قيوح يتباحث بمراكش مع رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي    الوداد بلا هوية .. و"الوينرز" تدق ناقوس الخطر    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    باحثان مغربيان يفوزان بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال 19        الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز    المغرب وتونس إلى مونديال قطر تحت 17 سنة ومصر في الملحق    سعر الذهب يرتفع وسط توترات التجارة العالمية وتراجع الدولار    115 مليار سنتيم للارتقاء الحضري بإقليم الجديدة    "مايكروسوفت" تطرد أبو السعد بعد احتجاجها على تواطؤ الشركة مع جيش الاحتلال    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    درجات الحرارة تلامس مستويات قياسية في شهر مارس    ديربي البيضاء يُشعل الجولة 26 من البطولة الاحترافية    تغيير في مشهد النقل البحري .. BALERIA تعزز حضورها بالمغرب خلفا لDFDS    الصين تتوعد بتصعيد الحرب التجارية    أسعار النفط ترتفع بنسبة 1% بعد موجة بيع كثيفة مدفوعة بالرسوم الأمريكية    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    5 لجان لتقصي الحقائق تشكلت منذ سنة 1979.. هل ينجح مجلس النواب في المبادرة الجديدة؟    الدريوش تتباحث مع سفير فرنسا بالمغرب تحضيرا لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات    مالي ترد بالمثل وتغلق مجالها الجوي أمام الطيران الجزائري    مصرع شاب في حادثة سير باشتوكة آيت باها    أرسنال يحلم بتكرار سيناريو 2006 أمام الريال    بونو: أتمنى عدم مواجهة الوداد في كأس العالم للأندية    المتقاعدون يراسلون أخنوش بعد تجميد معاشاتهم لأكثر من 20 سنة    ترامب يعرض الوساطة بين إسرائيل وتركيا لحل التوتر في سوريا    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن خفض التمويل الأمريكي يهدد حياة الملايين    رغم الحملات السابقة... محلات تجارية تحتل الملك العمومي بساحة الحنصالي بلا حسيب ولا رقيب    بايتاس: الحكومة منسجمة وجميع مكوناتها تعمل على أن تبقى كذلك    قطاع غزة ينعى قتلى غارات ليلية    بنك المغرب يستهدف الشباب لتعزيز الكفاءات المالية في إطار للأسبوع الدولي للثقافة المالية    رائحة كريهة تقود لاكتشاف جثة رجل ستيني داخل منزله ببني ملال    إيلون ماسك يرفض "رسوم ترامب"    "قمرة" يساند تطوير سينما قطر    ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات السياحية الداخلية بالصين خلال عطلة مهرجان تشينغمينغ    المغرب وجل الشعب غاضب / 1من5    بين نور المعرفة وظلال الجهل    "المغرب في قلب التحديات: نحو مجتمع متماسك وآمن"    معرض الكتاب بالرباط يستقبل الشارقة كضيف شرف ويحتفي بمغاربة العالم    رسميا.. "الديربي" بين الوداد والرجاء السبت القادم انطلاقا من الساعة الثامنة مساء ب"دونور"    فضيحة لغوية في افتتاح المعرض الدولي للكتاب: الوزير بنسعيد منشغل بهاتفه وشاشة العرض تنحر اللغة    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لأقل من 17 سنة.. المنتخبان الإيفواري والمالي يحجزان بطاقة العبور لربع النهائي    النفط عند أدنى مستوى في 4 سنوات بسبب الحرب التجارية    ‬كيف ‬نفكر ‬في ‬مرحلة ‬ترامب ‬؟    هل يُقلق وضوح إدريس لشكر بعض «المحللين والإعلاميين»؟    