قال الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، إن الثورة المضادة قد تمكنت من السيطرة على مختلف البلدان التي زارها الربيع العربي، معتبرا أن قوى أجنبية وداخلية كانت وراء هذا الوضع، مبديا في الوقت ذاته تفائلا بشأن مستقبل المنطقة. وأكد المرزقوي خلال استضافته من طرف شبيبة العدالة والتنمية، في ملتقاها الوطني، أن الربيع العربي فاجأ وأربك المنظومة التي كانت تتحكم بالمنطقة العربية، وهي المنظومة التي قال إنها مبنية على تحالف متين بين الإستبداد الداخلي، وبين الإستعمار القديم والمتجدد. وشدد المرزوقي، في مداخلته بالمنتدى، على أنه تعمق بمعرفة هذا الحلف حينما كان في السلطة بعد ثورة الياسمين، كما لامسه قبل ذلك حينما كان معارضا لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، مؤكدا أن الثورات فضحت هذا الحلف الإستراتيجي. واعتبر المرزوقي، أن الإستبداد في الدول العربية محمي من طرف الدول الغربية، مؤكدا أن ذلك كان وضع نظام بن علي الذي حمته أمريكا ومختلف الدول الغربية، مستشهدا بحديث دار ينه وبين مسؤول ديبلوماسي أمريكي، أخبره وبشكل صريح بأن الأمريكيين كانوا يدعمون بن علي لعدة أسباب، منها حفظه للنظام، وسماحه بالإقتصاد الليبرالي، وثالثا لوجود علاقات طيبة بينه وبين إسرائيل، فضلا عن محاربة الإسلاميين. واعتبر المرزوقي أن أن هناك ارتباطا وثيقا بين الإستبداد وحماته الأوربيين والأمريكيين، مع تبادل خدمات ومصالح في مصر والسعودية وتونس وغيرها، حيث يتم خدمة الأجندة الأمنية للعواصم الغربية، مقابل مصالح للأنظمة دون الشعوب العربية، مسجلا أن وزيرة فرنسية كانت قد عرضت على نظام بن علي إبان الثورة أن تضع بين يديه الخبرة الأمنية لقمع المتظاهرين. كما أكد المرزوقي أن هذا التحالف الإستعماري الإستبدادي، قد قرر إخماد الثورات بأي ثمن كان، لاسيما في مصر لكونها مركز الثقل بالمنطقة العربية، حيث جرى الإنقلاب على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي، بعد عام واحد من توليه المنصب، معتبرا ان هذا الأمر تكرر في تونس أيضا على مدى ثلاث سنوات. كما قال المرزوقي، إن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة ولي عهد أبوظبي محد بن زايد، ليست إلا جزءا ظاهرا من جبل الجليد المتآمر ضد الثورات العربية، معتبرا أن ابن زايد ليس وكيلا لجهات أجنبية ولوبيات وشركات بترول دولية وغيرهم ممن لديهم مصالح مع الإستبداد في المنطقة العربية ويسعون للحصول على ثرواتها. وحول وسائل هذه الثورات المضادة، أكد المرزقي أن القائمين عليها لم يتورعوا في استعمال كل الوسائل لإجهاض الديمقراطية بدئا من المال الفاسد، الذي يتدفق عبر الإمارات، وغيرها، لإفساد الوضع في تونس، وكذا الإنقلابات العسكرية، وتأليب الإعلام، بل وحتى استعمال الحرب الأهلية كما يحدث في ليبيا. بالمقابل عبر المرزقي عن تفائله بشأن المسقبل، مؤكدا أن هذا الوضع لن يدوم، مشيرا إلى أن معركة الاجيال القادمة ستكون حول التحرر والإستقلال الوطني، في مواجهة كل من الاستبداد الداخلي والاستعمار الأجنبي، مشددا على أن الأنظمة القائمة ليست بالقوة التي يعتقد البعض. ورغم إقراره بأن معركة العودة والتحرر ستطول، فقد أكد المزوقي أن مآل الثورة المضادة هو إلى الفشل، وأنها لن تنجح في تهدئة الأوضاع أو حل المعضلات، وستنتهي في الأخير، معتبرا أن على الشباب ألا يخافوا من الطبقة الفاسدة الحاكمة، لأنها بمعنويات منهارة ولم تعد بنفس الإمكانيات التي كانت لديها من قبل.