الصحافيون الشرفيون المتقاعدون يسلطون الضوء على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية    التضخم السنوي في المغرب يسجل 2.4% في 2024    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    "أزياء عنصرية" تحرج شركة رحلات بحرية في أستراليا    الكاف يؤكد قدرة المغرب على تنظيم أفضل نسخة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    إحباط محاولة تهريب تسعة أطنان و800 كلغ من مخدر الشيرا وتوقيف ستة مشتبه فيهم    مراكش: توقيف 6 سيدات وشخص لتورطهم في قضية تتعلق بالفساد وإعداد وكر لممارستة    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    وهبي: مشروع قانون المسطرة الجنائية ورش إصلاحي متكامل له طابع استعجالي    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    ترامب يصفع من جديد نظام الجزائر بتعيين سفير في الجزائر يدعم الموقف المغربي في نزاع الصحراء    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    تنفيذا للتعليمات الملكية.. تعبئة شاملة لمواجهة موجة البرد في مناطق المملكة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    خديجة الصديقي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمملكة المغربية    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    أمريكي من أصل مغربي ينفذ هجوم طعن بإسرائيل وحماس تشيد بالعملية    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاب قادر: «ليام» هي حكايتي وحكاية ناس الغربة -حوار
نشر في اليوم 24 يوم 12 - 11 - 2020

صدر أخيرا لنجم الراي الفنان الشاب قادر فيديو كليب «ليام»، أحدث أغانيه التي يطرق عبرها ذكريات الطفولة وبدايات تشربه فن الراي، ويستحضر رموزه الشيوخ الرواد. بمناسبة هذا الجديد، حاورت «أخبار اليوم» الفنان المقيم بفرنسا، الذي كشف كواليس من العمل وما دعاه إليه ملتزما ب«الأصل»، وتحدث عن رأيه في تحول فن الراي إلى «الواي واي»، وعن رأيه في أصوات الشباب، وتصوره لمواقع التواصل الاجتماعي. كما أدلى الفنان بدلوه بخصوص دعم الأغنية المغربية، معلنا تذمره من بعض المسؤولين، سواء داخل المؤسسات العمومية أو المهرجانات الكبرى، داعيا إياهم إلى تغيير سياستهم، وتقدير الفنان الحقيقي باعتباره سفيرا وواجهة لثقافة البلد.
– «ليام» هو آخر إصداراتك الغنائية في لون الراي منذ ما قبل الحجر الصحي، حدثنا عن هذا العمل وسياق إنتاجه وإخراجه في صيغة لا تخلو من حنين إلى الماضي؟
+ أغنية «ليام» هي حكايتي وحكاية ملايين من «ناس الغربة» الذين قادتهم الحياة إلى الهجرة بعيدا عن أرض الولادة والنشأة، ويأخذهم الحنين إلى الماضي والحومة والأهل والبلاد.. «ليام» تعبر عن حياتي الخاصة المليئة اليوم بالحنين إلى الماضي، والشوق إلى ذكريات الطفولة، ولعب كرة القدم مع أطفال حينا وبدايات عشق «الراي»، وتحديدا في حي سيد الهواري حيث ولدت ونشأت إلى حدود سن السادسة، لتنتقل بعدها أسرتي للاستقرار في مدينة بوتليليس، التي تبعد عن وهران بحوالي 20 كلم، وبعدها دخلنا المغرب.. كبرت.. هاجرت بعدها إلى فرنسا، حيث صنعت حياة أخرى.. لكنني لم أنس ذكريات الحي وذكريات الصبا، ويراودني الحنين بين الحين والآخر إليها، وإلى الجيران ورفاق الطفولة، ما بين الخامسة والثامنة من عمري، فأتساءل: ترى، أين استقرت بهم الحياة؟ وكيف هم الآن؟ وأسئلة أخرى عن ذكرياتي مع فن الراي حين كنت صغيرا.
هذا الحنين وهذه الأسئلة هي ما قادني إلى إنجاز أغنية محورها ما ذكرته آنفا، وتكريم رواد الراي ومبدعيه الأوائل في سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات.. تلك الأصوات التي حفرت الوجدان، أمثال أحمد وهبي وبلاوي الهواري، وغيرها من الأصوات التي نشأنا على الإنصات إليها وشكلت مدرسة حقيقية. لذلك استحضرت روحهم وأسلوبهم في الفيديو كليب.
