يبدو أن الموقف المغربي الرسمي القاضي بتعليق عملية مرحبا استثنائيا هذا الصيف بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، مع الاحتفاظ بإمكانية إعادة فتح الحدود مع أوروبا متى سمحت التطورات الصحية بذلك ووفق شروط محددة؛ أثار حالة من الانقسام في الوسط السياسي الإسباني، إذ في الوقت الذي تدافع فيه الحكومة المركزية اليسارية بقيادة بيدرو سانشيز عن إعادة فتح الحدود وتسهيل عملية عبور المضيق بين الجنوب الإسباني وشمال المغرب، ترفض الحكومة المحلية اليمينية في الجزيرة الخضراء إعادة فتح الحدود، وهو الموقف نفسه الذي تدافع عنه رئاسة الحكومة المستقلة اليمينية لإقليم الأندلس. يأتي هذا الجدل في الوقت الذي اعتبر فيه المجلس الوزاري الأوروبي، رسميا، أول أمس الثلاثاء، المغرب بلدا آمنا من كورونا، حيث وضعه في خانة 15 دولة يمكن مواطنيها دخول دول الاتحاد الأوروبي دون مشاكل، لكن إسبانيا اشترطت أن يكون فتح الحدود مع المغرب «متبادلا». وفي الوقت الذي أكدت فيه الناطقة الرسمية باسم الحكومة الإسبانية، ماريا خيسوس مونتيرو، أول أمس الثلاثاء، أن مدريد تتواصل مع الرباط بخصوص قضية إعادة فتح الحدود؛ مددت وزارة الداخلية الإسبانية، في اليوم نفسه، إجراء إغلاق مختلف المعابر الحدودية البرية الفاصلة بين الثغرين المحتلين سبتة ومليلية والداخل المغربي إلى غاية يوم 9 يوليوز الجاري، أي قبل يوم واحد من انتهاء حالة الطوارئ في المغرب، في العاشر من الشهر الجاري، وهو اليوم الذي تراهن عليه إسبانيا لإعادة فتح الحدود بين البلدين، رغم أن المغرب لم يقدم إلى حد الساعة أي إشارة قوية توحي بقرب فتح الحدود بعد إغلاقها كليا في 13 مارس الماضي، فيما كانت السلطات الإسبانية أغلقت من جانبها معابر الثغرين في 23 مارس الماضي. وجاء في العدد الأخير (180) من الجريدة الرسمية الإسبانية أنه «سيتواصل، مؤقتا، إغلاق المراكز البرية الموجهة للدخول والخروج من إسبانيا عبر سبتة ومليلية...». وعلى خلاف إيطاليا التي خرجت عن الإجماع الأوروبي من خلال فرض شروط وإجراءات قاسية على لائحة ال15 دولة، بينها المغرب، والتي يسمح لمواطنيها بالدخول والخروج من الاتحاد الأوروبي، أكدت إسبانيا أنها وافقت على اللائحة الأوروبية كما هي، لكن الناطقة باسم الحكومة الإسبانية أكدت، عقب المجلس الحكومي المنعقد أول أمس الثلاثاء بمدريد، أن الحكومة «ستعتمد مبدأ المماثلة مع المغرب، إذ إن الحدود ستفتح معه عندما يفتح حدوده في وجه المواطنين الإسبان»، وأشارت إلى أن المعيار الصحي كان المحدد الوحيد للقائمة الأولية وليس المعيار الدبلوماسي؛ إلى جانب معيار مصداقية الأرقام التي تقدمها الدول، وأضافت أن القائمة لن تكون مستقرة بل ستتجدد كل 15 يوما، حيث يمكن أن تخرج منها دول وتدخلها أخرى، كما أوضحت أن إسبانيا ستشرع في فتح حدودها يومي الثالث والرابع من هذا الشهر، ملقية كرة فتح الحدود في ملعب الحكومة المغربية. وفي جواب لها عن سؤال: هل كانت هناك مفاوضات موازية مع المغرب لإعادة فتح الحدود وعودة المهاجرين المغاربة لقضاء عطلة الصيف في المملكة؟ ردت ماريا خيسوس مونتيرو في الندوة الصحافية قائلة: «حالة المغرب خاصة، لأنه كانت هناك مواقف متباينة حوله من لدن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. فالحكومة الإسبانية، بالضبط، تتحدث دوما مع المغرب من منطلق أن تكون إعادة فتح الحدود متبادلة»، واستطردت أن عودة آلاف المغاربة المقيمين في أوروبا إلى المغرب مرتبطة بموقف الحكومة المغربية نفسها، مبرزة أن إسبانيا مستعدة للتوافق حول الشروط التي ستجري وفقها هذه العودة من أجل ضمان السلامة الصحية. من جانبها، أعلنت الحكومة الإيطالية بشكل غير مباشر عدم استعدادها لفتح الحدود، حيث وافقت على اللائحة بشروط تعجيزية تقريبا. فساعات بعد مصادقة الاتحاد الأوروبي على اللائحة، أصدرت روما مرسوما يؤكد أن كل قادم من البلدان ال15 سيكون عليه الخضوع للحجر الصحي الإجباري، مع فرض المراقبة الطبية، بل أكثر من ذلك، لا يرخص بالدخول إلى التراب الإيطالي إلا لأسباب دراسية أو صحية أو ذات طبيعة مستعجلة. وهو الشيء الذي أكده وزير الصحة الإيطالي، روبيرتو سبيرانزا، قائلا: «لايزال الوضع على المستوى الدولي معقدا. يجب أن نتفادى الإجهاز على التضحيات التي قدمها الإيطاليون في الشهور الأخيرة»، وهي رسالة واضحة من روما إلى بروكسيل مفادها أن الاتحاد تخلى عن إيطاليا في وقت الشدة، ويخطب ودها بعد تجاوز المحنة. وتضم اللائحة النهائية كلا من المغرب والجزائر وتونس وأستراليا وكندا والجبل الأسود (مونتينيغرو)، واليابان، ونيوزيلندا ورواندا وصربيا وكوريا الجنوبية وتايلاند والأورغواي وجورجيا والصين. ويرتبط دخول رعايا الصين إلى الاتحاد الأوروبي بفتح حدودها في وجه الأوروبيين. وفي الوقت الذي انفتح فيه الاتحاد الأوروبي على الدول الثلاث البارزة في المغرب الكبير، واصل الإغلاق الشامل للحدود مع دول مهمة وحليفة وتربطه به علاقات استراتيجية وتجارية مهمة، مثل أمريكا وروسيا والبرازيل والأرجنتين وبلدان البلقان، فضلا عن غياب أغلب الدول العربية والأمريكية اللاتينية عن القائمة.