عجلت قضية ممرضة مكناس التي تعرضت، منتصف الأسبوع ما قبل الماضي، لمحاولة اغتصابها والاعتداء عليها جنسيا من قبل حارس أمن خاص، بإيفاد وزير الصحة، خالد آيت الطالب، لجنة من المفتشية العامة بوزارته في الرباط، إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس بعمالة مكناس، لفتح بحث إداري في هذه القضية التي أثارات، وما تزال، ضجة كبيرة وسط مهنيي الصحة وعموم المغاربة. واستنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها "أخبار اليوم" من مصدر قريب من الموضوع، فإن لجنة المفتشية العامة لوزارة الصحة، حلت بمدينة مكناس مؤخرا، وأنهت بداية الأسبوع الجاري البحث الإداري الذي كلفت بفتحه بخصوص ملفين لهما علاقة بقضية الممرضة؛ أولهما تعرض هذه الأخيرة لمحاولة الاعتداء عليها جنسيا داخل المستشفى الجهوي محمد الخامس بمكناس، والملف الثاني انتحال حارس أمن خاص سابق لصفة ممرض تقني مكلف بإجراء الكشف بالأشعة على المرضى، حيث استمع المفتشون، يضيف المصدر عينه، إلى مدير المستشفى والحارس العام والمقتصد ورئيس مصلحة الكشف بالأشعة، ومجموعة من الأطر الطبية والتمريضية بالمستشفى، وكذا مسؤول حراس الأمن الخاص التابعين للشركة التي تعاقدت معها إدارة مستشفى محمد الخامس. وركزت أسئلة المفتشين على علاقة حارس الأمن الخاص بالمستشفى بالجهة التي سمحت له بإجراء الكشف بالأشعة للمرضى خلال غياب العاملين بالمصلحة، خصوصا وأن قصته ما كانت لتفضح لولا تحرشه بالممرضة ومحاولته الاعتداء عليها جنسيا بطابق مهجور بالمستشفى، لما زارت مصلحة الكشف بالأشعة يوم عيد المولد النبوي الأخير لإجراء فحص على صدرها، حيث وجدت بالمصلحة حارس الأمن الخاص كان يرتدي وزرة بيضاء منتحلا صفة ممرض تقني مكلف بفحوصات الكشف بالأشعة، قبل أن يعمد إلى التحرش بالممرضة ويستدرجها إلى طابق مهجور، زعم أنه يوجد به الطبيب المختص في أمراض الصدر للكشف عنها ووصف الدواء لها، لكن الممرضة اكتشفت خطته المدبرة لاحتجازها واغتصابها بإحدى غرف الطابق المهجور بالمستشفى، حيث نجحت في الفرار من قبضته، بحسب الرواية التي قدمتها الممرضة لأعضاء لجنة التفتيش الوزارية وقبلهم للشرطة والنيابة العامة. وفي هذا السياق، قال المهدي البلوطي، المدير الجهوي للصحة بجهة فاسمكناس، في تصريح ل"أخبار اليوم"، إنه وبموازاة الأبحاث التي تجريها السلطات القضائية، والتي تنظر في قضية الممرضة المحسوبة على أطر وزارة الصحة بمدينة مكناس، عرف هذا الملف بحثا إداريا تكلفت به لجان تقصٍ تابعة للمديرية الجهوية للصحة، وبعدها لجنة تفتيش مركزية تابعة للمفتشية العامة بوزارة الصحة، بغرض تحديد المسؤوليات، وترتيب الجزاءات بخصوص فرضية وجود شخص غريب عن الأطر الصحية بمصلحة الكشف بالأشعة، كما جاء في شكاية الممرضة، وانتحاله صفة ممرض وإجرائه للفحص للمرضى. من جانبه، قال خالد سنيتر، المندوب الإقليمي للصحة بعمالة مكناس، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة، إن إدارته تنتظر نتائج البحث الإداري الذي أجرته لجنة مركزية تابعة للمفتشية العامة بوزارة الصحة، وكذا نتائج البحث القضائي المستقل عن الملف المعروض على غرفة الجنايات بمكناس، بعد اعتقال منتحل صفة ممرض واعتدائه على الممرضة، حيث طلبت المندوبية الإقليمية للصحة بمكناس، يردف المندوب، عبر شكاية تقدم بها إلى النيابة العامة المختصة، إجراء بحث لكشف ملابسات الحادث، وتحديد هوية المسؤولين عما وقع للممرضة بمستشفى محمد الخامس، حتى لا تتكرر هذه المشاهد الخطيرة بمصالحنا الاستشفائية، يقول مندوب الصحة بمكناس مشددا على أن الجميع بوزارة الصحة ومصالحها الجهوية والمركزية وكذا القضاء، يحاولون كشف حقيقة هذا الشخص، الذي انتحل صفة ممرض بعدما فصل من عمله كحارس أمن خاص لسوابقه القضائية في الإجرام، وكذا الكيفية التي دخل بها المستشفى، والذي يخضع لحراسة عناصر الشركة المتعاقد معها، ومحاولته الاعتداء جنسيا على الممرضة، بحسب شكايتها وتصريحاتها للشرطة والنيابة العامة. من جهته، وجه المستشار البرلماني، الحسن العبادي عن فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، الاثنين الأخير، تحت إشراف رئيس المجلس، حكيم بنشماش، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة خالد آيت الطالب، (توصلت الجريدة بنسخة منه)، حيث طالبه بنتائج بحث فتحته وزارته في واقعة ممرضة مدينة مكناس، وتورط حارس أمن خاص في إجراء الكشف بالأشعة على المرضى، ما يشكل خطرا، بحسب المستشار البرلماني، على صحة وسلامة المرتفقين، خصوصا وأن حراس الأمن الخاص باتوا يتدخلون في الشؤون الإدارية وعمل الأطر الصحية ولا أحد يراقب تجاوزاتهم، بحسب تعبير العبادي الذي طلب من وزير الصحة اتخاذ التدابير الزجرية، وتنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت تورطه من قريب أو بعيد في حادث مستشفى محمد الخامس بمكناس. يذكر أن حارس الأمن الخاص الذي جرى اعتقاله الأسبوع الماضي، تنتظره الشهر المقبل جلسة محاكمته أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمكناس، بعدما استنطقه الوكيل العام وأحال ملفه مباشرة على الغرفة بتهمة جناية "محاولة هتك عرض"، بمقتضى الفصل 114 من القانون الجنائي، على خلفية اعترافه بانتحاله صفة ممرض تقني مكلف بإجراء الفحص بالأشعة بمستشفى محمد الخامس في مكناس، تورد محاضر المحققين.