– رغم كونها تشكل مدرسة في فن الراي، إلا أن هذه الأسماء التي ذكرت، والتي أعلنت في جينيريك الفيديو كليب أن أغنية «ليام» تكريم خاص لها، قليلون جدا من جيل اليوم من يعرفها، بمن فيهم محبو الراي من الشباب. هل هي طريقة جديدة لتقديم هؤلاء الرواد لهم؟
+ من لا يعرف أحمد وهبي وبلاوي الهواري، فلا شك أنه يعرف إبداعاتهم، ومنها «بختة» و«وهران وهران» و«علاش تلوموني» و«يا بنسيدي ياخويا» وغيرها. كنت أشاهد هؤلاء الفنانين، وأتابع أغانيهم عبر التلفزيون في بيتنا. وأغنية «ليام» هي تكريم لهم اليوم. وهناك من يطلقون عليهم لقب «ملوك» الراي، وبالنسبة لي هؤلاء هم الملوك، لأنهم أمتعوا وأذكوا المشاعر الجميلة بدواخلنا وقدموا الكثير، ولم يأخذوا في المقابل شيئا.
– هل يوجد بين المشاركين في أداء أدوار الفيديو كليب أحد أصدقائك القدامى، مادامت الأغنية تستحضرهم، وتظهر وأنت تحضنهم؟
+ تماما، هؤلاء الذين ظهروا في الفيديو هم أصدقائي المقربون، ولم أتحدث عن ذلك قبلا، وهناك شيء آخر أيضا لا يعرفه الجمهور، وهو أن ثلاثة من الأطفال الذين أدوا أدوار صور ذاكرة الطفولة هم أبنائي، الأكبر اسمه محمد أمين عمره 11 سنة، ويليه ريان عمره تسع سنوات، وأصغرهم سفيان 5 سنوات، وهذه هي المرة الأولى التي يظهرون فيها في عمل.
– فضلا عن كونها أغنية عن الحنين إلى الماضي الجميل، ومن خلال الموسيقى التي قدمت وأدائك، هل يمكن أن نقول إن «الشاب قادر» يعلن عبر جديده تشبثه بالراي «الكلاسيكي» بخلاف الفنانين الذين يسعون دوما إلى التغيير في هذا اللون الغنائي؟
+ أحب هنا تأكيد أني ارتبطت وسأرتبط دوما بالموسيقى الأصيلة، التي تلمس الروح. تلك الموسيقى التي تعتمد الآلات الموسيقية المعروفة «الكمان» و«العود» و«القانون» و«الدربوكة». وتلك الأغاني التي تعتمد الكلمات المميزة التي تترك بصمتها حين تسمعها.
أنا مواظب على سماع الموسيقى الكلاسيكية في فن الراي، كما أني محب للموسيقى العربية عموما، ولكل موسيقى قدمت وتقدم وفيها روح تلامس الروح.
– طيب، ما هو رأيك في اللون الموسيقي الذي يطلق عليه «الواي واي» الراي الجديد، الذي يقال إنه مشتق من «الراي» وتتعاطاه شريحة واسعة من الشباب؟
+ بكل صراحة، أنا لا أسمع لموسيقى جيل اليوم من فناني «الراي العصري»، إن صح التعبير، لا أجد في الإنصات إليه راحة. ذلك أن مستوى الأداء ضعيف جدا، والصوت هو نفسه، والأغاني نفسها، كل شيء يتكرر، لأن اعتمادهم الأساس هو على الآلات الإلكترونية وعلى صوت معدل، بعيد عن أصواتهم الحقيقية. وبناء على ذلك، أصبح الكل يغني، والكل يحمل لقب فنان، حتى وإن لم يمتلك صوتا.
