يبدو أن قرار اعتقال الصحافي عمر الراضي قد فجّر واقعا مسكوتا عنه يتعلق بموجة اعتقالات تستهدف نشطاء الفايسبوك، علاوة على الصحافيين والحقوقيين، إذ لا يشكل الراضي، الذي أطلق سراحه اليوم الخميس، سوى الحلقة الأخيرة في مسلسل اعتقالات شمل لحد الآن 7 مواطنين آخرين، بعضهم معتقل وبعضهم يجري الاستماع إليه من قبل الشرطة القضائية، وهي تطورات دفعت الحقوقي عبدالرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى وصف ما يجري بأنه “الأسوأ منذ بدء مسار التراجعات في صيف 2014″. موجة الاعتقالات على خلفية تدوينات في الفايسبوك، شملت لحد الآن، عمر الراضي (الدارالبيضاء)، وعبدالعالي باحماد الملقب ب”بودا غسان” بالخنيفرة، والناشط الحقوقي رشيد سيدي بابا بمدينة طاطا، التلميذ (أ.م) بمدينة مكناس، وحالة (إيمان.و) أستاذة متعاقدة بآسفي، واستدعاء لحسن هلال أستاذ متعاقد ببني ملال، علاوة على الشاب سعيد شقور من مدينة تطوان. ويلاحظ أن بعض هؤلاء اعتقلوا بسبب تجاوزهم للخطوط الحمراء (سب وشتم المؤسسات والرموز الوطنية)، مثلما هو الحال مع شاب تطوان الذي اعتذر بعد ذلك ويُتابع في حالة اعتقال حتى الآن، أو تلميذ مكناس الذي تمت متابعته بتهم منها “إهانة المؤسسات الدستورية” وقضت المحكمة في حقه بثلاث سنوات سجنا، لكن أغلب من اعتقلوا أو جرى الاستماع إليهم من قبل الشرطة القضائية، تعرضوا لذلك بسبب التعبير عن الرأي والموقف، مثلما هو الحال مع الصحافي عمر الراضي، الذي وجهت له تهمة “إهانة قاض”، فقط لأنه انتقد الأحكام القاسية الصادرة في حق نشطاء حراك الريف، أو أستاذة آسفي، التي جرى الاستماع إليها بسبب دعوتها إلى مسيرة 20 يوليوز الماضي، على خلفية وفاة والد أستاذة آسفي جراء تعرضه للقمع الأمني، فقط لأن الشرطة القضائية اعتبرت المسيرة غير مرخص لها. ويأتي اعتقال الناشط الحقوقي، رشيد سيدي بابا، بمدينة طاطا على خلفية دعوته إلى وقفة احتجاجية تندد ب”نهب ثروات المنطقة من طرف مستثمرين إماراتيين”، لتشكل آخر حدث في مسلسل الاعتقال الذي يشمل مواطنين يعبرون عن مواقف نقدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وظهر رشيد سيدي بابا ب”فيديو” خلال لحظة توقيف من قبل قوات الدرك الملكي، بينما كان يلتقط صورا بالقرب من قصر للإماراتيين يوجد جنوب طاطا بنحو 60 كلم، بالقرب من واحة “أقا”، ويدعو إلى التظاهر ضد الوجود الإماراتي هناك، بحجة أنهم “ينهبون ثروات المنطقة”. وجرى تقديم سيدي بابا أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطاطا، الذي قرر متابعته في حالة اعتقال، بتهمة “تعنيف رجل سلطة وإهانة القوات العمومية”، مع إحالته للمحاكمة يوم الخميس 2 يناير، وهو اليوم عينه، الذي ستعقد له الجلسة الثانية لمحاكمة الصحافي عمر الراضي. تواتر الاعتقالات في صفوف الصحافيين ونشطاء الفايسبوك دفع الحقوقيين إلى تشكيل “اللجنة الوطنية من أجل إطلاق سراح الصحافي عمر الراضي ومعتقلي الرأي والدفاع عن الحريات”، يوم السبت الماضي، تنسق عملها الحقوقية البارزة، خديجة الراضي، وينوب عنها الحقوقي عبدالرزاق بوغنبور، وهي اللجنة التي قررت أن تحدث لها فروعا محلية، لمتابعة حالات الاعتقال والملاحقة الأمنية التي تجري لنشطاء فايسبوكيين في الأطراف وبعيدا عن المركز. وقال عبدالرزاق بوغنبور، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “اعتقال الصحافي الراضي كان النقطة التي أفاضت الكأس”، وكشف أن اللجنة الوطنية قررت تنظيم ندوة صحافية يوم 8 يناير المقبل من أجل الكشف عن كل الحالات، مؤكدا أن “حالة الراضي بيّنت أن هناك سلسلة اعتقالات تجري دون أن ينتبه إليها أحد”. وأضاف بوغنبور “أن السلطة قد تبرر الاعتقالات بأن البعض تجاوز الخطوط الحمراء، لكن بالنسبة إلينا كحقوقيين نؤكد أن وتيرة الاعتقالات ليست منطقية، ونعتبر أن حرية الرأي والتعبير مقدسة، ولا نقبل أن ننهي هذه السنة بمزيد من التضييق على حقوق الإنسان”. واعتبر بوغنبور أن سنة 2019 “تعد الأسوأ حقوقيا، ما يدفعنا إلى توقع الأسوأ، كذلك، في سنة 2020، لكن يبقى لدينا أمل في أن تنتصر حقوق الإنسان في النهاية، لقد ذهب البصري وبقيت الحقوق والحريات”.