في ظل دق ناقوس الخطر بسبب نقل شبكات تهجير الشباب إلى الفردوس الأوروبي من سواحل مدن الشمال والوسط إلى الأقاليم الجنوبية، تجنبا للدوريات الأمنية المكثفة للسلطات المغربية منذ فبراير 2019؛ حذرت معطيات جديدة من أن ركوب قوارب الموت للعبور إلى الضفة الأخرى لم يعد يقتصر على الشباب المغاربة العاطلين، بل أصبح ينتشر في صفوف البحارة العاملين في مناطق الصيد بمدينة الداخلية. المعطيات ذاتها تتحدث عن هجرة مئات الصيادين المغاربة في الشهور الثمانية الأخيرة إلى جزر الكناري انطلاقا من سواحل الداخلية على متن المراكب التقليدية التي يستعملونها في الصيد أو على متن قوارب مهترئة يشترونها لخوض غمار “الحريك”. هذه المعطيات تتزامن مع حالة الاستنفار التي تسود في جزر الكناري، قبالة سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة، في الأيام الأخيرة، بسبب صدور أرقام رسمية أوروبية وإسبانية جديدة تؤكد أن ضغط الهجرة انتقل من سواحل جنوب الأندلس إلى سواحل جزر الكناري. ما يعني أنه مقابل تراجع عدد الواصلين إلى سواحل الأندلس انطلاقا من المغرب والجزائر، ارتفع عدد الواصلين إلى سواحل الكناري من سواحل الأقاليم الجنوبية وموريتانيا وبعض الدول الإفريقية. مصدر نقابي من قطاع الصيد البحري المغربي كشف لوكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن 500 صياد مغربي تقريبا هاجروا إلى إسبانيا السنة الماضية انطلاقا من الداخلة. نائب رئيس الكونفدرالية الوطنية للصيد التقليدي، حسين منتصر، كشف أن هؤلاء البحارة المهنيين وجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة “قوارب الصيد” الأربع في المنطقة. وأعزى ذلك إلى تراجع عائدات القطاع في الأشهر الأخيرة، علما أن الصيد التقليدي يعتبر العمود الفقري للحركة الاقتصادية التقليدية في المنطقة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”. مصادر أخرى من موانئ الجنوب المغربي أوضحت، أنه عندما يُتحدث عن هجرة المئات من البحارة من الداخلة فهذا لا يعني أنهم كلهم صحراويون، مبرزة أن “هناك مجموعة من مغاربة الداخل الذين يشتغلون في قطاع الصيد البحري بالأقاليم الجنوبية”. وتابعت أن الولوج إلى العمل في الصيد التقليدي قد يستعمله البعض كوسيلة للهجرة. ويعتقد حسين منتصر أن سبب تقلص مناطق الصيد يرجعُ بالإساس إلى عوامل بيئية وأخرى مرتبطة بالأرصاد الجوية، وهو الشيء الذي يؤثر بشكل مباشر على ظروف عيش الصيادين. وعن الكيفية التي يبحرون بها إلى جزر الكناري، يشرح منتصر قائلا: “يجتمع ستة أو سبعة صيادين، ويدفع كل واحد منهم 5000 درهم. في بعض الأحايين يهاجرون على متن قارب الصيد الخاص، في الغالب غير مسجل (لدى وزارة الفلاحة والصيد البحرية)؛ وفي أحايين أخرى يشترون أيضا بطريقة غير نظامية قاربا تقليديا”. وتابع أن “آخر قارب خرج الثلاثاء 4 فبراير 2020)”. وقالت وكالة الأنباء الإسبانية، إن سواحل وادي الذهب تمتد على 667 كيلومترا مربعا، وساهمت ب43 في المائة من كميات الصيد، وب33 في المائة (210 مليون أورو) من مجموع قمة إنتاج الثورة السمكية بالمملكة خلال 2018. ويوفر الصيد البحري 11 ألف منصب شغل مباشر في المنطقة. هذا، وتتخوف السلطات الإسبانية من تحول جزر الكناري إلى منطقة “ساخنة” للهجرة غير النظامية خلال 2020 بعد تسجيل وصول 708 مهاجر إليها على متن 23 قاربا خلال يناير المنصرم، انطلاقا من المغرب وموريتانيا. تقرير صدر حديثا عن الجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان أشار إلى أن تدفقات الهجرة إلى جزر الكناري شهدت ارتفاعا ملحوظا، إذ انتقل من 1425 مهاجرا واصلا إلى جزر الكناري سنة 2018 إلى 2918 عام 2020. وقال إنها “وحدة من الطرق البحرية الخطيرة، والتي أوردت بحيوات 200 شخص” خلال 2019.