اليوم في ظل هذا «الواي واي» لا نجد أمامنا إلا نسخا متشابهة، تسود وتنتشر بسيادة منطق الاستهلاك السريع، لتنطفئ أيضا سريعا. الأغنية الواحدة من هذا اللون تشتهر مدة شهر أو اثنين أو حتى ثلاثة، لتنسى وترمى بعدها وكأنها لم تكن، «وما تزيدش تبان». بخلاف أغاني فناني الراي الرواد أمثال أحمد وهبي وبلاوي الهواري، اللذين تركا لنا أغاني سجلت في الستينات، لانزال إلى اليوم نستمع إليها ونستمتع بها.
ويمكنني أن أذكر مثال أغنيتي أيضا «سيد الهواري» التي سجلت سنة 1987، ومازالت تعيش إلى اليوم، فثمة كثيرون ممن يستمعون إليها، ومن يغنونها إن أرادوا أن يقدموا أغنية راي.
قديما، كان لدينا فنانو راي حقيقيون، لكل أسلوبه. وحين تسمع الأذن الفنان تميزه عن غيره، لأن له بصمته الإبداعية الخاصة.
– رغم ما قلت، ألا ترى أن هذه الموسيقى الإلكترونية سهلت الأمور على الفنان؟
+ نعم، لكن المعيب في الأمر هو استسهال الموسيقى وتمييع المجال، وغياب عنصر الكلمات الإبداعية والموضوع، وهو ما أدى إلى نتيجة مؤسفة؛ نسخ متشابهة.
– برأيك، ما الذي ميز جيلك عن جيل اليوم في «موسيقى الراي» وخلق هذا التباين الذي تحدثت عنه؟
+ لقد تربى جيلي على الكلمات التي تحمل معنى وتحتفي بمواضيع إنسانية وهو ينصت للموسيقى. كنا ننصت لشيوخ الراي، وإلى المجموعات الغنائية، مثل ناس الغيوان ولمشاهب، والمطربين عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح، إلى جانب عدد كبير من فناني العالم العربي.
– هل نفهم من كلامك أن موسيقى الراي اليوم مُيعت أو مسخت على يد بعض مغنيي اليوم؟
+ اليوم، كما ذكرت سابقا، كل من يغني منخرط في تقديم ما ينجز سريعا ويريد أن يصل سريعا. بل إن هناك من بين بعض الفنانين من تجده كل شهر أو كل أسبوع يقدم أغنية جديدة، وهذا غير معقول. لأن الأغنية الحقيقية تحتاج إلى وقت وجهد، وتلوينات موسيقية وكلمات جيدة، وتحتاج إلى إبداع حتى تصل إلى الجمهور، وتجد مكانها في السوق أيضا. وهذه معايير غير متوفرة لدى مغنيي «راي اليوم»، أو ما يسمى ب«الواي واي» الذين يعتمدون التوزيع نفسه والكلمات نفسها التي لا تصلح لأن تنصت إليها العائلة مجتمعة، وإنما تناسب «الكباريهات»، لأنها موسيقى لن تعيش لتدخل سجل/تاريخ الراي الذي دونه الأجداد ومن خطا خطوهم من الفنانين الحقيقيين.
– طيب، ما موقع أغنية الراي التي تحمل المواصفات السليمة باعتقادك لتسمى أغنية راي في خريطة دعم الأغنية المغربية الذي تصرفه الدولة؟
+ دعيني أوضح لك قبل ذلك أن فن الراي في سنوات الثمانينات كان فنا عالميا، وقد اشتغلنا على جعله كذلك دون دعم من مسؤولي جغرافيتنا الأصل، وحافظنا على جوهره، في سعينا إلى تقريبه من الأجانب.
+ بعد وصولي إلى فرنسا في عمر التاسعة، كنت أسمع حين أفتح التلفزيون مختلف الألوان الموسيقية من كل العالم، لكني لم أكن أسمع موسيقانا العربية، ومنها الراي، وكنت أتساءل لماذا؟ لاحقا، حين كبرت وولجت المجال فكرت في خلق أسلوب عالمي نقدم به الموسيقى الخاصة بنا فيه بعض روح الموسيقى العالمية المعروفة. وهو ما كان، فاحتفظت بالكمان والعود والدربوكة، لكني أدخلت على هذه الموسيقى آلات حديثة أخرى مثل الكمان الكهربائي la guitare électrique la batterie,، واشتغلت على شيء من المزج بين الريكي والروك والجاز وغيرها من الأنماط الموسيقية... ونجحنا في إحياء حفلات كثيرة في مختلف دول العالم بدعم أجنبي.
