قرر الدكاترة الموظفون بالمغرب، خوض إضراب عام بسبب التهميش الذي يطالهم بالمؤسسات الحكومية، عبر إسناد مهام لا تناسب مؤهلاتهم، ولا تستثمر كفاءاتهم، حيث وصل الأمر ببعض القطاعات إلى تكليف الدكاترة بعملية النسخ والطبع، ضاربين عرض الحائط جميع الحقوق التي أبرمها المغرب، وكذلك المواثيق الدولية. وأعلن الدكاترة اليوم الأربعاء تنفيذ إضرابهم، منتقدين غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة المغربية، من أجل إنهاء هذه الأزمة التي يعيشها الدكتور الموظف، ويطرح علامات استفهام حول جمود هذا الملف، الذي كان قريبا من التسوية سنة 2011، حيث أعطى الوزير الأول السابق عباس الفاسي تعليماته في تكوين لجنة وزارية للانكباب على إيجاد صيغة متوافق عليها، وإنهاء الظلم الكبير الذي يطال نخبة موظفي الدولة المغربية وكفاءاتها. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور إحسان المسكيني، رئيس الاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب، أن الإضراب الوطني المقرر بجميع المؤسسات الحكومية، جاء بسبب جمود الملف، موضحا أن الحكومة لم تقم بأي مبادرة، أو خطوة من أجل تسوية وضعية دكاترة الموظفين، علما أن هذا الملف لا يكلف الحكومة أي اعتمادات مالية إضافية، لأن جل الدكاترة مرتبون خارج السلم، مشيرا إلى أن المؤسسات الجامعية تعرف خصاصا في الأساتذة، الشيء الذي يجعل هذا الملف قريبا من التسوية. واستغرب الدكتور إحسان، في اتصال مع «أخبار اليوم»، طريقة تعاطي الحكومة مع وضعيتهم، خاصة أن الملك في خطبه الأخيرة دعا إلى استثمار الكفاءات الوطنية ووضعها في مواقع تخدم الشأن العام. مؤكدا أن الدكاترة بالمغرب مهمشون ومقصيون من أي مشاركة في النموذج التنموية، وهو ما سيفرز عواقب سلبية على المغرب، معلنا أن الاتحاد شكل لجنة خاصة من الدكاترة، انكبت على إعداد مشروع متكامل، الذي صار جاهزا، من أجل تسوية وضعية الدكاترة الموظفين على أساس إطار أستاذ باحث، داعيا الحكومة للتجاوب مع هذا المشروع قصد طي الملف نهائيا. وعقد المكتب الوطني للاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب يوم الأحد 20 شتنبر2019 بالمقر المركزي للاتحاد بفاس، اجتماعا للتداول في أوضاع الدكاترة الموظفين بالمغرب على كافة المستويات، خلص من خلاله إلى عدم رضاه عن طريقة التعامل لبعض القطاعات الوزارية مع موظفيها من الدكاترة، واستغلال كفاءاتهم في غياب إطار يناسب شهادة الدكتوراه؛ ومنها تكليف دكاترة قطاع الصحة بالتدريس داخل معاهد تكوين الممرضين، وإشرافهم على البحوث العلمية داخل المختبرات، وتأطيرهم للطلبة القادمين من الجامعات في سلك الإجازة والماستر، وإصدار وزارة التربية الوطنية مذكرات تكليف داخل مراكز مهن التربية والتكوين، ووضع الأساتذة الحاصلين على شهادة الدكتوراه في مرتبة واحدة مع أساتذة لهم شواهد أقل، وهو أمر يتنافى مع المادة 14 من مرسوم إحداث وتنظيم هذه المراكز، التي تعطي الأولوية في تعيين حاملي شهادة الدكتوراه كأساتذة باحثين في هذه المراكز، وهذا يضرب عمق الشعارات المرفوعة لإصلاح المنظومة التربوية، زيادة على قيام بعض الدكاترة في قطاعات عديدة بتقديم دراسات وبحوث دون استفادتهم من أي تعويض أو إطار يتناسب مع الشهادة التي يحملونها. ورفض الدكاترة في بيانهم، «المغالطات» التي يتم الترويج لها عن هذه الفئة من طرف بعض المسؤولين، كاعتبار أن هذه الفئة متقدمة في السن، وهو ما رد عليه اتحاد الدكاترة في إحصاءاته أن فئة الدكاترة الموظفين أغلبها حديثة التوظيف، وأن أكثر من 75 في المائة لا يتعدى عمرها 40 سنة، وأنها تقوم بأنشطة البحث العلمي لفائدة المؤسسات الجامعية، وكذلك تقدم الدروس النظرية والتطبيقية داخل الكليات والمعاهد العليا بدون مقابل، إسهاما منها في التطوير التعليم العالي باعتبار أن الدكتور هو باحث في الأصل، كما يؤكد أن أغلب الدكاترة (80 في المائة) مرتبون خارج السلم، وأن تسوية وضعيتهم لن تكلف خزينة الدولة أي اعتمادات إضافية مالية، بل ستكون هذه المناصب ربحا للدولة لترشيد النفقات من جهة ووضع هذه الفئة في المواقع التي ستخدم الشأن العام، خاصة أن الجامعات المغربية تعرف خصاصا في نسبة التأطير الذي ينعكس سلبا على جودة التعلمات، وكذلك تجويد الإدارة المغربية، وهذا يتماشى مع الخطاب الأخير للملك حول استثمار مؤهلات الكفاءات الوطنية الموجودة.