مَن المرشح للفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية على ضوء المناظرات بين المرشحين؟ على ضوء المناظرتين، هناك إمكانية فوز المرشح الديمقراطي بايدن على غريمه ترامب، لكن هذا الفوز يبقى محفوفا بالكثير من المخاطر، نظرا إلى أن الانتخابات الأمريكية تتميز بصبغة استثنائية لا مثيل لها، لأنه عندما سيتوجه المواطن الأمريكي إلى انتخاب الرئيس، فإنه لا ينتخبه مباشرة، بل يصوت لأحد المندوبين في الولاية التي ينتمي إليها، وهؤلاء المندبون هم الذين يكونون ما يسمى بالمجمع الانتخابي. هذا المجمع يتكون من عدد من المندوبين يصل عددهم إلى 538 عضوا، وهم الذين يصوتون في النهاية على الرئيس المقبل. فنجاح رئيس ما لا يرتبط بتصويت المواطنين، بل بتصويت هؤلاء المندوبين. إذا قد يفوز أحد المرشحين بأكبر عدد من الأصوات، لكن قد يخسر الانتخابات كما حدث في الانتخابات السابقة بين هيلاري كلينتون وترامب. مَن مِن المرشحيْن أفيد للمغرب في السياق الدولي الحالي؟ يقول البعض إن ترامب سيكون في الولاية المقبلة أكثر إيجابية للمغرب، لأنه سيكون بعيدا عن أي ضغوط تمارسها عليه أي جهات (حقوقية)، وإنه سيحاول أن يربط علاقات مع المغرب أكثر مما كان عليه الأمر في الماضي، ولكن، شخصيا، أعتقد أن ترامب لن يفيد المغرب أكثر مما يضره، لأن ترامب سيحاول ممارسة مزيد من الضغط على المغرب لكي يعترف بالكيان الإسرائيلي ويربط معه علاقات دبلوماسية، وسوف يحاول أن يتاجر بالعلاقات الأمريكية المغربية، عن طريق البحث عما يدر أرباحا على أمريكا أكثر من النظر إلى المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدةالأمريكية في المنطقة. وكان ترامب مستعدا ليقامر بكل شيء مقابل أشياء، ربما، لا تفيد الأمريكيين والمغاربة، ولكن قد تفيده شخصيا ومحيطه. وهناك آخرون يقولون إن الديمقراطيين مع بايدن هم أكثر تطرفا في مواجهة المغرب، لكن أعتقد أن إدارة أوباما، ليس هيلاري كلينتون، وزير الخارجية حينها، أظهرت العكس، وربطت علاقات صداقة قوية مع المغرب، ويمكن في الولاية المقبلة مع بايدن أن تكون حاضرة بقوة في توجيه دفة السياسة الخارجية الأمريكية. مَن هو المرشح الذي سيخدم أكثر الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء؟ أعتقد أن المغرب عانى كثيرا مع الرئيس أوباما فيما يتعلق بملف الصحراء، لأن الديمقراطيين يتمسكون بقضايا حقوق الإنسان وبالتأثيرات التي قد تمارسها بعض المؤسسات، مثلا مؤسسة السيدة كينيدي المشهورة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي كانت تقاسم المغرب العداء فيما يتعلق بموضوع الصحراء. كما أن هذه المؤسسة (الحقوقية) استطاعت أن تؤثر بقوة في الإدارة الأمريكية، إلى درجة أن الحكومة الأمريكية قدمت مقترحا في وقت سابق من أجل أن تشرف المينورسو على مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة. وهذا الأمر أثار حفيظة المغرب، وأدى ليس فقط إلى التوتر في العلاقات المغربية الأمريكية، بل إلى أن تتخذ الرباط قرارا حاسما منذ سنة 2016، بألا تضع كل بيضها في سلة واحدة، وهو الشيء الذي دفع العاهل المغربي بالقيام بزيارات متوالية إلى كل من موسكو وبكين، وعقد اتفاقيات ذات طبيعة استراتيجية مع كل منهما. وأمريكا أدركت كل هذا، وأدركت، أيضا، أنه ليس في مصلحتها أن تفرط في حليف استراتيجي خارج الحلف الأطلس كما هو حال المغرب. على أي، لا أحد يمكن أن يحسم كليا اليوم بأن بايدن سيكون أفضل للمغرب أو ترامب، ما يهم هي طبيعة التطورات التي سترافق هذا التغيير. تاح الدين الحسيني/ خبير في العلاقات الدولية