دخلت الأغلبية الحكومية مرحلة لازالت قضايا الصحافيين المعتقلين تثير ردود فعل واهتمام منظمات المجتمع المدني وطنيا ودوليا، وهو الأمر الذي أثارته مؤخرا جمعية ترانسبارنسي-المغرب في بيان لها، أدرجت فيه واقع حرية الصحافة والتعبير، إذ وقفت الجمعية المهتمة بقضايا الشفافية تحديدا على اعتقال الزميلين الصحافيين سليمان الريسوني، رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم"، وعمر الراضي، صحافي وأحد مؤسسي موقع "لوديسك"، مطالبة ب"احترام السلطات القضائية للدستور والقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب بشأن افتراض البراءة والمحاكمة العادلة"، معربة عن قلقها "البالغ" بسبب ما وصفته ب"تعميق هشاشة المؤسسات الدستورية للرقابة، وتراجع الشفافية في إدارة الشؤون العمومية، وزيادة انتهاكات حقوق الإنسان في السياق الحالي للأزمة الصحية". بين سليمان وعمر تختلف تفاصيل حكاية مسار صحافيين، لكن المسار انتهى بهما جارين في جناح واحد بسجن عكاشة في الدارالبيضاء، كان يحدث أن يحل أحدهما ضيفا ببيت الآخر، فحدث أن حل الراضي بجوار زميله في زنازين انفرادية، اختلفت التهم في البداية، ودخل سليمان السجن على ذمة التحقيق "مشتبها فيه" في قضية "هتك عرض" أثارتها تدوينة مواطن ادعى "اعتداء" سليمان عليه، فأحيل الصحافي على السجن في اعتقال احتياطي سيقرر قاضي التحقيق إن كان سيستمر، بعدما تم رفض ملتمسات تمتعيه بالسراح. وقع عمر الراضي على بيان صحافيات وصحافيين من أجل إنصاف زميله ورفع آلة التشهير عنه، وتمتيعه بحق الدفاع عن نفسه حرا، وأدلى بتصريحات وظل يسأل عن ابنه هاشم وزوجته. انفجرت قضية تقرير منظمة العفو الدولية التي اتهمت السلطات المغربية ب"التجسس" على هاتف الراضي. انطلقت حملة تشهير ضده وسلسلة تحقيقات مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، حول شبهة "تلقي تمويلات من جهات أجنبية لها علاقة بجهات استخباراتية"، هكذا اختلفت طبيعة التهم الموجهة للصحافيين بداية، ليحدث اللقاء حول تهمة ذات طبيعة جنسية، حينما أعلن الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء أن عمر الراضي تمت إحالته على سجن عكاشة بعدما أنهى الجلسة العاشرة من التحقيق بمقر الفرقة، وظهر أن ثمة تهمة أخرى انضافت، وتتعلق ب"هتك العرض والاغتصاب" بموجب شكاية وضعتها سيدة لدى مصالح الدرك الملكي ضد عمر الراضي. "تتوالى انتهاكات حرية الرأي والتعبير باعتقال وسجن الصحافيين المعروفين بانتقادهم للسلطات العمومية، أو تحقيقاتهم المحرجة التي تكشف عن حالات انعدام الشفافية. إن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني هما الضحيتان الأخيرتان للاستخدام التعسفي لنظام الاعتقال الاحتياطي، ما يوحي بأن اتهامهما تم بدوافع تتعارض مع الضمانات التي تتطلبها المحاكمة العادلة، حيث كان من الممكن متابعة الأشخاص المعنيين في حالة سراح"، تقول ترانسبارنسي في بيانها مضيفة أن نفس السلوك والممارسات "طالت أيضا أقارب نشطاء معروفين بدفاعهم عن حقوق الإنسان"، مؤكدة أنه "إلى كل هذه الممارسات، تضاف هجمات الحكومة على منظمة العفو الدولية، التي ما فتئت منذ شهور تدق ناقوس الخطر ضد تكرار ممارسات الرقابة الإلكترونية غير القانونية". اجتمع سليمان وعمر في الجناح رقم ستة بسجن عكاشة، الأول دخله عشية عيد الفطر، والثاني يومين قبل عيد الأضحى، قد لا يتجاذبا أطراف الحديث من خلف الشباك، وقد لا تجمعهما فسحة واحدة، لكن قضيتهما لازالت تثير تجاذبات داخل أوساط الصحافة والمجتمع المدني والرأي العام عموما، وصارت الكثير من المنابر الدولية والمنظمات غير الحكومية تجمع قضايا الصحافيين المنتقدين المتابعين في قضايا الجنس تحت علامة استفهام واحدة، خاصة بعد اندلاع القضية الأخيرة للصحافي عمر الراضي، ومن المنتظر أن يحال الريسوني على قاضي التحقيق من أجل المواجهة مع الطرف المدعي يوم 10 شتنبر المقبل، وهو نفس الشهر الذي ستعقد فيه الجلسة الأولى للصحافي عمر الراضي مع قاضي التحقيق في 22 شتنبر.