أجهش “ميمون. ب“، المتهم الرئيس، في ملف تزوير الجنسية المغربية لصالح الإسرائيليين، بالبكاء أمام هيئة الحكم،أثناء مواجهته مع المتهمة الرئيسة “أمينة. ب“، التي اتهمها بالإساءة إلى سمعته كثيرا مع أصدقائه الإسرائيليين،مؤكدا أنه كان يمدها بملفات سليمة لمساعدة الإسرائيليين للحصول على الوثائق المطلوبة. وظهر “ميمون. ب“، أمام هيئة الحكم بالقاعة 8 بغرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء،أول أمس الخميس، بلباس رياضي وصندال جلدي وجوارب ممزقة، نافيا كل التهم المنسوبة إليه، وموضحا أن لا علاقةله مع الموظفين المعتقلين في الملف، وأنه لم يسلم أي أحد منهم رشوة، مشيرا إلى أن رئيس مصلحة جوازات السفربعمالة آنفا كان صارما جدا في عمله، مستشهدا بحادث سابق، حين توجه إليه لطلب مساعدته بخصوص جواز سفرشقيقته، غير أن رئيس المصلحة رفض تماما، مطالبا بحضور المعنية بالأمر. ونفى المتهم الرئيس، البالغ من العمر 65 سنة، والذي عاش حياته بين المغرب وإسرائيل التي انتقل إليها وهو في سن10 سنوات، التهم المنسوبة إليه في تزعم الشبكة وصياغة وثائق مزورة لصالح إسرائيليين مقابل عمولات مالية تصلإلى آلاف الدولارات، موضحا أنه تعرّف على “أمينة. ب” وعلم أنها تجيد التعامل مع ملفات الإسرائيليين الراغبين فيالحصول على الجنسية المغربية، وهو ما جعله يسلمها مجموعة ملفات ابتدأها ب10، قبل أن يزودها بملفات أخرىمتلاحقة، مشددا على أنه لم يكن يعلم المساطر التي تسلكها، متسائلا أمام المحكمة كيف يتم إقحام اسمه في كلالخروقات، خاصة من طرف المتهمة الرئيسة، أمينة. وأثناء المواجهة، بعدما نادى المستشار علي الطرشي، رئيس الجلسة، على “أمينة. ب“، التي أكدت أن ميمون كانيرافقها إلى الملاحق الإدارية، خاصة بوسمارة ودرب الطاليان وموسى بن نصير، مضيفة أنه كان أحيانا يتوجه إلىالمصالح الإدارية لوحده ويحصل على الوثائق المطلوبة، وكان على اتصال بجميع الموظفين الذين يساعدون الشبكة فيالحصول على الوثائق المطلوبة لإنجاز البطائق الوطنية وجوازات السفر المغربية لصالح الإسرائيليين. وأوضح ميمون، الذي استقر بالمغرب طيلة 19 سنة تاركا زوجته وأبناءه الثلاثة بإسرائيل، أنه بحكم مهنته فيالسياحة كان يلتقي مجموعة من الإسرائيليين القادمين إلى المغرب قصد السياحة، موضحا أنه كان يعمل علىالتدخل لبعضهم عند “أمينة. ب” قصد الحصول على الجنسية المغربية، غير أن الأخيرة نسجت علاقات مباشرة معالإسرائيليين، وصارت تشتغل لوحدها معهم دون علمه، إلى أن قرر قطع علاقاته بها والالتجاء إلى المتهمة الرئيسةالثانية “إحسان. ج” من أجل مساعدة أصدقائه الإسرائيليين في الحصول على الوثائق المطلوبة. وحاول حكيم الوردي، ممثل النيابة العامة، استدراج المتهم الرئيس، بعدما أخبره بأنه عاش طويلا في المغرب،وبالتالي، فمعرفته باللغة الدارجة المغربية ستكون من المسلمات، وهو ما لم ينفه المتهم الذي استعان في أغلب أجوبتهبالقاضي العبري لدى المحكمة المدنية، الذي تم تعيينه كترجمان في الملف، ليؤكد أنه لا يفهم اللغة العربية قراءة وكتابة،وأيضا على مستوى التحدث، غير أنه أحيانا يتحدث الدارجة المغربية بطلاقة أثناء بعض الانفعالات. وارتأى المستشار علي الطلفي، رئيس هيئة الحكم، إجراء مواجهة له مع المتهمة الرئيسة الثانية “إحسان. ج” بخصوص تصريحاتها أمام الضابطة القضائية بأن مجموعة من الوثائق التي عثر عليها