السلطات الصحية البريطانية تحقق في إصابة بفيروس (إمبوكس) غير معروفة الأسباب    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على انخفاض حاد    مضاعفات الحمل والولادة تؤدي إلى وفاة امرأة كل دقيقتين    أصغر من حبة الأرز.. جيل جديد من أجهزة تنظيم ضربات القلب يذوب في الجسم    الدكتورة غزلان توضح ل "رسالة 24": الفرق بين الحساسية الموسمية والحساسية المزمنة    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحفيظ اليونسي يكتب: العتبة وانتخابات 2021
نشر في اليوم 24 يوم 24 - 09 - 2020

يتجه المغرب نحو استحقاقات انتخابية تشريعية ومحلية في سياق دولي واقليمي ووطني دقيق ، من اهم مميزاته الاثار الاقتصادية والاجتماعية في تدبير جائحة " كوفيد 19′′، وهو ما يتطلب تعبئة وطنية قوية لما يستقبل من تحديات وإكراهات، ومن المؤكد أن المؤسسات القوية الوطنية منها او الترابية صمام الأمان في نجاح هذه التعبئة، قوة أساسها الثقة في هذه المؤسسات، التي من مداخلها الحرص على شرعيتها ومشروعيتها المتأتية أساسا من تعبير المواطنات والمواطنين عن اختيار من يدبر شؤونهم تطبيقا للفصل الثاني من الدستور ان السيادة يمارسها الشعب بطريقة مباشرة عن طريق الاستفتاء وبطريقة غير مباشرة عن طريق اختيار من يمثلهم.
لكن ثمة تحديات تواجه هذا المبتغى الوطني، من بينها تراجع الاجندة الديمقراطية بالمنطقة، لعل اخر عناوينها الترويج لفكرة حكومات التقنوقراط، التي هي في العمق ضرب للديمقراطية التمثيلية ولشرعية المؤسسات، وتقويض لمبدأ مهم يعد من أسس النظام الدستوري للمملكة(الفصل1 من دستور 2011)، وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة التي تلي كل مرحلة تدبيرية وطنيا او محليا من خلال عملية التصويت في الاستحقاقات الانتخابية، إضافة الى الاستثمار المكثف لخطاب شعبوي تبخيسي تجاه مختلف المؤسسات الدستورية، وهو تبخيس يتجاوز حدود النقد الموضوعي للديمقراطية التمثيلية التي تعاني ازمة ثقة في مختلف دول العالم بما فيها الدول الراسخة في الديمقراطية، الى مستوى هدم فكرة الديمقراطية في العمق من خلال مصادرة حق الناس في الاختيار وفرض نماذج فوقية ونخبوية ضيقة تقطع مع فكرة التنافسية السياسية على أساس البرامج والأفكار والمشاريع المجتمعية.
ومن المؤكد اليوم ان التجربة الديمقراطية ببلادنا تمر من منعطف حاسم في افق الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، منعطف احد تجلياته الأساسية هو الحفاظ على المكتسبات وترصيدها من قبيل حرص ملك البلاد على نزاهة العملية الانتخابية واحترام المقتضيات الدستورية المرتبطة بها، وانتظام الانتخابات وما ينتج عنها من مؤسسات، في افق ما يمكن تسميته بالاستدامة الديمقراطية، ومن المسؤولية الوطنية اليوم إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي لما فيه مصلحة المغرب وما ينتظره من تحديات مرتبطة بوحدته الوطنية وإكراهات السياق الداخلي اجتماعيا واقتصاديا، لكن المذكرات التي تقدمت بها بعض الأحزاب السياسية وكذا بعض مقترحات وزارة الداخلية وما يرشح من اخبار عن "اللقاءات التفاوضية"، التي ترعاها وزارة الداخلية تثير العديد من التساؤلات وأيضا التخوفات، وتعد العتبة بما هي النسبة من الأصوات التي يتوجب على كل حزب الحصول عليها للمشاركة في توزيع المقاعد النيابية، في صلب النقاش الدائر اليوم في