حالة من الهلع والخوف تلك التي أصابت العالم خلال الساعات القليلة الماضية بسبب تسارع وتيرة عدوى فيروس “كورونا” وتحوله إلى وباء عالمي، ما استدعى اتخاذ إجراءات احترازية كبيرة همت الكثير من الدول من بينها المغرب، لاسيما مع ظهور الفيروس في دول جديدة، آخرها كندا والولايات المتحدةالأمريكية وأستراليا ثم فرنسا القريبة جغرافيا من المغرب، وحيث يقيم أكثر من مليون ونصف من الجالية المغربية. وزارة الصحة تطمئن أمام تزايد المخاوف من انتقال العدوى إلى المغرب، سارعت وزارة الصحة إلى طمأنة المغاربة، مشيرة إلى “أنه لم يتم تسجيل أي حالة مشتبه بها أو مؤكدة إصابتها حتى الآن بالعدوى، وبأن المنظومة الوطنية للرصد والمراقبة الوبائية قد تم تعزيزها، وأن نظام التشخيص الفيرولوجي وعلاج المرضى المحتملين قد تمت أجرأته وتفعيله”. ولتفادي انتشار الوباء، قرر المغرب تفعيل المراقبة الصحية على مستوى المطارات والموانئ الدولية، وذلك من أجل الكشف المبكر عن أي حالة واردة للفيروس والحد من انتشاره، فيما تواصل الوزارة “اعتبار خطر انتشار الفيروس على الصعيد الوطني منخفضا”، موصية المواطنين ب”عدم اتخاذ أي تدابير وقائية استثنائية، عدا قواعد النظافة المعتادة: غسل اليدين بشكل متكرر، تغطية الفم والأنف في حالة السعال أو العطس، وتجنب الاتصال الوثيق بالمرضى المصابين بأعراض تنفسية”، على حد تعبير بلاغ الوزارة. معلومات عن الفيروس الإجراءات الوقائية التي أوصت بها وزارة الصحة في بلاغها، دعا أيضا مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مصطفى الناجي، المواطنين المغاربة إلى الالتزام بها، خاصة خلال هذه الفترة الشتوية حيث ينتشر الوباء. وأوضح الناجي الذي اشتغل على “كورونا” خلال بحث الماستر سنة 1983، في تصريحه ل”أخبار اليوم”، أن أول تشخيص لهذا الفيروس كان في ستينيات القرن الماضي، وينتمي للفايروسات المقسمة للعائلات، وهذا الفيروس ينتمي إلى عائلة “كورونا”، بحكم أنه عند التعرف عليه عن طريق “ميكروسكوب إلكترونيك”، وتكبيره 300 أو 400 ألف مرة، يظهر لك الفيروس على شكل “قرن”. وأشار الناجي إلى أن مصدر هذا الفيروس وإلى حدود اليوم غير معروف، غير أن الخبراء صنفوه ضمن فيروسات “Arn” إيجابي، ومعناه أنه يتواجد ويتكاثر داخل الخلية، ولهذا يسمى “برازيت أوبليكاطواغ”. أما في حالة لم يصب الخلية أو يتواجد فيها، فأكيد لا ينتشر، على حد تعبير الأستاذ الجامعي الذي أوضح أن هذا الفيروس العائلي هو في الحقيقة “دائم التغيير والتجديد ويظهر في أوجه متعددة، إذ أنه سبق له أن ظهر مرارا قبل سنوات، ثم مع بداية سنة 2020، ظهر مرة أخرى بوجه آخر، لذلك العلماء يعتبرونه فيروسا جديدا، لأنه يحمل جينات جديدة متغيرة، وهذا الفيروس عندما يصيب الشخص، لا تكون لديه آليات لمقاومته في الحين، لأنه مرض جديد لا تملك الذات معرفة مسبقة به ويلزمها الوقت لمقاومته”. وبخصوص كيفية مقاومة المرض، يقول الأستاذ الجامعي مصطفى الناجي إنها تنقسم إلى قسمين، الأول lutte préventive ، وتكون عن طريق التلقيح، الذي يجهز الذات ويحميها، لكن للأسف هذا التلقيح غير موجود أساسا سواء في المغرب أو خارجه، إذ لم يصل العلماء بعد إليه، ثم lutte curative من أجل المعالجة، ونعطي فيها مضادات، وهذه المضادات موجودة ومتوفرة حسب كل حالة، لكن تستلزم التشخيص المبكر عند الطبيب المختص، لذلك يجب على كل مواطن أحس بأعراض المرض التوجه مباشرة إلى المصالح الاستشفائية، وهذا المرض ليس قاتلا أو خطيرا في هذه الحالة، فعدد من المصابين به تماثلوا للشفاء وغادروا المصحات”. فيروس “كورونا” وبحسب ما ذكره الأخصائي في حديثه ل”أخبار اليوم”، نوعان، الأول يصيب الجهاز التنافسي والثاني الهضمي، لكن ما هز العالم خلال الأيام الأخيرة مرتبط بالجهاز التنفسي، وخاصةles voix respiratoire superieur، ومن أعراضه استمرار “ارتفاع درجة الحرارة وضيق التنفس” بشكل لا يشفى، ما يفرض على المواطنين في هذه الحالة التقدم إلى المصالح الطبية من أجل تشخيص المرض، قبل أن ينتشر في الذات”. وأضاف المتحدث: “الشخص من الممكن أن يكون سليما ولكن هذا لا يعني أنه لا يحمل هذا الفيروس، فالفيروس يصبح معديا بعد ساعات من الإصابة، وينتقل أساسا عبر الكتل الهوائية القادمة من الفم أثناء التحدث مع الآخرين”، مسجلا أن “الوقاية تبقى هي خير علاج من الفيروس، خصوصا غسل اليدين، والابتعاد عمن يحملون الأعراض، والذين عادة ما يفرض عليهم حجر صحي لتفادي انتشاره”، على حد تعبير الطبيب المختص في “الفيروسات”. السفارة: لم يصب أي مغربي أما بخصوص الجالية المغربية المقيمة في الصين موطن الفيروس الجديد، حيث تم تشخيص إصابة 1975 شخصاً، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الوفيات بسبب هذا الفيروس إلى 56، فقد أعلنت سفارة المغرب ببكين أن مصالحها تتابع الوضع عن كثب في تنسيق مستمر مع السلطات الصينية ومع أبناء الجالية المغربية في هذا البلد. ودعت السفارة جميع أفراد الجالية المغربية إلى التحلي بالحيطة واتباع جميع الإجراءات الوقائية التي أعلنت عنها السلطات الصينية ، علما أن منظمة الصحة العالمية لم تصنف، لحد الآن، انتشار هذا الفيروس كحالة طوارئ. وأكد مصدر من سفارة الصين في بكين ل”أخبار اليوم”، أنه وإلى حدود صبيحة أمس الأحد، لم تسجل السفارة أي حالة إصابة بالفيروس الجديد في صفوف مغاربة الصين، بمن فيهم الطلبة المغاربة الموزعون على جامعات البلد. وأشار مصدرنا إلى أن مصالح السفارة على تواصل دائم مع عشرات من الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم في جامعة “هوبي” للتكنولوجيا بمدينة “ووهان”، على اعتبار أنهم عالقون داخل المدينة بعدما طالبت السلطات الصينية السكان بعدم المغادرة، وقامت بتعليق العمل بالمطارات ومحطات القطارات ووسائل النقل العامة الأخرى، وهو الحجر المفروض على المدينة في ظرفية زمنية تصادف عطلة السنة القمرية الجديدة، حيث يتنقل الصينيون والأجانب من أجل الاحتفال.