إذا كانت السلطات المغربية نجحت بالأرقام في احتواء أزمة تدفقات الهجرة غير النظامية قبل وإبان فيروس كورونا المستجد؛ فإن تدبيرها لتجمعات المهاجرين في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وبالضبط في جهة العيون الساقية الحمراء، يطرح أكثر من سؤال، على ضوء المعطيات الآتية من حكومة جزر الكناري في الساعات الماضية. ففي حال صحة هذه المعطيات التي تتحدث عن وصول 25 مهاجرا غير نظامي حاملا لفيروس كورونا، انطلاقا من مياه العيون إلى سواحل جزر الكناري في أقل من أسبوع، فإن تجمعات المهاجرين في جهة العيون الساقية الحمراء قد تتحول إلى "بؤرة جديدة"، على غرار بؤرة لالة ميمونة التي تثير الجدل منذ يوم الجمعة الماضي. هذا في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الصحة المغربية في نشرتها اليومية يوم 14 يونيو الجاري، أن "أن ثلاث جهات تبقى بدون أية حالة نشطة، ويتعلق الأمر بجهات العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب ودرعة تافيلالت، في ما لا توجد إلا حالة نشطة واحدة في جهة سوس ماسة، وهي لطفل يبلغ عمره 13 سنة". في هذا الصدد، كشفت الحكومة المستقلة بجزر الكناري، أن 11 مهاجرا غير نظامي من أصل 31 مهاجرا وصلوا إلى جزر الكناري انطلاقا من المغرب، يوم الخميس الماضي، مصابون بكورونا، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي". وتابع المصدر ذاته أن المهاجرين ال31 كانوا خرجوا من ساحل مدينة العيون. وقبل أن تظهر، مساء أول أمس السبت، النتائج المخبرية للمهاجرين ال31، كان رئيس الحكومة المستقلة لجزر الكناري، بلاس أكوستا كابريرا، أكد، أيضا، إصابة 14 مهاجرا غير نظامي كانوا خرجوا من المغرب يوم الأحد 14 يونيو الجاري، بفيروس كورونا المستجد، مشيرا، كذلك، إلى أنهم خرجوا من ساحل العيون. يشار إلى أن كل المصابين ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء. وعلى غرار "إيفي"، قالت مصادر أخرى، أيضا، إن قاربا كان وصل، يوم الأحد 14 يونيو، إلى أرخبيل "فوينتي بيتورا" بالكناري من العيون على متنه 39 مهاجرا، حيث تأكد، يوم الأربعاء الماضي، أن 14 منهم مصابون بالفيروس. هكذا تسجل وزارة الصحة الإسبانية ما بين 14 و20 من الشهر الجاري 25 حالة إصابة بكورونا بين المهاجرين الواصلين إلى جزر الخالدات من المغرب. وفي الوقت الذي حاولت فيه الجريدة التواصل مع مندوب وزارة الصحة بالعيون والجهات المختصة لكن دون جدوى؛ أفادت معطيات حصلت عليها "أخبار اليوم" من مصادرها الخاصة، أن اكتشاف الحالات المصابة في جزر الكناري دفع السلطات المغربية إلى إجراء مجموعة من الاختبارات للمرشحين للهجرة السرية الآتين من إفريقيا جنوب الصحراء، حيث تأكدت إصابة 30 مرشحا على الأقل في العيون. وتابع المصدر ذاته أن تسجيل أكبر حصيلة إصابات في العيون، بعد أن كانت تسجل حالة واحد في الأيام الأخيرة، رفع عدد الإصابات على الصعيد الوطني إلى حدود العاشرة صباحا من يوم أمس الأحد إلى 118 مصابا. وأردف المصدر عينه أن عملية إجراء الاختبارات للمهاجرين الآتين من إفريقيا جنوب الصحراء ستستمر. كما أنه سيتم البحث عن المخالطين، نظرا إلى أن المرشحين للهجرة ينتقلون من مكان إلى آخر. واستطرد المصدر ذاته قائلا إنه بعد تشديد المراقبة في الشمال، انتقل العديد من المهاجرين إلى الجنوب. لهذا يبقى الإشكال في رصد المهاجرين الذين تصادفوا واختلطوا برفاقهم المصابين في المغرب أو في جزر الكناري. ولم تقدم حكومة الكناري أي معطيات دقيقة بخصوص كيفية انتقال العدوى بين المصابين، سواء في القارب الأول (14 مصابا)، أو القارب الثاني (11 مصابا). وفي انتظار توضيحات من قبل الحكومة المغربية، يبقى التساؤل هو هل جميع الحالات ال25 المسجلة كانت مصابة قبل الخروج من العيون أم أنها أصيبت في البحر أم بعد الوصول مباشرة إلى جزر الكناري. ونذكر هنا أن يوم الأحد 14 يونيو، الذي وصل فيه القارب الأول إلى جزر الكناري، جاء في نشرة الرصد اليومي لوزارة الصحة المغربية أنه تم "تسجيل 101 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد (..)