افق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ومسألة العتبة أو التقطيع الانتخابي أو القاسم الانتخابي أو الحملة الانتخابية وغيرها، ليست عمليات تقنية وفقط بل هي تعبير عن إرادة أو ارادات في مزيد من التمكين للاختيار الديمقراطي لبلادنا باعتباره من الثوابت الجامعة التي تستند عليها الامة في حياتها أو العكس، بالتالي فالسقف في تحديد مضمون هذه التقنيات الانتخابية هو سمو الوثيقة الدستورية نصا وروحا. وعليه، يمكن تناول موضوع العتبة وتبيان أهميتها وتجلية خطورة التلاعب بها من خلال مايلي:
أولا: لماذا إعادة مناقشة العتبة؟
من المؤكد ان الخطاب السياسي والتصور السياسي الحزبي خصوصا والمرتبط بالعتبة، لا يعبر في الحقيقة عن الرغبة في الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وترصيدها في بلادنا، بقدر ما تعبر عن وضعية الأحزاب التي تنادي بها، وبالاطلاع على مذكرات بعض الأحزاب السياسية الداعية الى إعادة النظر في القاسم الانتخابي وإزالة العتبة بعد ان تم تخفيضها في الانتخابات التشريعية 2016 من 6% الى 3 % ، بدعوى ضمان التعددية وتمثيلية مختلف الأحزاب السياسية المعترف بها بالرغم من حجمها. ويتضح من النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الأخيرة، أن الدفوعات التي قدمتها وزارة الداخلية بمعية بعض الأحزاب السياسية لتخفيض العتبة لم تكن صائبة. فبالرغم من تخفيض العتبة من 6% إلى 3%، إلا أن عدد الأحزاب التي تمكنت من الحصول على مقاعد نيابية انخفض هو الآخر؛ فمن أصل 16 حزبا سياسيا تمكن من الولوج لمجلس نواب 2011، لم يتمكن إلا 12 من الحصول على مقاعد نيابية في الانتخابات النيابية لسنة 2016، مما يعني انخفاض عدد الأحزاب الممثلة في مجلس النواب بين سنتي 2011 و2016 بالربع، بالرغم من تخفيض العتبة الانتخابية بالنصف.
وفي العمق فإزالة العتبة أو تخفيضها، يعني ببساطة مكافأة الأحزاب السياسية التي لا تبدل مجهودا في تطوير اداتها التنظيمية ومشاريعها الفكرية بما يتجاوب ومتطلبات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبما يجعل من الحزب السياسي تعبير حقيقي لما يعتمل داخل المجتمع وليس العكس، ومن الواضح اليوم ان المستهدف الأساسي من هذه العملية هي الأحزاب المنظمة، والتي تبدل مجهودا في القيام بوظائفها الدستورية من تأطير للمواطنات والمواطنين وتكوينهم سياسيا وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام والتعبير الصادق عن ارادتهم واستحضار مطالبهم والعمل على تليتها اثناء المشاركة في ممارسة السلطة، لكن في العمق هو استهداف لما تقدم أعلاه من الاتجاه صوب استدامة ديمقراطية، ثم إن فتح النقاش كل مرة حول ميكانيزمات العملية الانتخابية من شأنه ان يزيد حالة اللاثقة في العملية برمتها وما ينتج عنها ويهدد بإضعاف المشاركة الانتخابية والسياسية معا، خصوصا وان الأحزاب السياسية التي تطالب بها اليوم، تعمل على اخضاع النص القانوني لموقعها وحجمها، والاصل هو ان تكون العتبة وغيرها من الميكانيزمات الانتخابية، دافع لتقديم نقد ذاتي والعمل على تطوير الأداة الحزبية لاستعادة الثقة الشعبية فيها، وليس العكس. وفي المحصلة من شأن المساس بالعتبة إضعاف التنافسية الانتخابية باعتبارها أحد اهم المؤشرات الدافعة الى تقوية وتعزيز المشاركة السياسية والانتخابية، وبالعودة الى التجارب المقارنة نجد أن الغاء العتبة نادر الاعتماد في دول العالم، فغالبية الدول تعتمد نسبة عتبة مقدرة بهدف تحقيق التعددية والعقلنة معا ( نسبة 5% تعتمد في دول مختلفة من قبيل: المانيا- السودان -بلجيكا- الكامرون- الموزمبيق -صربيا- رواندا- كرواتيا- استوانيا -المجر- لاتفيا -بولندا- الجمهورية التشيكية -رومانياسلوفاكيا- اكرانيا، ونسبة 4 % في دول مثل إيطاليا- النمسا- بلغاريا...نسبة 10% في دول مثل تركيا- جيبوتي
