخليين لتحقيق مبالغ مالية من وراء إجراء التحليلات المخبرية الPCR لفائدة أزيد من 50 شخصا، مقابل مبالغ مالية قدرها بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني في 500 درهم للتحليل الواحد، فيما كانت أسماء ضحايا الطبيبين تدرج في قاعدة البيانات الصحية على أساس أنهم يخضعون للعلاج بالجناح المخصص لمرضى "كوفيد-19" بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس. وفي مقابل الصمت المطبق لوزارة الصحة ومصالحها في المديرية الجهوية بفاس، حيال فضيحة المتاجرة في التحليلات المخبرية لفيروس "كوفيد-19′′، التي لم ترصدها إدارة المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، قبل أن تفاجئهم عناصر الأمن يوم الأحد الماضي باعتقال طبيب من داخل قسم المستعجلات. كما يعيش هذا المستشفى الجامعي، الذي ظل يدبره البروفيسور خالد آيت الطالب منذ 2003 حتى استوزاره على رأس وزارة الصحة في أكتوبر 2019 ضمن النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني، (يعيش) حالة من الفوضى بسبب توالي فضائح تسييره؛ آخرها قضية الأدوية التي سرقت مع بداية دخول جائحة كورونا إلى المغرب من مصلحتي الإنعاش والتخدير والعناية المركزة بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس، التي جرى تفكيكها في شهر مارس الماضي من قبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ال"ديستي"، بتنسيق مع عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بفاس ومكناس، بطلها ممرض بمصلحة التخدير والإنعاش وأطباء بالقطاع الخاص وممثلون عن شركات لبيع الأدوية، حيث جرت إدانتهم مؤخرا من قبل جنايات فاس بخمس سنوات سجنا نافذا، وهو ما تسبب في اختلالات بمخزون مستودع الأدوية والمواد الصيدلية بالمركز الاستشفائي الجامعي في فاس، الذي تخصص له وزارة الصحة ميزانية ضخمة تتراوح ما بين 20 و30 مليار سنتيم سنويا، تهم مختلف الأدوية والمعدات الطبية وشبه الطبية الخاصة بالمختبرات وأقسام الجراحة والطب الباطني وطب الأطفال والأمراض الجلدية والعظام والمفاصل والتوليد والأمراض النسائية، وباقي التخصصات الطبية المتوفرة بهذا المستشفى، تورد مصادر "أخبار اليوم"، فيما ازدادت معاناة الأطر الصحية وسط انخراطهم في الصفوف الأمامية لمحاربة تفشي الفيروس، مع فضيحة صفقة المعقمات الطبية ومواد النظافة، التي أثارت وما تزال الكثير من الجدل، إذ سبق لوزارة الصحة في أبريل الماضي أن فتحت فيها بحثا إداريا، وأرسلت لجنة من المفتشية العامة بالوزارة للتحقيق في هذه الصفقة تحت رقم "DRS 2020-20/"، التي مولت من صندوق كورونا، لكن ملفها تم جمعه في ظروف غامضة بدون أي إجراء ضد مصالح المديرية الجهوية للصحة بفاس، وكذا الشركة التي زودت مستشفيات الجهة بمواد تعقيم مغشوشة، جرى إتلافها بعد افتضاح أمرها من قبل الأطر الصحية بجميع مستشفيات الجهة التي رفضت حينها استعمالها.