بعد الضجة التي أثيرت حول إعادة وضع مدينة طنجة في الحجر الصحي، وإغلاق جميع منافذها بشكل مفاجئ، والاحتجاجات التي صاحبت هذا القرار، خرج رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ليؤكد أن سبب ارتفاع الحالات يعود بالأساس إلى عدم التزام عدد من المواطنين بالإجراءات الاحترازية والوقائية المعلنة والضرورية، اعتقادا منهم أن الفيروس لم يعد موجودا، بالرغم من التحذيرات المتواصلة. وخصص العثماني هذه الخرجة للتحذير من إعادة إغلاق المدن بعد أسابيع من رفع الحجر الصحي، وهو الشيء الذي يتخوف منه جميع المواطنين بعد قضاء قرابة أربعة أشهر في الحجر الصحي، وتوقف الأنشطة الاقتصادية، حيث قال، في حديثه ل«وكالة المغرب العربي للأنباء»، إن تخفيف الحجر الصحي من خلال السماح للمواطنين بالرجوع إلى أعمالهم وعودة الأنشطة الاقتصادية لا يعني زوال الخطر بشكل نهائي، أو أن الفيروس لم يعد موجودا، بل هذا يعني «أننا استطعنا أن نتحكم فيه، وأنه لا بد من الاستمرار في الإجراءات الضرورية الاحترازية والوقائية، والتزام الحيطة والحذر». وأكد العثماني أنه كلما برزت بؤر للفيروس وزاد عدد الحالات الحرجة والوفيات، فإن السلطات المعنية ستلجأ إلى الإغلاق، سواء إغلاق حي أو مجموعة من الأحياء أو مدينة بكاملها أو جماعة أو مجموعة من الجماعات الترابية، وبالتالي، العودة إلى الاحتياطات التي كانت في بداية الحجر الصحي. وتعلقا على تصريح رئيس الحكومة، قال الدكتور مصطفى كرين إن «ما يقع هو ترجمة عملية لتصريح رئيس الحكومة حين قال إنه لا يملك استراتيجية للخروج من الحجر الصحي»، موضحا أنه «حين تتحسن الحالة الوبائية تشكر الحكومة نفسها، وحين تتدهور الحالة الوبائية تلقي بالمسؤولية على المواطن». وأضاف كرين، في حديثه ل«أخبار اليوم»، أن ما يقع هو تعبير عن «حالة الانفصام والإفلاس التواصلي الخطيرة التي أصبحت ماركة مسجلة لهذه الحكومة، ولا أدل على ذلك من مسألة التلويح بالعودة إلى الحجر الصحي، حيث إن هذا الكلام يعتبر فاقدا للمصداقية في الوقت الذي تتكلم فيه الحكومة عن أنها تتحكم في الحالة الوبائية، واعتبارًا لما يمكن أن تثيره هذه التصريحات من هلع وغضب واحتقان اجتماعي في ظل غياب رؤية حكومية لعلاج مخلفات الفترة السابقة من الحجر الصحي، خصوصا أن هذه التصريحات تأتي بعد تعديل قانون المالية وانطلاق المشاورات المتعلقة بالانتخابات المقبلة». ويرى كرين أنه «كان على الحكومة أن تقوم بتشخيص مكمن الأخطاء والانزلاقات التي ارتكبتها في تدبير الجائحة وفي تدبير مسألة الخروج من الحجر، حتى تستطيع التعاطي بعقلانية وفعالية مع مستقبل الحالة الوبائية، وكذلك مع الحالة الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على هذا الظرف، وأن تعد البنيات والميكانيزمات الضرورية لمواجهة كل الاحتمالات، عوض إلقاء اللوم على المواطن»، مشيرا إلى أن «احتمالات استمرار الوباء مدة طويلة واردة جداً». في السياق نفسه، تأسف العثماني على ما شهدته بعض المدن المغربية حديثا، آخرها مدينة طنجة، من بروز بؤر متعددة في المدينة ذاتها، وارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير، وزيادة عدد الحالات الحرجة التي يضطر الأطباء إلى إدخالها إلى غرف الإنعاش، وارتفاع عدد الوفيات، مؤكدا ضرورة الالتزام الصارم بالإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من فيروس كورونا تفاديا لظهور بؤر جديدة تستدعي إغلاق الأحياء السكنية من جديد. وخرجت وزارة الصحة لتؤكد أن ارتفاع الحالات الحرجة وتسجيل تزايد في حالات الوفاة خلال المرحلة الثانية من الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي، سببه «عدم الالتزام المواطنين بالتدابير الوقائية التي توصي بها السلطات، من ارتداء إجباري للقناع، واحترام التباعد الجسدي، والحرص على نظافة اليدين، وكذا تحميل تطبيق وقايتنا». وأكدت الوزارة أن «استهانة البعض بخطورة فيروس كورونا المستجد، وعدم الامتثال للإجراءات الوقائية أسهما في انتقال الفيروس، خاصة في صفوف الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات مرض كوفيد-19، كالأشخاص المسنين وذوي الأمراض المزمنة (داء السكري، القصور الكلوي، القلب والشرايين، الربو...)، وهو الأمر الذي أدى إلى تزايد نسبة الوفيات، وكذا نسبة الحالات الحرجة التي تتطلب العناية المركزة والإنعاش الطبي». وجددت الوزارة نداءها إلى «كافة المواطنات والمواطنين بضرورة الالتزام الصارم بالإجراءات الوقائية المذكورة آنفا (ارتداء القناع بشكل سليم والتخلص منه بطريقة آمنة، احترام التباعد الجسدي، نظافة اليدين، تحميل تطبيق وقايتنا)، فضلا عن تجنب التجمعات وتفادي البصق في الأماكن العامة، وذلك لتجنب خطورة ومضاعفات انتشار الفيروس»، يورد بلاغ الوزارة. وأوصت وزارة الصحة الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض مرتبطة بالفيروس، كارتفاع درجة الحرارة أو السعال أو فقدان حاسة الشم أو ضيق في التنفس، إلى الإسراع بالاتصال بخدمة «ألو اليقظة الوبائية» 080 100 47 47 أو بخدمة ألو 141 للمساعدة الطبية الاستعجالية، أو خدمة ألو 300 في أقرب وقت ممكن، أو التوجه بطريقة آمنة إلى مراكز الفحوصات المتخصصة لتشخيص مرض «كوفيد-19» القريبة من مكان الإقامة.