في ظل الجدل الكبير الذي يثيره سوق المحروقات في المغرب بسبب هيمنة فاعلين اقتصاديين معينين عليه، لاسيما بعد كشف تقرير برلماني أرباحا لاأخلاقية بقيمة 17 مليار درهم خلال سنة ونصف؛ أبرزت معطيات جديدة أن العملاق الدولي «الشركة الإسبانية للبترول»، المعروفة اختصارا ب«ثيبسا»، دخلت بقوة على خط سوق المحروقات بالمغرب، بعدما حصلت على الضوء الأخضر من الحكومة المغربية والإسبانية، إلى جانب الإمارات التي تمتلك أغلبية أسهم الشركة، وبدرجة أقل أمريكا. ولا يعرف، إلى حدود الساعة، هل هولدينغ الملياردير الصحراوي الدرهم هو الذي استنجد بالعملاق الإسباني للفرض حضوره في السوق المغربية، أم إن الشركة الإسبانية، التي تتحكم فيها الإمارات، استعملت الهولدينغ الصحراوي للدخول مباشرة للاستفادة من البنيات التحتية الموجودة لدى هولدينغ الصحراوي ومعرفته بالسوق المغربية، وتجنب بعض المساطر البيروقراطية. لكن، يبقى الهدف من اندماج الشركتين في إطار مشروع مشترك هو الإسهام في خلق التنافسية في سوق المحروقات المغربية التي مازالت تحتكرها شركات بعينها، وفق ما عبرت عنه تقارير اقتصادية إسبانية احتفت بشكل كبير بولوج الشركةِ السوقَ المغربية. في هذا الصدد، أوضحت الشركة الإسبانية أنها افتتحت، في شراكة مع هولدينغ الدرهم، شبكة من محطات المحروقات في المغرب، و«هي خطوة إلى الأمام في التوسع الدولي للشركة في سوق الطاقة، وفي تعزيز نموذج أعمالهما المتكامل»، وتابعت أن «الشركتين ستشتغلان في المغرب من خلال مشروع مشترك، حيث تسهم كل منهما بنسبة 50 في المائة»، إذ إن «هولدينغ الدرهم سيسهم بمعرفته بالبلد الذي ينشط فيه منذ 50 عاما»، فيما تقدم Cepsa علامتها ونموذجها الناجح في إسبانيا والبرتغال، باقتراح يؤسس على جودة المنتجات وخدمة الزبناء وعلى 90 سنة من التجربة في القطاع». هذا التحالف بين الشركتين تبلغ قيمته الاستثمارية في البداية 120 مليون أورو، تشمل تطوير تجارة البيع المباشر لفاعلين آخرين، وزبناء صناعيين والقطاع العام. وسيشيد هذا التحالف محطة للتخزين في ميناء الجرف الأصفر بمدينة الجديدة. وتقول الشركة الإسبانية إن التحالف مع الدرهم سمح لها بأن «تتحول إلى أول علامة إسبانية في سوق محطات المحروقات بالمغرب»، مبينة أن «هدفها، في المرحلة الأولى، هو فتح 100 نقطة للبيع -ما يمثل 4 في المائة من حصة السوق- في السنوات الخمس المقبلة، ثم الاستمرار في النمو باطراد»، لأن «هدف الشركتين هو الإسهام في خلق التنافسية في سوق الطاقة المتنامي بالمغرب». وقد شرح المدير التجاري للعملاق الإسباني، آلفارو دياث بيلد، سبب الرهان على سوق الطاقة بالمغرب، قائلا: «المغرب منطقة مفتاح بالنسبة إلى Cepsa. كان لدينا حضور في البلد منذ 30 عاما، والآن نبدأ هذا المشروع الجديد وكلنا أمل، جنبا إلى جنب مع فاعل محلي مجرب، هو هولدينغ الدرهم. القرب الجغرافي لمصفاتنا التكريرية (من المغرب) وخبرتنا الواسعة تسمحان لنا بالدخول وبقوة إلى هذه السوق المتنامية، حيث نأمل مواصلة رفع نشاطاتنا». من جهته، أشار دحمان الدرهم، رئيس هولدينغ الدرهم، إلى أن «هذا التحالف جزء من الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا التي دشنها الملك محمد السادس، لتعزيز الاتفاقيات الاقتصادية الموجهة إلى تقوية العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك الطاقية». وعلى الرغم من أن الشركة الإسبانية لم تكن لها محطات في المغرب، فإنها موجودة في السوق المغربية منذ أكثر من ثلاثة عقود، إذ سهل قرب مصافيها تصدير الوقود والإسفلت ومواد التشحيم إلى المملكة، علما أنها تصدر إلى المغرب سنويا أكثر من مليوني طن من الوقود للنقل البري والجوي. ويرى رشيد أوراز، الباحث المغربي في الاقتصاد، في تصريح ل«أخبار اليوم»، أن دخول شركة واحدة إلى سوق المحروقات، مهما بلغ حجمها، لن يؤثر، وليس كافيا، كما أنه ليس حلا، وأضاف أن دخول الشركة الإسبانية للمغرب يعني أنها حصلت على الضوء الأخضر من الجهات المعنية، علما أن 63 في المائة من أسهم هذه الشركة إماراتية وال37 في المائة الأخرى أمريكية. وقد اعتذر خبراء آخرون مغاربة، اتصلت بهم الجريدة للتعليق على دخول فاعل جديد عملاق إلى سوق المحروقات بالمغرب، عن عدم التعليق لغياب أي معطيات بهذا الخصوص، كما حاولت الجريدة الاتصال برئيس مجلس المنافسة، إدريس الكراوي، دون جدوى.