أثناء المداهمة تعود لميمون،غير أنها أوضحت للمحكمة في جلسة، أول أمس، أن الوثائق كانت بالبيت الذي أخذها إليه المتهم الرئيس، وأن البيتيأتي إليه عدد كبير من الإسرائيليين، مضيفة أن الوثائق قد تعود لأحدهم، وليس بالضرورة له. وكشف ممثل النيابة العامة أن الخبرة التقنية التي أجريت على هاتفين في ملكية “ميمون. ب” مكنت من العثور علىصور عديدة لوثائق تخص الإسرائيليين ضمنها جوازات سفر، غير أن المتهم أجاب أنه بحكم اشتغاله في استقبالالوفود الإسرائيلية، فإنه من الطبيعي أن تكون لديه صور جوازات سفرهم، إلا أن ممثل النيابة العامة واجهه مرة أخرىبأن من بين الوثائق توجد عقود ازدياد، متسائلا كيف يمكن تفسير ذلك، علما أنها لا تدخل في إطار المساعدة علىتسهيل إجراءات زيارة المغرب سياحيا. وكان “ميمون. ب” قد هاجر رفقة عائلته إلى إسرائيل وعاش بمدينة “أشدود“، حيث تعاطى مجموعة من الحرفاليدوية والأعمال الحرة كصناعة الألمنيوم وتوزيع الحليب والتجارة الحرة، غير أنه لم يقطع علاقته مع المغرب بلد المنشأ،وبقي يزور المغرب في إطار زيارات عائلية وسياحية، والحرص على حضور تجمعات الطائفة اليهودية، غير أنه فضلالاستقرار بالمغرب سنة 1990، لينطلق في عمل جديد باستقبال الوفود الإسرائيلية في إطار السياحة، بعدما حصلعلى الجنسية المغربية بناء على عقد ازدياده بمنطقة آنفا بالدار البيضاء، حيث تطورت أعماله وتوسعت لتشمل إشرافهعلى استصدار تأشيرات من مراكز الحدود، والحصول على عقود الازدياد وجوازات السفر المغربية بالنسبة إلىالراغبين في اكتساب الجنسية المغربية، وكذا العمل على تحصيل تأشيرات لزيارة المغرب، مستندا على علاقاته التينسجها مع موظفين عموميين يعملون بمختلف المصالح. غير أن عمله المتواصل بالمغرب أثر على علاقته مع زوجته التيبقيت مع أبنائه الثلاثة بإسرائيل، وتوصلا إلى الطلاق في السنة الماضية، بعد زواج دام 47 سنة. وكانت المحكمة في وقت سابق من جلسة، أول أمس الخميس، واصلت الاستماع إلى الإسرائيلي “ليور. ح“، والذيكان محط استماع في الأسبوع المنصرم، بعد الإدلاء بوثائق متناقضة وطلب النيابة العامة بمهلة للمحكمة للاطلاععليها والتدقيق فيها، حيث واجهته النيابة العامة أول أمس بمجموعة من الإجراءات التي تخص ملفه قصد الحصولعلى الجنسية المغربية، كما طلب دفاع المتهم الإسرائيلي استدعاء والدته، وهو ما لم تعترض عليه النيابة العامة. ومثل بعد ذلك أمام الهيئة آخر الإسرائيليين المستفيدين من خدمات الشبكة، حيث نفى “عصام. ح” التهم الموجهةإليه، موضحا أنه سبق وكلف محام إسرائيلي مقابل أتعاب بلغت 20 ألف درهم، كما كان يرافقه محام مغربي، إذكان يلتقي بهم في أحد المقاهي، موضحا أن المتهم الرئيس “ميمون. ب” يعرفه أغلب الإسرائيليين الذين يزورونالمغرب ويتعاملون معه ويثقون به، متابعا أن “إحسان. ج” ساعدت أبناءه الأربعة للحصول على الجنسية المغربية، ولاعلم له بالمبالغ التي قُدّمت مقابل تلك الخدمة. وانتهت، أول أمس الخميس، مرحلة الاستماع إلى المتهمين في شبكة تزوير الجنسية الإسرائيلية، لتنطلق في الجلسةالمقبلة مرافعات النيابة العامة، والمناقشة التي تَعِد بمفاجآت في القضية، وسط غموض يلف ملفات أخرى لمتهمينبالاستفادة من وثائق مغربية مزورة، والتي لاتزال رهن التحقيق لدى عبدالواحد مجيد، رئيس الغرفة الأولى للتحقيقبمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.