وهنا أطرح السؤال: لماذا قدمنا فن الراي، خاصتنا، بدعم أجنبي؟ وأجيب ببساطة لأن دولنا، وأقصد المنطقة المغاربية، لم تخصص دعما لهذا الشأن.
الفنان في المغرب العربي «ما محسوبش فنان»، رغم أنه سفير البلاد، إلا أنه لا يحظى بقيمته الاعتبارية التي يستحقها.
– هلا أوضحت لنا الصورة أكثر؟
+ في المغرب، الفنان اليوم ليس مرتاحا، إذا ما تحدثنا عن ميزان الدعم المفروض لأن الموازين مقلوبة. فدعم الدولة المتوفر يقدم لفنانين يستحقونه، لكنه كثيرا ما يقدم لفنانين آخرين في غنى عن هذا الدعم، لأن لديهم مصادر دخل أخرى كبيرة (يملكون المقاهي والمطاعم و...) تيسر لهم عملية الإنتاج الفني لأنفسهم، لكنهم يطمعون في ميزانية يحرم منها بسببهم فنانون في أمس الحاجة لتقديم إبداعاتهم، وللعمل عموما من أجل إطعام أبنائهم، خاصة اليوم في زمن «كورونا».
الفنان المغربي اليوم، في مختلف الألوان الموسيقية التراثية والشعبية التي تشكل تنوعا باذخا للمغرب الثقافي، هذا الفنان «معندوش، خصو اللي يدعمه باش يوكل وليداتو». وكما قلت، فالموازين مقلوبة، بل إنها كذلك منذ سنوات، إذا ما نظرنا إلى المهرجانات التي تنظم وتصرف عليها الملايير، ولا تنال منها فئة الفنانين الذين ذكرت إلا الفتات، وهذه المهرجانات إذا أعطت الفنان الأمريكي مليارا، فإنها لا تعطي هذا الفنان المغربي أكثر من 10 آلاف درهم! وهذه «حكرة»!
وهنا أريد أن أذكر المسؤولين بأن البلد الذي ليس لديه فنانون حقيقيون لن تكون له صورة مشرفة خارجا. الفنان سفير وواجهة لثقافة البلد. وإذا عدنا إلى سنوات سابقة، نعرض مثال جمايكا، من كان يعرف بوجود هذا البلد لولا ابنه «بوب مارلي»؟
– بمناسبة الحديث عن دعم الأغنية، هل سبق لك طلب دعم الدولة؟
+ لم أطلب الدعم يوما، ولله الحمد، لأنني بدأت مساري الفني بفرنسا، مباشرة بعدها وقعت عقدا مع شركة مختصة، ساعدتني في القيام بجولات موسيقية في دول مختلفة. والحمد لله كنت أعيش بشكل جيد من الموسيقى، وحققت شهرة كبيرة على امتداد خمس سنوات، وبعدها دخلت إلى المغرب. وفي ذلك الوقت لم يكن للموسيقى دعم.
أكبر دعم كنت أنتظره هو التحفيز المعنوي، والاعتراف بالجهد من جهة مسؤولة. مثلا، في سنة 1988، جرت استضافتي بصفتي فنانا مغربيا ناجحا في 48 برنامجا تلفزيا في فرنسا، وهي سابقة لم يحققها فنان مغربي سابقا، ولم تصلني حتى كلمة «شكرا» من
لكن، لا بأس، فالمهم عندي أني أشرف المغرب بلدي وأخدم صورته الإيجابية.
– أفهم من قولك أنك مستاء من المشرفين على القطاع الثقافي في المغرب لعدم تقدير رصيدك الفني الذي يمتد إلى عقود؟
أنا لا أبحث عن ميدالية أو جائزة، وإنما أبحث في بلدي عما وجدته خارجه. وحتى أوضح صورة ما أريده، أسوق مثالا، ففي سنوات الثمانينات والتسعينات، خلال السهرات التي كنا نحييها، كان السياسيون حاضرين دوما وكانوا يهتمون بنا، فوزير الثقافة الفرنسي جاك لونغ كان حريصا على معرفة طلباتنا، وكيف يمكننا المواصلة، وكان يدعمنا ويسهل علينا عملنا. أما في المغرب، أذكر أني أتيت إلى المغرب بهدف لقاء وزير الثقافة، وسعيت إلى ذلك كثيرا، لكنني لم أتمكن من ذلك!