ثانيا: العتبة بين التعددية والعقلنة:
بالرجوع الى الخطاب والممارسة السياسية ببلادنا في العلاقة مع موضوع العتبة، يستند الداعون الى الغاء العتبة او تقليصها الى الحفاظ على التعددية السياسية ببلادنا وترجمتها الى تعددية من داخل المؤسسات، لكن في الحقيقة هذه الدعوى تناقض نفسها وتناقض الكتلة الدستورية والتشريعية المعتمدة ببلادنا، فهي تناقض نفسها لان الأصل في التعددية ان يكون انعكاس لما يعتمل داخل المجتمع ومن تم العمل على تنزيل رؤيتها السياسية وبرنامجها السياسي من داخل المؤسسات، وهو ما سيؤدي في النهاية الى التعبير عن تعددية حقيقية وليست وهمية، ومن تم الحفاظ على هوية الحزب السياسي الذي هو بالتعريف تعبير عن إرادة المواطنين وليس تجمع مصالح، لان مثل هذه التجمعات وضع لها الدستور والقانون الوسائل والمؤسسات للتعبير عن نفسها والدفاع عن مصالحها. وهي تناقض الكتلة الدستورية لان الفصل 7 من دستور 2011 ربط وظائف الحزب السياسي على أساس التعددية والتناوب، لكنه اشترط القيام ذلك عبر الوسائل الديمقراطية، التي منها أسلوب الاقتراع المعتمد ببلادنا الذي هو الانتخاب اللائحي النسبي الذي تتنافس فيه لوائح انتخابية مغلقة ويتم توزيع المقاعد بين اللوائح حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها، والمقصد هو تناسب عدد المقاعد مع القوة العددية للحزب السياسي، ولا يمكن حصول ذلك الا من خلال اعتماد نسبة عتبة تعطينا خارج انتخابي معقول ومؤثر فيما يلي من استحقاقات مؤسساتية على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا التوجه نجده في الاجتهاد القضائي الدستوري المغربي الذي اعتبر "التعددية الحزبية وحرية التنافس بينها" من المبادئ الدستورية(قرار المجلس الدستوري رقم 630 بتاريخ 23 يناير 2007) كما اعتبر توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة يعد غاية دستورية"(قرار المجلس الدستوري رقم 924 بتاريخ 22 غشت 2013)، وبالتالي السعي نحو التوطيد والتقوية من مداخله الأساسية اعتماد عقلنة المشهد السياسي عبر الرفع من نسبة العتبة الانتخابية، وبالعودة الى التشريع المغربي نجد ان المشرع ضمن غاية العقلنة الحزبية في قانون الأحزاب رقم 29.11 من خلال إمكانية تأسيس اتحادات الأحزاب السياسية( الباب الخامس المواد 50 الى 55) وإمكانية التحالفات بين الأحزاب السياسية(المادة 55.1 و55.2) وكذا اندماج الأحزاب السياسية(المواد 56 الى 59)، الخلاصة المؤكدة هنا ان هدف العقلنة السياسية وما ينتج عنها انتخابيا وضعت له اليات عملية وليس مجرد اماني او أفكار نظرية، أي اننا لسنا امام مفاضلة قاطعة بين العقلنة والتعددية بقدر ما المطلوب هو تقوية المؤسسات كمبدأ دستوري ملزم لكل التشريع الأساسي والعادي والفرعي، ولا يمكن تقوية هذه المؤسسات في ظل بلقنة سياسية تضعف من فعالية المؤسسات وتدخلها دوامة الترضيات واللاستقرار.