، وتتوزع على كل من جهة الرباطسلاالقنيطرة ب42 حالة، وجهة مراكشآسفي ب21 حالة، وجهة الدارالبيضاءسطات ب13 حالة، وجهة فاسمكناس ب12 حالة، وجهة طنجةتطوانالحسيمة ب9 حالات، وجهة بني ملالخنيفرة بحالتين، وكلميم واد نون بحالتين"، فيما لم تسجل حينها أية حالة في جهة العيون الساقية الحمراء. وحتى بالنسبة للحالات النشطة على الصعيد الوطني يوم الأحد 14 يونيو، قالت وزارة الصحة إنها "تبلغ 816 حالة، أي بمعدل 2.2 لكل 100 ألف نسمة"، مشيرة إلى أن هذه الحالات النشطة توجد بجهات مراكشآسفي (219 حالة)، والدارالبيضاءسطات (211 حالة)، وطنجةتطوانالحسيمة (196 حالة)، والرباطسلاالقنيطرة (125 حالة). وفي نشرة يوم الاثنين 15 يونيو، أكدت وزارة الصحة عدم وجود أية حالة نشطة في جهة العيون الساقية الحمراء. وفي يوم 16 يونيو لم تسجل، أيضا، أية حالة في جهة العيون الساقية الحمراء؛ لكن يوم الثلاثاء 17 يونيو سجلت حالة واحدة جديدة في جهة العيون. ويوم الخميس الماضي 18 يونيو، قالت الوزارة إنه سُجلت حالة إضافية بمدينة العيون، ل"يصل مجموع حالات الجهة 7 حالات". فيما لم تسجل الجهة يوم الجمعة الماضي 19 يونيو أية حالة. في حين لم تسجل الجهة أي حالة إصابة، أيضا، يوم أول أمس السبت. ما يعني أن هناك 7 حالات نشطة إلى حدود الساعة في جهة العيون الساقية الحمراء من أصل 1403 حالات قيد العلاج في جميع التراب الوطني، علما أن مجموع المصابين في المغرب "بلغ 9839 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام وصل إلى 8223 حالة". على صعيد متصل، يبرز تقرير للحكومة الإسبانية، حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه، أنه ما بين فاتح يناير الماضي و15 يونيو الجاري، وصل 6466 مهاجرا غير نظامي إلى إسبانيا عبر المياه الأطلسية أو المتوسطية، بنسبة تراجع بلغت 26 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019، التي سجلت وصول 8741 مهاجرا. هذه السنة وصلوا على متن 346 قاربا مقارنة مع تسجيل 318 قاربا في نفس الفترة من السنة الماضية، أي أنه في الوقت الذي تراجع فيه عدد المهاجرين ارتفع عدد القوارب ب28 في المائة. معطى مهم أورده التقرير يتمثل في ارتفاع عدد الحرّاكة الواصلين إلى جزر الكناري منذ يناير الماضي بنسبة 567 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضي، بحيث انتقل الرقم من 396 مهاجرا إلى 2642 مهاجرا. في المقابل، تراجع عدد المهاجرين الواصلين إلى الجزيرة الإيبيرية وجزر الباليار، عبر المتوسط، بنسبة 53 في المائة تقريبا منذ يناير الماضي، إذ وصل 3773 مهاجرا فقط مقارنة مع 8017 مهاجرا في نفس الفترة سنة 2019. ويظهر جليا نجاح السلطات المغربيات في احتواء تدفقات الهجرة غير النظامية من سواحل وسط وشمال المملكة صوب إسبانيا، من خلال آخر أرقام مندوبية الحكومة الإسبانية في مدينة ألميرية، التي تفيد أن 90 في المائة من الحرّاكة الواصلين إلى مياهها هذه السنة ينحدرون من الجزائر والباقي من المغرب. وشرحت أنه منذ يناير الماضي، وصل 1554 حرّاكا إلى سواحل ألميرية على متن 119 قاربا، حسب "إيفي".