«هذه العقلية» نريدها أن تتغير، لأنها عقلية تبخس الحقوق المعنوية قبل المادية.
– رغم المعايير المختلة التي تسم أغاني «راي اليوم»، فإن أصحابها يحصلون على نسب مشاهدة عالية على اليوتيوب، ونجدهم في أعلى قائمة ضيوف المهرجانات، على حساب رموز «راي» كبيرة، بينهم الراحل «ميمون الوجدي»، مثلا، هذا الفنان الذي همش رغم استمراره في تقديم الجديد، حسب ما صرح لي به في حوار سابق؟
+ الفرق بيننا وبين جيل اليوم، أن هذا الجيل يعتمد اعتمادا كليا على مواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب، وعن طريقها يسوق نفسه، بخلاف زمننا الذي كانت المعايير فيه مختلفة. اليوم الفنان يزن شهرته بعدد المشاهدات، وعدد المتابعين في يوتيوب مثلا! وهذه معادلة خاطئة. لأن الكثير من تلك النسب مغشوشة، حتى إن كان بينها ما هو حقيقي، لكن 90 في المائة منها مزيفة ومشتراة. وهنا أقول إنني ضد الكذب على الجمهور. الفنان الحقيقي هو من يقف على الخشبة متمكنا في حضوره وأدائه، بمتابعين حقيقيين، بجمهور رصين ووفي. وهذا ما يجب أن يعيه المشرفون على المهرجانات وسوق الإشهار، الذين يقيمون الفنان تبعا لرصيد متابعي اليوتيوب، وأن يدركوا أن «سوق فنان مواقع التواصل الاجتماعي سوق خاوي، فلا تخطئوا باختيار فنان اليوتيوب بدل الفنان الصحيح، فاليوتيوب لا يصنع فنانا».
بالنسبة لي، أفضل أن يكون لي 500 معجب حقيقي بفيديو قناتي باليوتيوب، على أن يكون لي 500 ألف معجب مغشوش، غير حقيقيين.
مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لي «خضرة فوق الطعام»، وأنا أعتز بأنني في قلوب معجبيَّ إلى الأبد، وإلى اليوم لاتزال تصلني رسائل جيل الثمانينات والتسعينات، يحدثونني عن حكاياتهم وذكرياتهم مع الأغاني التي قدمتها، مثلما تصلني رسائل محبي فن الراي.
هذا الجيل الجديد، كما ذكرت سابقا، سيمحى بسرعة، بخلاف الرموز التي قدمت فنا حقيقيا، مثل الفنان ميمون الوجدي، كما ذكرت، رحمه الله، الذي خلد اسمه في تاريخ الأغنية المغربية، رغم كل شيء.
– بعد «ليام»، ماذا يحضر «الشاب قادر» لجمهوره؟ وما مصير الأغنيتين اللتين أعلنتهما بداية السنة الجارية 2020؟
+ مع بداية العام الجديد 2021، سأصدر أغنيتين جديدتين، إحداهما في شهر يناير، والأخرى في شهر أبريل، وهما مختلفتان نسبيا، بطابع عصري، وباشتراك مع فنانتين أخريين؛ الأولى بعنوان «آش بيك»، وهي عبارة عن ديو غنائي بالفرنسية والمغربية، تعاملت فيه مع الفنانة الفرنسية «صابرينا»، والأغنية الثانية هي ديو غنائي باللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، بعنوان «حبيبي»، وتعاونت فيها مع الفنانة البريطانية «إيف ياسمين».
وقد اخترت تقديم هذه الأغاني في صيغة ديو بلغات أخرى بهدف مواصلة مساري في نشر ثقافتنا الموسيقية، وهو ما يتحقق بالمزج بين الألوان المختلفة، كما ذكرت سابقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.