أصدر المجلس الوطني للصحافة تقريرا حول آثار جائحة كورونا على الصحافة المغربية، قيم فيه خسائر القطاع، بأكثر من 240 مليون درهم، وهي الأزمة التي لم تستثني قطاع الصحافة الالكترونية، مقدما 30 إجراء لمواجهة الأزمة الهيكلية التي باتت الصحافة المغربية تعانيها. وقد كشف التقرير، الذي أعدته لجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع، أن الصحافة الورقية بالمغرب كانت تخسر 356 مليون درهم سنويا بسبب القراءة المجانية في الأماكن العمومية، مما يفيد بأن أزمة هذه الصحافة ليست أزمة قراءة ولكن أزمة منتوج يتم الاستثمار فيه ماديا وبشريا ولكنه يستهلك بالمجان، مما يجعل الدعم العمومي السنوي للصحافة المغربية والذي يصل إلى 60 مليون درهم تقريبا لا يغطي بالكاد إلا ما يناهز 17 في المائة من تكاليف القراءة المجانية للصحف بالمغرب. كما كشف التقرير، أيضا أن الصحافة الرقمية لم تكن أكثر حظا من نظيرتها الورقية، حيث أن حصتها في السوق الإشهارية التي وصلت إلى 11 في المائة بمبلغ سنوي يقدر ب 600 مليون درهم، تعتبر حصة مخادعة، ويرجع ذلك إلى أن ما يناهز 80 في المائة من هذه الاستثمارات الإعلانية تذهب إلى عمالقة الأنترنيت وخصوصا فايسبوك وغوغل، ولا يتبقى للصحافة الإلكترونية المغربية مجتمعة إلا 120 مليون درهم شقها الأكبر تستفيد منه العناوين الكبيرة المعدودة على رؤوس الأصابع. ووقف التقرير على أن أزمة الصحافة المغربية اشتدت في السنوات الثلاث الأخيرة قبل الجائحة، بحيث وصلت مبيعات كل الصحف إلى ما دون 200 ألف نسخة سنويا، وذلك بانخفاض بلغ 33في المائة بالنسبة لليوميات و65 في المائة بالنسبة للأسبوعيات و58 في المائة في ما يخص المجلات. وعلى نفس المنوال، تراجع نصيب الصحافة الورقية والإلكترونية من الإعلان التجاري ما بين 2010 و2018 بنسبة 50 في المائة، وتفاقم هذا التراجع في الخمسة أشهر الأولى من السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 72,4 في المائة. وعلى هذه الخلفية المأزومة، جاءت الجائحة لتضرب الصحافة الوطنية، بحيث يرصد التقرير آثار تعليق طبع الصحف مع ما استتبع ذلك من إجراءات مؤلمة تخص العاملين بالعديد من المؤسسات، ثم انهيار الإيرادات الإشهارية في الصحافة بنسبة 110 في المائة ما بين 18 مارس و18 ماي 2020 بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019 ليخلص التقرير إلى أن خسائر القطاع الصحافي خلال الجائحة قاربت ال 243 مليون درهم خلال ثلاثة أشهر. ويخلص التقرير إلى أن كورونا، رغم أنها أزمة ظرفية، إلا أن آثارها ستكون قاسية وستعمق الأزمة الهيكلية للصحافة المغربية، ولهذا يقدم ما يقارب الثلاثين إجراء واقعيا وقابلا للتطبيق، لإنقاذ الدور المجتمعي الذي تقوم به هذه الصحافة من خلال خمسة محاور تتعلق بدعم المقروئية وتطوير الدعم العمومي وتنظيم سوق الإعلان التجاري وإعادة النظر في التكوين وتأهيل الموارد البشرية وتقديم تحفيزات لخلق صناعة إعلامية تنافسيّة. يشار إلى أن التقرير، ارتكز على بحث تم في الفترة الممتدة من 25 ماي إلى 4 يونيو، من خلال عينة عشوائية تمثيلية تتشكل من 30 عنوانا، وكذا من خلال الاستماع إلى كل الفاعلين في المجال، ومنهم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف واتحاد المعلنين المغاربة واتحاد وكالات الاستشارة في الاتصال وشركة التوزيع سابريس ومطبعتي الصحف الأكبر في المغرب، بالإضافة إلى استقراء آخر الدراسات المتعلقة بالمقروئية والحالة الاقتصادية للمقاولات الصحافية وسوق الإشهار.