في الوقت الذي سارعت فيه عدد من الدول العربية إلى رفض أو تأييد اتفاق الإمارات وإسرائيل بمباركة الولاياتالمتحدةالأمريكية، القاضي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل رسمي؛ مازال المغرب يراقب في صمت ردود الأفعال دون أن يصدر موقفا من الاتفاق، الذي اعتبرته الحكومة الفلسطينية "خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية". وإذا كانت هيئات المجتمع المدني المغربية عبرت عن شجبها ورفضها للاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي، وطالبت السلطات المغربية باتخاذ الموقف السياسي والدبلوماسي بشكل حازم وعاجل ضد تطبيع الإمارات مع إسرائيل؛ إلا أن وزارة الخارجية لم تصدر أي بلاغ في هذا الشأن. أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، اعتبر أن موقف المغرب منطقي وعقلاني وواقعي، إذ ليس هناك داع لإبراز موقف معين من علاقات تمت بين دولتين، فمهما كان موقف المغرب من إسرائيل، تبقى الإمارات دولة ذات سيادة. وأضاف الشيات، في حديثه ل"أخبار اليوم"، أن "هناك حاجة أخلاقية للتنديد بمثل هذه المبادرات الفردية، بعيدا عن المصلحة الفلسطينية أو القضايا الأساسية للأمة العربية، لكن هذا لا يعني أن يترجم إلى موقف رسمي حكومي. من جانبه، فسر محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، صمت المغرب بترقبه لردود الأفعال ونتائج القرار، مستبعدا أن يصدر المغرب موقفا من الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي. ويرى الحسيني أن المغرب يتعرض لضغط في الكواليس من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقبل أن يتخذ القرار، عليه أن يوازن بين قضاياه الخارجية والداخلية، وهذا هو التوجه الذي نهجه الحسن الثاني، إذ كانت سياسته مزدوجة مع الحفاظ على المصالح الحيوية المغربية، مشيرا إلى أن المغرب في ورطة حقيقية، خصوصا مع الوعود الأمريكية بشأن تسوية قضية الصحراء. وبخلاف ما تروجه وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية، أن المملكة المغربية ستكون الدولة التالية التي ستطبع مع إسرائيل؛ استبعد الحسيني أن تقدم السلطات المغربية على هذه الخطوة، بحكم أن العاهل المغربي يرأس لجنة القدس، وكان سباقا إلى الدفاع عن القضية الفلسطينية، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة. أما السبب الثاني الذي يجعل المغرب لن يقدم على هذه الخطوة حسب الحسيني، فيكمن في الردود الشعبية الداعمة للقضية الفلسطينية، ولن تغامر الدولة المغربية بقلب الشارع ضدها. بدوره، اعتبر الشيات أن للمغرب ضوابط متعددة تمنعه من تطبيع العلاقات بشكل رسمي مع إسرائيل؛ أولها أن المغرب حريص على أن يبقى محايدا في علاقاته الاقتصادية والسياسية، إذ إن أقصى ما فعله المغرب هو فتح مكتب للاتصال في مرحلة من المراحل مع إسرائيل، وهذا الأمر كان مرتبطا بمسار السلام وبالفلسطينيين، ما يعني أنه يربط تطبيع العلاقات مع إسرائيل بنجاح المسار السياسي بين فلسطين وإسرائيل، وحين رأى أن الأمر غير مجدٍ، أغلقه. فيما يرجع المستوى الثاني إلى المستوى الأخلاقي، إذ إن هناك حمولة أخلاقية لا تريد الدولة المغربية التضحية بها في سبيل أي موقف سياسي كيفما كان، فالنظام المغربي يراعي كم تضامن الشعب المغربي مع القضية الفلسطينية. هذا وأعلنت الإماراتالمتحدة عن تطبيع علاقتها بشكل رسمي مع إسرائيل، إذ تعتبر ثالث دولة تطبع علاقتها مع إسرائيل بعد مصر والأردن، حيث جاء في البيان المشترك أن بعثة الدولتين ستلتقيان خلال الأسابيع المقبلة لأجل توقيع اتفاقيات حول الطيران المباشر، وقضايا أمنية وأخرى متعلقة بالاتصالات والطاقة والسياحة والرعاية الصحية، فضلا عن تعاونهما لأجل مواجهة جائحة كورونا، وهو تعاون بدأ منذ أشهر. وإذا كان البيان الثلاثي يتحدث عن أنه نتيجة للاتفاق، ستجمد إسرائيل خططها لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربيةالمحتلة؛ أكد بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الكيان الصهيوني، أنه لم يتنازل عن ضم مناطق في الضفة الغربية قائلا: "لا يوجد تغيير في خطتي لتطبيق سيادتنا في يهودا والسامرة، بالتنسيق الكامل مع الولاياتالمتحدة. أنا ملتزم بذلك ولم يتغير".