ثالثا: عملية مقايسة فيما يتعلق باعتماد العتبة
للتدليل على ورد أعلاه نقوم بعملية مقايسة بناء على نتائج الانتخابات التشريعية السابقة 2016، في حالة تم الحفاظ على العتبة السابقة المحددة في نسبة 6%، فلن تشهد الخريطة السياسية المشكلة لمجلس النواب تغييرات جذرية ، حيث سيضاف لحزب العدالة والتنمية أربعة مقاعد فقط، وسينقص مقعد واحد فقط لكل من أحزاب الأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار، والاستقلال، والاتحاد الدستوري، في حين لن تتغير نتائج بقية الأحزاب الأخرى، في حال رفع العتبة لنسبة 10% لن تعرف النتائج تغييرا كبيرا، حيث سينقص عدد الأحزاب الممثلة بمجلس النواب من 12 حزبا إلى 11، كما أن نتائج الأحزاب من حيث عدد المقاعد لن تشهد تغييرا كبيرا؛ فسيضاف لحزب العدالة والتنمية 14 مقعدا، ولحزب الأصالة والمعاصرة 13 مقعدا، وسينقص لحزب الاستقلال سبعة مقاعد، وللتجمع الوطني للأحرار ستة مقاعد، وللحركة الشعبية والاتحاد الدستوري أربعة مقاعد لكل واحد منهما، وللاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحركة الديمقراطية الاجتماعية مقعدين لكل واحد منهما، ولفيدرالية اليسار والحزب الأخضر المغربي مقعد لكل واحد منهما. كما يتضح أنه في حال رفع العتبة لنسبة 10%، فسيكون المتضرر الأكبر هي الأحزاب الكبرى، التي ستفقد مقاعد لصالح حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، مع استقرار نتيجة حزب التقدم والاشتراكية.
وفي المحصلة فإن تخفيض العتبة الانتخابية من 6% إلى 3% كان له تأثير جد محدود على النتائج النهائية للانتخابات التشريعية لسنة 2016، وأن المبررات التي قدمت لتبرير تخفيض العتبة كانت غير صائبة، بحيث لم يترتب عن التخفيض في نسبة العتبة النتائج التي توقع من دافع عن هذا الاختيار، وبعكس ما كان متوقعا بأن يؤثر تخفيض العتبة على نتائج حزب العدالة والتنمية فقد استطاع الحزب زيادة عدد مقاعده النيابية من 107 مقعدا سنة 2011 إلى 125 مقعدا في الانتخابات الأخيرة، وبالتالي ففكرة التحكم في نتائج الانتخابات عبر اليات تقنية ليست دائما موفقة، والاصل هو التوجه نحو ترصيد مكتسبات بلادنا الديمقراطية لان مستقبل الأيام في ظل التحديات والاكراهات تتطلب مؤسسات قوية قادرة على مباشرة الفعل العمومي وقياما بأدوارها الدستورية، دون الالتفات كثيرا لمناوشات قد يكون هدف بعضها هو افشال التجربة او تعطيلها او التشويش عليها.
إن المصلحة العليا لبلادنا مرتبطة بخلق علاقة وطيدة بين شرعية المؤسسات واليات انتاجها، وحالة التخبط والتردد وفتح نقاش حول الميكانيزمات الانتخابية بمناسبة كل استحقاق انتخابي يضر بالمسار الديمقراطي التراكمي في بلادنا، يٌهدر الزمن السياسي في نقاشات تدبيرية وتقنية بدل العمل على مواجهة المشاكل والتحديات الواقعية.
عبد الحفيظ اليونسي
أستاذ باحث كلية الحقوق جامعة الحسن الأول سطات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.